رصدت «الشعب» أمس خطط الشرطة في التعامل مع المسيرات على مستوى ساحة أول ماي ومختلف المناطق التي احتضنت المسيرات. واطلعت على العديد من الإجراءات الجديدة التي تتبعها مصالح الأمن للتحكم في المسيرات والحفاظ على النظام العام وضمان السير العادي لحياة المواطن وحماية المتظاهرين من أية اعتداءات والتصدي لأية مفاجآت غير سارة محتملة وهذا بهدوء ورزانة كبيرتين. أظهرت مصالح الأمن منذ بدء الدعوة للمسيرات غير المرخصة بالعاصمة تجربة وحنكة كبيرتين في التعامل معها من شتى الجوانب مراعية التحولات التي تعرفها الجزائر من كل الجوانب، وهو ما يؤكد الطريق الصحيح للاصلاحات التي باشرها القطاع منذ سنوات والتي تسعى السلطات العمومية منها المديرية العامة للأمن الوطني منذ التحاق اللواء عبد الغني هامل لترسيخها في صفوف عناصر الأمن للتأهب الى رهانات المستقبل والتحديات التي تنتظر عناصره. أبرزت مختلف المسيرات غير المرخص لها بالعاصمة التي دعت اليها مختلف الأطراف منذ بداية السنة الجارية التحولات الكبيرة للشرطة حيث وقفت «الشعب» على التوجيهات التي ظل يقدمها اللواء عبد الغني هامل في الميدان تطبيقا للسياسة الوطنية الجديدة. وهي سياسة تؤكد على تكامل الجهود واطلعنا على كبار ضباط الأمن الوطني في الصفوف الأولى لتنظيم المسيرات رفقة أعوان الأمن. أدى هذا الوضع إلى تحفيزهم على بذل جهود أكبر وتجسيد جميع التعليمات الخاصة بتأطير المسيرات وعدم الوقوع في الأخطاء التي تستغلها العديد من الجهات لتوجيه التهم لعناصر الأمن باستعمال القوة والتعسف. وما يلاحظ على مسيرات ساحة الوئام المدني''ساحة أول ماي سابقا'' أو تلك التي أقيمت في ساحة الشهداء والمدنية وعين البنيان خلال الأسابيع الماضية هو التحضير الجيد والاستباقي للمسيرات مع الاشارة الى دقة المعلومات التي تعتبر أساس بناء الاستراتيجيات. فتطويق أماكن التجمهر وتقسيم عناصر الأمن وضبط المداخل والمخارج واختيار أماكن عناصر الأمن الاحتياطية تحسبا لأي طارئ كلها عمليات كانت تجرى بدقة كبيرة وبتوقيت مناسب جنب العاصمة انزلاقات أمنية هي في غنى عنها. فالمسيرة التي كانت مقررة أمس بساحة الوئام المدني تميزت بوضع خطة أجهضتها قبل البدء فيها وهذا من خلال تسييج ساحة الوئام المدني والساحة المتاخمة لمدخل مصطفى باشا الجامعي والساحة المتواجدة فوق أنفاق ساحة أول ماي ومنه ضمان السير الحسن لحياة العادية ومنع أي تصادم مع أصحاب المحلات والمتظاهرين، حيث توعد التجار اصحاب المسيرات برد فعل عنيف بعد تسجيل تراجع كبير في أنشطتهم أيام الوقفات الاحتجاجية، وهي المعطيات التي سمحت للأمن الوطني من حماية العاصمة من أية أعمال عنف. التقليل من استعمال المركبات والسيارات الخاصة بالشرطة اهتدت المديرية العامة للأمن الوطني إلى التقليل من الاستعمال المفرط لمركبات وسيارات الشرطة وذلك من خلال اللجوء إلى حافلات ومركبات نقل المسافرين الخاصة بالعمال والمواطنين مثلما وقفنا عليه في مختلف المسيرات الأخيرة وهذا لتفادي أي تأويل أو تهويل في أخذ هذا الجانب لعكس صورا تنبئ بتدهور الأوضاع أو خطورتها خاصة وأن وسائل الاعلام الأجنبية التي تركز على الجزئيات الثانوية في تهويل الأخبار وتضخيمها من خلال الاستشهاد بعدد مركبات وعناصر الأمن لنقل صور بخلفيات تحريضية شكلت رأيا عاما سلبيا حول التعامل مع المسيرات في الجزائر. وقد نجحت نفس المصالح في هذا المسعى من خلال توزيع متساو لمركبات عناصر الأمن بشكل يجعل من حضورها امرا عاديا جدا بدون غلق للطرقات ولا التجمهر في منطقة واحدة حتى لا يجلبوا الانتباه. وركزت الشرطة تموقعها بعيدا نسبيا عن مناطق المسيرات مع استغلال بعض الأماكن التي لا يلاحظها الجميع لوضع قواتها الاحتياطية. وخلت عمليات تأطير المسيرات من أية عمليات عنف أو تجاوزات عدا بعض التدافع الذي تسببت فيه حشود المتظاهرين وتعاملت معه قوات الأمن بليونة كبيرة. ودفعت حنكة عناصر الأمن في المسيرة التي نظمت الأسبوع الماضي من انقاذ مناضلي ''الأرسيدي'' من اعتداءات شباب حي المدنية الذي رفضوا بعنف تنظيم مسيرة بعين المكان. وهو ما كاد يتسبب في أحداث شغب لا تحمد عقباها، وهو نفس الأمر الذي كاد يحدث في ساحة الشهداء قبل 15 يوما. وبدورها أظهرت الشرطيات عن قدرات فائقة في التنظيم والتدخل وسجلت حضورهن بجدارة لكسب تجربة أكثر والاطلاع على حيثيات العمل الميداني تحسبا لتحديات المستقبل. كما لم ترد الشرطة على مختلف الاستفزازات التي تعرضت لها على مدار جميع المسيرات التي نظمت، وهو الأمر الذي ظل يشدد عليه اللواء عبد الغني هامل على عناصره موضحا بان مكانة الشرطة تاخذ باحترام القانون وترسيخ سلوك يحترم المواطن الذي يعتبر حجر الزاوية في انجاح عمل الشرطة في غرس ثقافة المواطنة.