يبدو أن أزمة استخراج شهادة الميلاد «أس 12» ستعرف انفراجا كبيرا، بعد أن تقرّر إدخال تعديلات على القانون الخاص بالحالة المدنية رقم 20 70، والذي يعود إلى فيفري 1970، وتكيّفه مع المتطلّبات الحالية من خلال تفعيل جميع الإجراءات التي من شأنها القضاء على الاختلالات المتسببة في تذمّر المواطنين وتعطيل المصالح الإدارية. وينتظر من خلال هذه الإجراءات تفادي الفوضى والتأخر الفادح في استخراج شهادة من نوع «أس 12»، حتى ولو أن عملية تطبيقه ستشهد بعض الصعوبات في الوهلة الأولى حسب العارفين بخبايا الحالة المدنية، كون السجلات الأصلية توجد بالمصلحة الأم التي تم إعفاؤها. وينتظر من خلال التعديلات الجديدة إعادة النظر في أعمال الإدارة لتكييفها مع المستلزمات والتحديات المختلفة، بتعزيز علاقة الثقة التي تربط المواطن بالإدارة، وإعادة الاعتبار للمرفق العام وتحسين أدائه. فقد ركّزت الإجراءات الجديدة التي أقرّها وزير الداخلية في الاجتماع الأخير الذي جمعه مع الولاة، على حتمية التخفيف من حجم الملفات الإدارية، وتوحيد الإجراءات لإزالة الاختلالات وعصرنة المصالح التي لها علاقة بالمواطن لضمان ظروف استقبال أحسن للمواطنين، مع إعطاء أهمية خاصة للحالة المدنية التي تشكل القاسم المشترك لجميع المصالح المستقبلة للمواطنين، والتي تشكل المصدر الأساسي لأغلبية الوثائق المطلوبة. ولعل من بين أهم التعديلات المقترحة التي سيعرفها قانون الحالة المدنية والمتعلقة بشهادة «أس 12»، تأطير المستخرج الخاص من عقود الحالة المدنية رقم 12 بنص تنظيمي يتكفل بالتغيرات الطارئة على هوية حامله وبحالات الضياع، الإتلاف أو السرقة، حيث ذكرت المصالح المعنية على مستوى المقاطعات الإدارية والدوائر، بضرورة إعادة هذه الوثيقة إلى صاحبها بعد المصادقة على ملف جواز السفر. وذكرت المصالح المعنية أن إصدار المستخرج الخاص من عقود الحالة المدنية رقم 12، لا يخصّ إلاّ جواز السفر البيومتري الالكتروني، كما ينتظر تقليص آجال دراسة طلبات تصحيح الأخطاء المادية الواردة في عقود الحالة المدنية من قبل الجهات القضائية. كما سيتمّ منح صفة ضابط الحالة المدنية إلى الأمين العام للبلدية لضمان ديمومة الخدمة العمومية، لا سيما في جوانبها المتعلقة بالمهام المخولة لضابط الحالة المدنية، وتأطير عملية التصديق على الوثائق لتخفيف الضغط على مصالح الحالة المدنية بموجب نص تنظيمي، مع وضع إجراء خاص لتكفل بتصحيح الأسماء والألقاب، وكذا جميع الجوانب المتعلقة بتسجيل البيانات الهامشية . وركزت التغييرات على ضرورة اكتتاب جنسية الشخص المسجل لتفادي الخلط بخصوص جنسية الأشخاص المسجلين في سجل الحالة المدنية، مع تسجيل البيانات الهامشية وجعله مسؤولا عن ذلك التنصيص، حيث سيتعرض إلى عقوبة في حالة ارتكاب مخالفة في هذا الشأن. كما أقرّت الإجراءات الجديدة أيضا على تمديد التصريح بالولادة من خمسة إلى عشرة أيام، وتحديد مجال استعمال بعض وثائق الحالة المدنية أو تمديد مدة صلاحياتها، وإعطاء الدفتر العائلي خصائص تسمح باستصدار أغلبية وثائق الحالة المدنية، ممّا يستدعي أخذ نص تنظيمي يحدد الوظائف والمميزات التقنية لهذا الدفتر، والشروع في وضع السجل الوطني للحالة المدنية، وتحديد الرزنامة لوضع الرقم التعريفي الوطني الوحيد . وفيما يتعلق بمنح وثائق الهوية والسفر، تمّ الاتفاق على تخفيف الإجراءات الإدارية من خلال تقليص آجال دراسة الملفات، وتسليم هذه الوثائق بصفة مستعجلة إلى المواطنين لتخفيف عبء الانتظار وتعطل مصالحهم اليومية. أما بشأن البطاقات الرمادية، فينتظر توحيد استمارة طلب تسجيل المركبة وتعميمها على كافة التراب الوطني، بالإضافة إلى توحيد استمارة البيع، مع الإسراع في وضع البطاقة الوطنية الرقمية للبطاقات الرمادية وبطاقة فرعية للمركبات المسروقة، مع وضع مرجعية من شأنها السماح بالتأكد من فعالية ونجاعة المرفق العام، والتنبؤ بحدوث الاختلالات المحتملة بفضل تقييم السياسات العمومية، وكذا العمل على إرساء الصرامة في مكافحة أشكال التباطؤ والانحراف وسوء التسيير والتبذير. وتبقى الإدارة في ظل كل هذه الإجراءات مطالبة بإحداث تغيير حقيقي في مناهجها الخاصة بالتسيير والتنظيم، بإدراج تسيير نوعي أكثر نجاعة لهذه الحواضر، حيث أنه وبعد 40 سنة من التطبيق والممارسة، ظهرت عدة نقائص واختلالات تستلزم إدخال تعديلات من شأنها تكييف هذا النص القانوني الهام مع متطلبات الساعة، فتحولات المجتمع وتطلعات المواطنين المتزايدة تستدعي أكثر من أي وقت مضى من السلطات العمومية إعادة النظر في أعمال الإدارة لتكيّفها مع المستلزمات والتحديات المختلفة، والقضاء على البيروقراطية التي ساهمت في إرسال الشلل كقاعدة.