يشهد قطاع الجمارك منذ التغيير الحاصل على رأسه سنة 2006، حركية ملموسة على جميع المستويات، بما ينعكس إيجابا على أداء ونتائج هذا السلك الاستراتيجي الذي يلعب دورا مهما في حماية الإقتصاد الوطني من التهريب والقرصنة وتبييض الأموال والغش والتقليد والجريمة العابرة للقارات، وكل أشكال الفساد. وليس من الممكن مواجهة مثل هذه المعضلات للتخفيف من أضرارها وحدّتها التي تصيب الإقتصاد الوطني بدون نصوص وأدوات قانونية وإمكانيات لوجيستيكية هائلة وتعداد كاف، ناهيك عن الاعتناء بالجانب الاجتماعي للأعوان الجمركيين وكل المنتسبين للمؤسسة الجمركية من حيث الإستجابة لانشغالاتهم الإجتماعية والمهنية وتمكينهم من الإرتقاء بها وبأدائهم، ورفع التحديات التي تفرضها العولمة وكسب رهانات المستقبل. إرتفاع في تعداد أعوان الجمارك سجلت مؤسسة الجمارك منذ تعيين السيد عبدو بودربالة مديرا عاما لها ارتفاعا محسوسا في تعداد الأعوان الجمركيين قدّره ذات المسؤول في لقاء خاص مع »الشعب« بنحو 5 آلاف عون جديد منذ سنة 2006 إلى اليوم، بعد أن كان عددهم لا يتجاوز 14 ألف، وهذا الرقم مرشح للإرتفاع إلى 25 ألف عون ومستخدم في آفاق 2015، حسب ما هو مخطط له. وتطرق إلى جانب آخر مهم في برنامجه ألا وهو عصرنة قطاع الجمارك، مؤكدا أن »العصرنة تشكل حجر الزاوية في خطته لارتباطها الوثيق بالرفع من آداء القطاع«، وقال في هذا الخصوص موضحا: »لقد تم تحقيق برنامج العصرنة، من حيث قانون الجمارك الذي تم إعداده والإنتهاء من صياغته، وهو موجود حاليا على مستوى الوصاية، أي وزارة المالية، وكذا القانون الأساسي للجمركيين، وهذا الأخير صدر بالجريدة الرسمية، لكن تطبيقه مرتبط بالإفراج عن نظام المنح والعلاوات من طرف مديرية الوظيف العمومي«. وأضاف: »لقد رصد لبرنامج العصرنة 10 مليار دينار، سمح بفتح ورشات عديدة ذات أولوية قصوى تعني أيضا مخططا لإنجاز عديد المشاريع المتمثلة في منشآت إدارية مرفقة لأول مرة في تاريخ الجمارك الجزائرية ببنايات مستقلة تؤمّن للأعوان العزّاب بالخصوص الإيواء والإقامة بالقرب من مقار عملهم، وهو ما من شأنه أن يوفّر أقصى ما يمكن من الإستقرار ومن عوامل تحسين ظروف العمل والعيش لهؤلاء، وبصفة خاصة لأولئك الذين يتم انتدابهم للعمل في مناطق نائية«. وفي باب التجهيز حيث تتولّى المديرية المركزية التي تمّ إنشاؤها على مستوى المديرية العامة مهمّة التكفل بالمنشآت والتجهيز وبعملية تجديد حظيرة هيكلة مصالح الجمارك، أشار السيد بودربالة إلى أنه »تم اقتناء جهازي (سكانار) متنقّلين من أحدث طراز، في انتظار استلام أربعة أجهزة أخرى ثابتة ستضاف إلى ستة أخرى من هذا النوع، تعمل حاليا على مستوى ميناء الجزائر مملوكة له، والذي يستحوذ لوحده على نسبة 60٪ من مجموع النشاط التجاري، جنى منه العام الماضي عائدات قدّرت ب122 مليار دينار«. وبحسب ذات المسؤول، فإن أي محاولة عطب لأجهزة ال (سكانار) سيصدر عنها عقوبات مشدّدة للمشرفين المباشرين عليها. وبدوره، كشف السيد جازولي بوجلطية مدير الإدارة العامة بالجمارك أنه »تم صرف 30 مليار في تجهيز الأعوان بزي رسمي جديد مميز يحمل شارة تعرِّف بكل عون، مثل هذا المبلغ يمثل الشطر الثاني من هذه العملية المندرجة ضمن مخطط عصرنة القطاع قد تم رصده«. مرسوم تنفيذي يحدد الهيكل التنظيمي للمديرية العامة من أجل إنجاح برنامج العصرنة بمفهومها الشامل بالنسبة للقائمين على هذا القطاع الحسّاس، تم إصدار هيكل تنظيمي، وتحديد مهام المصالح المركزية على مستوى المديرية العامة، وذلك بمقتضى مرسوم تنفيذي مؤرخ في 24 فيفري 2010، يتضمن على وجه الخصوص: استحداث هيئة مكلفة بتقديم تسهيلات جمركية بهدف ترقية وتنشيط المبادلات التجارية للمستثمرين والمصدرين، وتجسيد وظيفة الأنظمة الجمركية الإقتصادية كهيكل مركزي لترقية هذا الميكانيزم حتى يكون رافدا اقتصاديا لفائدة المؤسسات. إنشاء مديرية للتحصيل ترمي إلى تأطير الوظيفة الأولية، وهي تحصيل الحقوق والرسوم الجمركية والحفاظ على مصالح الخزينة العمومية. بعث هيئتين مركزيتين مكلفتين على التوالي: بالمراقبة والمعلومة الجمركية، وهاتين الوظيفتين تساعدان بالتأكيد على التخصص في مجال الرقابة وتطوير المراقبة الجمركية وتسيير المخاطر والمكافحة الفعّالة للآفات الإجتماعية، مثل التهريب بأشكاله، تبييض الأموال، الغش والتقليد والقرصنة.. إلخ. كما استحدثت المديرية العامة للجمارك في إطار الجهود الرامية إلى مكافحة الرّشوة مفتشية عامة مهمتها مراقبة الأعوان أثناء تأدية مهامهم، ومتابعة أدائهم، خصوصا أولئك الذين يعملون على مستوى نقاط الحدود، ينبثق عنها أربع مفتشيات جهوية. إقرار بصعوبة القيام بحركة تنقلات يقرّ السيد عبدو بودربالة، بصعوبة القيام بحركة تنقلات في صفوف الأعوان والإطارات العاملين بالمطارات والموانئ والنقاط الحدودية الأخرى، لارتباطها بالعامل الإنساني، وتحديدا بالجانب الإجتماعي، فهي تتطلب توفير الإيواء لكل من تشمله الحركة وتبعده عن مقر إقامته. وأوضح بهذا الخصوص: »عندما استلمتُ مهامي على رأس المديرية العامة وجدت وضعية جمود كبيرة، جعلت الحركة معطّلة وإن كانت فهي محتشمة أو بطيئة جدا أو محدودة، فهناك من ظلّ في نفس موقع عمله بمطار الجزائر الدولي مثلا لمدّة تفوق الربع قرن؟!.. وعليه، كان لابدّ من التصرّف لتحريك هذا الجمود الذي لا يخدم أبدا لا القطاع ولا الإقتصاد الوطني..«. وأكد بأن مثل هذه الوضعية التي ورثها »غير منطقية ولا معقولة«، قائلا: »عملية الحركة ليست سهلة كما يتبادر إلى الأذهان من الوهلة الأولى، إذ أن »زحزحة« أيٍّ كان خصوصا إذا كان يعمل بالمطار على سبيل المثال لا تخلو من الصعوبة ومن التدخلات، وهو ما نرفضه رفضا باتًّا ولا نعير له أي إهتمام، لأن هدفنا الأول هو مصلحة القطاع التي تبقى فوق أي اعتبار آخر«. وأضاف تبعا لذلك: »تم نقل ما لا يقل عن 300 عون وإطار كانوا يعملون بمطار الجزائر من إجمالي تعداده الذي يزيد عن 1100 جمركي إلى مصالح أخرى.. والعملية ما تزال مستمرة وتعرف وتيرة أسرع.. وهو ما أمكن بالنزول في عمر الأقدمية من حيث مدة العمل بنفس الموقع إلى 8 سنوات، خصوصا على مستوى المطار المذكور وحتى في بعض الموانئ والمصالح الخارجية الأخرى«. وقدّر بدوره مدير الإدارة العامة بالمديرية العامة للجمارك، نسبة الذين شملتهم الحركة في المصالح الخارجية على المستوى الوطني إلى حدّ اليوم ب35٪، وهي لا تستثني أحدا مهما كان منصبه وموقعه، حسب تأكيد المدير العام الذي أوضح بهذا الخصوص: »يتم إجراء حركة التنقلات بعد الحصول على الضوء الأخضر من السلطات العليا للبلاد، وللشريك الإجتماعي المتمثل في الفيدرالية الوطنية لعمال الجمارك رأي فيها، كون أن المديرية العامة تتشاور وتنسّق معها، كما أن العملية تجري وفقا للقانون والإجراءات المعمول بها... ويحق لكل معارض تشمله أن يتقدّم بطعن لدى اللجنة المختصة للنظر في حالته.. وتكون الحركة حسب الهدف المسطّر سنوية للأعوان العاملين في المطارات والموانئ، وما بين سنتين إلى 3 سنوات لأصحاب المناصب الحسّاسة في مصالح خارجية أخرى.. وهي تندرج في صميم طبيعة العمل الجمركي، بحيث تساعد العون على اكتساب التكوين والدراية من خلال ممارسة مهامه في مواقع ومصالح متعددة في مختلف أنحاء الوطن، وكلّما كانت المدّة في موقع العمل قصيرة فإن مخاطر الوقوع في فخ الإغراء حتى لا نقول الرشوة والفساد تقلّ، وعليه يمكن القول أن حركة التنقلات بصفة منتظمة ودورية تعدّ بمثابة حماية للعون الجمركي من هذا الجانب. تقييم عقود النجاعة اليوم، وبعد أن تجاوزت مؤسسة الجمارك مرحلة تأهيل القطاع مقتحمة بكل ثبات واقتدار عهد الثورة الرقمية والعصرنة، بعد أن تم تمكينه من الوسائل والإمكانيات المادية والأدوات القانونية، حان الوقت لتحقيق نتائج أكثر جدوى تخدم الإقتصاد الوطني. لقد وضعت إدارة الجمارك في المرحلة الأولى من برنامجها إجراءات لتقييم عمل ومردودية مختلف مصالحها، بما يمكن من تحقيق الأهداف المرجوة في إطار السياسة المرسومة والإستراتيجية التي تنتهجها، في وقت يجري فيه تقييم مدى تطبيق عقود النجاعة الموقَّع عليها سنة 2009، وهي تعني كل المسؤولين ضمن خارطة طريق حددت من طرف المديرية العامة لكل منهم.