الوفاء لثورة نوفمبر ضمان لاستقرار الوطن تعتبر رسالة الشّهداء من أقوى الرسالات الموجودة في العالم، بحيث أصبحت الآن تدرس بالمخابر العالمية، التي اهتمت كثيرا بالثورة الجزائرية حسب ما أكّده ل «الشعب» الدكتور احمد قوراية، أستاذ جامعي محاضر وخبير في علم النفس، وذلك راجع إلى الشفرات النفسية الموجودة في تلك الرسالة، بحيث هذه الشفرات تقبلها كل الشباب آنذاك، لأنها تضرب إلى عمق نفسية الجزائري، الذي كان يعيش مضطهدا إبان مرحلة الاستدمار. قال قوراية إنّ الجزائري إبان مرحلة الاستدمار، فهم أنّه ملزم بالدفاع عن وطنيته بكل ما أوتي من قوة، كونه أن يعيش مرحلة تركت فيها حقوق الناس وحقوق الوطن، الحرية دون أن يناقش بعض التفاصيل، مثلا في اتفاقية ايفيان التي ترمي إلى مرحلة ما بعد الاستقلال، ولم ينطلق صناع 1 نوفمبر من «الصالونات مثل ما نراه اليوم «، بل انطلقوا من قضية يؤمنون بها ويعيشونها، ولم ينطلقوا من جامعات ومعاهد كبرى، بل انطلقوا من المساجد والزوايا، والتي كانت انطلاقة مشجعة لخوض غمار البحث عن الحرية. ومن جانب آخر - أضاف قوراية - نجد بعض الذين تشبعوا بالعلم والمعرفة، كانوا مصباحا منيرا لتحرير الوطن أمثال العالم العربي تبسي، الذي كان عالما وأحرقته فرنسا في زيت ساخنة، بالاضافة إلى الأطباء، والأكيد - كما قال - أن كل هؤلاء كانوا شبابا، سواء كانوا مجاهدين أو شهداء، مبرزا أهمية البعد النفسي الشخصي، الذي أنتج مقاومة والكفاح حتى التحرر، مستدلا بقول الله تعالى: {منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر وما بدّلوا تبديلا} (صدق الله العظيم). البعد الرّوحي أنار الدّفاع عن الوطن للوصول إلى الحرية حتى بعد الاستقلال: «شاهدنا أنّ البعد الروحي والبعد المعرفي العلمي، هو الذي أنار فعلا الدفاع عن الوطن للوصول إلى الحرية، وبقيت تلك الرسالة النوفمبرية هي المرجعية الوحيدة في الحفاظ على حرية الوطن واستقراره». ذكر الخبير في علم النفس أنه بعد الاستقلال «لاحظنا بعض المجاهدين يحاضرون للشباب حول الثورة الجزائرية العظيمة»، من خلال ندوات ومحاضرات مثل ما كان يقوم به الراحل عبد الرحمان شيبان وبعض المجاهدين الآخرين كانوا يهدفون من خلال عملية تواصل بين الجيلين (قبل الاستقلال وبعده)، إلى تفسير تلك الرسالة النوفمبرية، وتوضيحها لشباب المستقبل، مركزين أساسا على القوى النفسية التي تصنع المعجزات، التي تحشد الهمم والتي تعرفهم نفسيا واجتماعيا، بأن الشباب الجزائري اليوم في 1 نوفمبر 2018 ينتمي إلى تاريخ قبل وبعد نوفمبر 1954. ولهذا - يقول قوراية - أصبح لزاما على شباب اليوم أن يبقوا أوفياء لرسالة نوفمبر وإلى بيان نوفمبر أيضا، حتى نحافظ على استقرار وطننا والدفاع عنه، في ظل ما يحدث من تحولات عالمية جائرة ونظام دولي جديد ظالم، الذي ينتهك حرمات الأوطان ويهدد إستقرارها وأمنها وخيراتها، وأن يكون الحفاظ على استقرار وأمن الجزائر عنوان كل شاب جزائري. نعم للتّكنولوجيا والعصرنة... لكن بدون الانسلاخ والذوبان كما يجب الحفاظ على الهوية الجزائرية المحضة والدفاع عن اللغتين العربية والامازيغية والتقاليد، وفي نفس الوقت «أن ندخل الحداثة والعصرنة بدون الانسلاخ والذوبان في الطرف الآخر، الذي يسعى إلى تغيير توجهات الشاب الجزائري، شأنه في ذلك شأن الشباب العربي من خلال التكنولوجيا الدقيقة، التي تستهدف البعد النفسي له، وتحوله من شخصية ثائرة التي كان يمتاز بها الشهداء والمجاهدون، إلى شاب تحت رحمة وعبودية العالم الافتراضي، الذي أسسه النظام الدولي الجديد، والذي يملك القلوب ونفسية الشباب من خلال إغراءات نفسية تدرس في المخابر الأجنبية - على حد تعبيره - وأمام هذه الإغراءات الخطيرة دقّ الدكتور قوراية ناقوس الخطر، بضرورة الاهتمام بشريحة الشباب من خلال التزود بالعلم والمعرفة، وإعادة غرس الثّقة في نفوسها، من خلال تهيئة التنشئة الاجتماعية، ومن خلال إعداد برامج شبانية وطنية لاسترداد تلك الثقة عن طريق الوعي النفسي والاجتماعي، الذي يهدف إلى التمسك بحب الوطن والوطنية.