مازالت الساحة السياسية تحت رحمة البهرجة والدعاية المضادة حيث اظهرت الأحزاب السياسية ضعفا كبيرا في مسايرة التحولات الوطنية والدولية من خلال برودة النشاطات وخلوها من مواقف وتصريحات تجلب الرأي العام نحوها وتزامن هذا التراجع في الحركية بعد مرور أكثر من 12 يوما على خطاب رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة الذي أعلن فيه الكثير من المبادرات لتعزيز وتكريس الديمقراطية. وعكس التصويت على قانون البلدية هشاشة الوضع السياسي وتشتت الأحزاب مع مواصلة حزبي التجمع الوطني الديمقراطي وجبهة التحرير الوطني التمسك بزمام العمل السياسي حيث يشكلون الأغلبية على مستوى البرلمان والحكومة ومؤشرات بروز قوى سياسية جديدة تقلق الحزبين بعيدة نوعا ما، فالحراك السياسي الذي عرفته بلادنا من جانفي الى منتصف مارس بدأ يتراجع وهو ما يعكس غياب برامج سنوية لدى الأحزاب الفاعلة التي تؤكد من يوم لآخر ومن مناسبة لأخرى بعدها كل البعد عن الهدف الذي أنشات من حوله وهو تنشيط الساحة السياسية ومساهمتها في التنشئة الاجتماعية والسياسية للمجتمع وتقديم المقترحات والأفكار المجددة والموجهة للاصلاحات غير أنه لا شيء تحقق. وحتى الحماس الذي ميز بداية المسيرات والتجمعات الشعبية بقاعة الاطلس وبعض قاعت الوطن تراجع بصفة محسوسة وتبين أنه بهرجة سياسية هدفها تقليد بعض الحركية التي عرفتها العديد من الدول العربية ولكن رفض الشعب الجزائري الانسياق في نشاطات لا تسمن ولا تغني من جوع وراء تشكيلات ريعية زاد من برودة النشاط السياسي. ولم تتجاوب التشكيلات التي كانت ترغب في انشاء أحزاب سياسية مع ما يجري في الساحة وتخندقت في الصفوف التي تنتظر مبادرات السلطة وترد عليها بسلبية وهو ما يجعل مؤشرات تنشيط العمل السياسي بعيدا كل البعد عن الممارسة الديمقراطية. وتنتظر مبادرات رئيس الجمهورية القاضية بتعديل قانون الانتخابات والأحزاب مقترحات جادة في سياق البحث عن تشريعات تشارك فيها جميع القوى الفاعلة بما يضمن تنوع الرأي والأفكار لأن التشاور وفتح المجال امام الجميع يكون صمام أمان للمستقبل ويزيل كل بوادر الانشقاق والفتن مستقبلا.