21 سنة مرت على التعددية الاعلامية في الجزائر ويطرح معها السؤال الكبير المردد على الالسنة اين موقع العناوين الاعلامية الجزائرية من الحدث الذي يخلد في كل جهات المعمورة. وتقيم فيه الانجازات والاخفاقات لا على اساس اطلاق العنان للقلم والكاميرا من اجل المرثيات والبكاء على الاطلال لكن للنظر في كيفية جعل من هذه المحطة مرجعية للتقويم والتجدد.. فقد كثرت الاصوات وتعالت في الجزائر كلما حل هذا الموعد وتمادت الالسنة في الحديث عن حرية الصحافة، لكن برؤى مغايرة، متناقضة، متصادمة في الكثير من الحالات حسب موقع ومشرب ولون كل طرف او مجموعة. قاسمهم المشترك الواحد والوحيد كيف السبيل لبناء منظومة اعلامية يفتخر بها في جزائر التحول والتغيير، ويشاد بها كواجهة اخرى للديمقراطية التعددية التي لا تخشى الكلمة الصادقة ولو مرة، ولا تغيب الحقيقة مهما كبرت وتعقدت بعيدة عن السلوك السلبي والقاعدة المسوقة خطأ «كل من يعارضني فهو ضدي» يستدعي محاصرته وتهميشه وابقائه اسير الممنوعات الى يوم الدين. فقد اختلف الاعلاميون الجزائريون حول واقع مهنة المتاعب ما لها وما عليها، وقاموا بمشادات كلامية في هذا الظرف الحساس. وتبادلوا التهم من اعلى المنابر والندوات الفكرية. لكنهم اجمعوا على حقيقة واحدة ان تجربة التعددية تتعزز في الميدان بالممارسة التي يكون فيها السقوط والتعثر، خطوة انطلاق للامام للأجدر والافيد وليس نهاية المطاف والمشوار. ولم يحمر وجه احد في صيرورة التعددية الاعلامية التي برزت فيها الصحافة المكتوبة، وكسبت الريادة والمصداقية وهي تعمل ما في المقدرة من اجل تحسين اداء خدمة مهنة المتاعب، والخروج الابدي من التهم الملصقة ببعض العناوين كاعتبارها صحافة صفراء، او صحافة «الفاست فود» او صحافة الاثارة، والتفوه بكل شيء دون سند ومصدر يعطيها الثقة وقوة التعبير لا تتزعزع ولا تتراجع. ويظهر للملأ كيف تقدم الصحافة المكتوبة في الليالي الحالكات الدرس الحي في الدفاع عن الوطنية والهوية، كلما كانت هناك حملات تضليل ومحاولة المساس بالقرار السياسي والسيادة. وكانت المسألة واضحة للعيان في اضطرابات ليبيا، عندما لم يتوقف ما يعرف بالمجلس الوطني الانتقالي في نفث سموم ضد الجزائر، واتهامها بأشياء ما انزل الله بها من سلطان. كانت المسألة واضحة في هذه الحالة، عندما تحولت الصحافة في يوم وليلة الى منابر حرة، تتقاسم الادوار دفاعا عن جزائر السيادة والحرية المطلقة. واضعة من يتجاوزون الخط الاحمر عند حدهم. وليس في هذا الموقف الذي عبرت عنه الصحافة الجزائرية بشقيها العمومي والخاص، اكتشافا ومفاجأة، فهي ادت هذا الدور على احسن حال في مختلف المحطات والمراحل واعادت الصورة المقلوبة الى توازنها في زمن انقلابات المواقف والثورات على المبادىء والثوابت والقيم. انها قاعدة راسخة يحسب للتعددية الاعلامية المعززة بآليات وتشريعات قيد التحضير تعيد لها الاعتبار والثقل. هي تحسب للعناوين التي دخلت على الخط لتعزيز المشهد الاعلامي، والدفاع عن الجمهورية وابقائها قائمة لا تهتر. ولن يقدر احد على تجاهل ذلك الدور الذي ادته الصحافة الجزائرية بامتياز على مدار ازيد من عشرية عندما كانت الجزائر تحت السنة الدعاية الهدامة والاشاعة المسمومة المرددة من منابر فضائيات تدعي انها وحدها مالكة للحقيقة المطلقة «من يقتل من». ثم «من يتصالح مع من». والحملة لم تتوقف. والدرس لم يحفظ بتخصص الصحافة الجزائرية السائرة على الدرب بنفس القوة ليس فقط لتغطية الاحداث لكن لصنع الرأي العام، وفرض نفسها شريكا في البناء الوطني.