غيرت التنسيقية الوطنية من أجل التغيير والديمقراطية وجهتها أمس إلى ساحة الشهداء علها تحقق فيها ما لم تستطع تحقيقه في ساحة أول ماي بعد رفض سكان المنطقة الانسياق مع هذه المسيرة التي وصفوها ب''المفبركة'' وتخدم مصالح سياسية غامضة. غير أن التنسيقية أخطأت مرة أخرى الحسابات حيث صدمت هذه المرة بشباب الأحياء العاصمية الذين عبروا عن رفضهم القاطع للانسياق وراء هذه الفئة التي تتبناها جهات تود ضرب وزعزعة أمن واستقرار البلاد. سرعان ما تحولت المسيرة التي كان يفترض أن ترفع شعارات مناهضة للنظام إلى مشادات بين المتظاهرين وسكان المنطقة، بعدما توافد عشرات الشباب من أبناء الأحياء المجاورة لمساندة الدولة مرددين شعارات أكدوا فيها أنهم لن يسمحوا بجرهم إلى مسيرة يراد بها أغراض شخصية مشيرين إلى عدم العودة الى سنوات الدم التي عاشتها الجزائر. واتهم شباب المنطقة ممن تحدثوا ل«الشعب» التنسيقية الوطنية من أجل التغيير والديمقراطية بتعطيل مصالحهم وتجارتهم. وقالوا أن ساحة الشهداء منطقة تجارية يكثر فيها الباعة وهم يحصلون على رزقهم في النشاط فيها. الأمر الذي خلق نوع من المشادات بينهم وبين المتظاهرين حاولت قوات الأمن السيطرة عليه بتهدئة الجو المشحون في الساعات الأولى من صباح أمس. وقد سجلنا بعين المكان شكاوي العديد من المواطنين ممن جاؤوا من باب الفضول، لتعرضهم إلى حالات السرقة حيث استغل العديد من المشاغبين الذين كانوا يتربصون الوقت المناسب لانفلات الوضع والخوض في عمليات السرقة والسطو على المحلات المفتوحة بعين المكان، ومزاولة نشاطهم التجاري بصورة عادية، وهو الأمر الذي تفطنت له قوات الأمن ومنعت وقوعه. كما حالت مصالح الأمن التي كانت حاضرة بقوة وبمختلف التشكيلات دون انفلات المسيرة، حيث سارعت بتطويق المحتجين ومنع تقدمهم في أي اتجاه، ضاربة بينهم ومعارضيهم طوقا بشريا للحيلولة دون احتكاك ومشادات، هذا ما تأكد لنا في تغطية الحدث. وقد حشدت السلطات المحلية الآلاف من قوات الأمن وأغلقت جميع المنافذ المؤدية إلى وسط العاصمة باتجاه مجلس الأمة حيث انتشرت الشرطة بأعداد كبيرة مدعمة برجال مكافحة الشغب معززة بعربات مصفحة منذ الصباح الباكر بالساحة ومحيطها. وأغلقت شوارع رئيسة مجاورة بالحواجز، باعتبارها مسيرة غير مرخص لها، وتمكن بالمقابل عدد قليل فقط بينهم رئيس الرابطة لحقوق الإنسان والقيادي بالتنسيقية وبرلمانيين من حزب التجمع من اجل الثقافة والديمقراطية من بلوغ محيط ساحة الشهداء وسط انتشار امني مكثف بعد أن حاول سكان المنطقة التعدي على سعيد سعدي متهمينه بتعطيل مصالحهم اليومية وتجارتهم. ونذكر أن المشاركين في المسيرة لهذا السبت كان اقل عددا من سابقتيها بأول ماي، وقد تفرقوا بعد وقت قليل من انطلاقتها. وبالمقابل تظاهر عشرات الأشخاص تأييدا لرئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة رافعين شعارات مؤيدة للسياسة المنتهجة والقرارات المعلن عنها حول تشجيع التشغيل والتكفل بالمواطنين والشباب.