جدد رئيس الدولة في خطابه للامة اول امس العزم والتصميم على خوض مكافحة الفساد والرشوة بلا هوادة باعتبار الظاهرة تشكل خطرا مميتا للمسار الديمقراطي ولديناميكية التنمية المستدامة وتوفر مناخا خصبا لنمو اي تهديد محتمل لمستقبل الاجيال التي جددت العهد مع روح الانتماء للوطن واعلنت خيارها بوضوح لصالح بناء دولة القانون التي لا مجال فيها لبؤر الفساد بمختلف انواعه بما في ذلك المحسوبية التي تنخر الادارة الوطنية وتوسع من رقعة الهوة بين الارادة السياسية المعلنة وبعض الممارسات على الارض مما يضر بعنصر الثقة. لقد اخذ الفساد منحى ينذر بالخطر على المجموعة الوطنية برمتها لكونه يصيب في حقيقة الامر مقدرات الامة المالية والعقارية من خلال اعمال الاختلاسات والتبديد والرشوة واهدار المال العام وتبييض المال الناجم عن شتى انواع الانشطة التي تصنف في قاموس الفساد ومن بينها ما هو شائع التهريب والتعاطي مع انشطة الارهاب والمضاربة وتجارة المخدرات مما دفع بالدولة الى تسليط الاهتمام بالظاهرة التي وان خضعت لاجراءات مكافحتها الا انها تبدو مصممة على مقاومة الارادة السياسية الواضحة في انتظار ما ستحمله الاسابيع القادمة من قرارت عملية تضرب معاقل الفساد والفاسدين والتضييق على من ركبوا هذه الموجة معتقدين بالخطأ ان عهد من اين لك هذا اصبح من الماضي بينما هو السؤال الذي يترجم ويجسد حقيقة مكافحة الفساد. واذا كانت الظاهرة ترافق نمو وتطور المجتمع البشري في حدودها الدنيا القابلة للسيطرة فانها للاسف ترعرعت في بلادنا بشكل مخيف اضر بسلم القيم القاعدي الضامن للبناء الاجتماعي والسياسي والاقتصادي السليم وزاد الانفتاح الاقتصادي ونمو دائرة الارتياح المالي بفضل البحبوبحة النقدية المشكلة من الموارد البترولية من جانب ومجهود الضغط على الجبهة الاجتماعية سنوات التسعينيات خاصة برامج التصحيح الهيكلي من جانب آخر وليس جديدا قائمة تلك القضايا المصنفة في خانة الفضائح مثل الخليفة وسوناطراك وصفقات الطريق شرق غرب واختلاسات البنوك وغياب الشفافية حول عمليات الخوصصة التي التهمت من خلال عمليات تبدو انها دبرت بليل عددا كبيرا من المؤسسات الاقتصادية العمومية في مرحلة معينة دون المرور عبر عمليات البورصة المعطلة الى اليوم الى جانب عديد المشاريع في قطاعات دسمة تسيل لعاب السماسرة واصحاب النفوذ وقد رصدت لها الدولة موارد هائلة مثل الاشغال العمومية والري والبناء والصحة والتربية والنقل والثقافة والمنظومة البنكية وغيرها. وبلا شك ان القاضي الاول في البلاد اراد ان يوجه رسالة قوية الى المجموعة الوطنية مفادها ان اي اصلاح او طموح لاوضاع افضل من الديمقراطية وحرية المبادرة الاقتصادية يمر وجوبا عبر الالتفاف حول مكافحة الفساد ومساهمة كل الشركاء في اخلقة الحياة العمومية ومن ثمة اعتبار الامر قاسما مشتركا يستوجب التصدي له في الاتجاهين العمودي والافقي فيكون المواطن مهما كان مركزه الاجتماعي والاقتصادي بسيطا اول من يكافح الفساد ليس بعدم التعاطي معه فقط وانما ايضا بالحرص على فضحه وعزل ممارسيه.