لم تلق مسيرة أمس، بساحة الوئام المدني أي صدى وسط الشارع العاصمي، حيث أصبحت بالنسبة لهم روتينا أسبوعيا مملا لا يعيروه أي اهتمام، واقتصر الحضور على عدد قليل من الأشخاص المنضوين تحت حزب الأرسيدي، يتقدمهم زعيمها سعيد سعدي، هذا الأخير حضر لبضع دقائق قبل أن يغادر مكان التجمع، فيما أحكمت مصالح الشرطة طوقا أمنيا كعادتها بفضل احترافيتها والتزاماها بتعليمات القيادة العامة للأمن الوطني، وتحكمت جيدا في الوضع، دون تسجيل أي تجاوزات. أجمع المواطنون الذين اقتادهم الفضول للتفرج على ما يجري بساحة الوئام المدني، أنها مسيرة فاشلة بكل المقاييس، في حين لم يفهم آخرون المغزى منها، وتساءل أحدهم »ماذا يقصدون بالتغيير«، في وقت عبر آخرون بنوع من الفكاهة »هل فعلا يحتاج هذا العدد القليل من المتظاهرين، هذا العدد الكبير من وسائل الإعلام«، فيما وصفها آخرون بأنها فقدت جميع ملامح المسيرة، وأنها »لاحدث«. وكان الرابح الأكبر في هذه المعادلة، عناصر الأمن الوطني التي تمكنت من التحكم الجيد، وبسهولة في المسيرة، لسبب بسيط يتعلق بالعدد القليل من الأشخاص الذين حاولوا التوجه نحو ساحة الشهداء. وكعادتها التزم عناصر الشرطة بتعليمات القيادة العامة للأمن الوطني في التعامل مع الوضع، ولم تلجأ لأي شكل من أشكال العنف الجسدي أو اللفظي ضد المتظاهرين أو الفضوليين، حيث تحلّت بالليونة في تفريق المواطنين الذين قادهم الفضول للوقوف قبالة مستشفى مصطفى باشا الجامعي، وفي أنحاء متفرقة من ساحة الوئام المدني للتفرج على ما يحدث، في وقت أبدى أعوان الشرطة احترافية وليونة كبيرتين في التعامل مع المتظاهرين، الذين حاولوا في بعض الأحيان نرفزتهم، والتزم خلالها أعوان الأمن بالهدوء وضبط النفس سيما في بعض المواقف التي أراد خلالها المتظاهرون الدخول في اشباكات مع عناصر الشرطة، لإيهام الرأي العام أنهم تغرضوا للمضايقات، خاصة في ظل التواجد الإعلامي الأجنبي. وقامت قوات الأمن بتفريق المتظاهرين، حيث حاصرت مجموعة منهم، من بينهم الأمين العام للأرسيدي سعيد سعدي عند مدخل مستشفى مصطفى باشا الجامعي للحظات ليتم فتح البوابة الرئيسية عقب ذلك، وبعد نحو ساعة ونصف من بداية التجمع، تمت تفرقة المتظاهرين الذين رفعوا كالعادة مطالب تنادي ب»تغيير النظام السياسي« بهدوء ودون تسجيل حوادث. وكان اللواء عبد الغني هامل المدير العام للأمن الوطني، قي تصريح له أول أمس، ثمّن دعم المواطنين في الحفاظ على النظام العام خلال المسيرات، وإحباطهم لمحاولات زعزعة استقرار الوضع، واعتبر ذلك مكسبا هاما طالب رجال السلك بتعزيزه من خلال السلوك المثالي وبرودة الأعصاب، منوّها بالعمل الذي تؤديه قوات مكافحة الشغب على أكمل وجه والذي يجري غالبا في ظروف صعبة، محمّلا المخلين بالنظام العام المسؤولية في لجوء الشرطة إلى استعمال »القوة المشروعة« للتصدي والحدّ من تصرفات وسلوكات العنف.