قبل أربع جولات كاملة عن نهاية بطولة الرابطة المحترفة الأولى، ضمن فريق أولمبي الشلف لقب بطل الموسم بعد مشوار استثنائي أداه طيلة جولات البطولة، حطم فيه كل الأرقام والانجازات، وتكمن قيمة اللقب المحصل عليه في الطريقة والآداء التي انتهجها الفريق وهذا بفضل العمل الكبير الذي قام به الجميع سواء الإدارة، اللاعبين والأنصار، إلا أن المختصين والمتتبعين لشؤون القسم الوطني الأول تحدثوا عن »مهندس« الإنجاز الذي كان ينقص نادي مدينة الشلف طيلة المواسم الأخيرة أين كان الشلفاوة يلعبون الأدوار الأولى لكن دائما دون الفوز بالألقاب.. إنه المدرب الوطني السابق »مزيان إيغيل«. لا يختلف اثنان عند الحديث عن ايغيل أنه من أحسن ما جادت به الكرة الجزائرية، سواء كان لاعبا أو مدربا، ويكفيه أنه كان مدربا للفريق الوطني الجزائري، وبعدها مديرا تقنيا للمنتخبات الوطنية على مستوى الاتحادية الجزائرية لكرة القدم بغض النظر عن المناصب الأخرى التي اشتغلها والتي لا تقل أهمية عن المناصب المذكورة. رفع التحدي والعودة من بعيد لم يكن أحد يتوقع السيناريو الذي عاشه المدرب الوطني السابق مزيان ايغيل ولا داعي لذكر التفاصيل التي يعلمها العام والخاص، وظن الكثيرون أن هذا الإسم الناصع في سجل الكرة الجزائرية سينطفئ بعد هذه الحادثة، إلا أن إدارة أولمبي الشلف كان لها رأي آخر، حيث مباشرة بعد قضائه لثلاث سنوات مشؤومة، عرض عليه رئيس جمعية الشلف الإشراف على العارضة الفنية لفريقه، وهو ما رأى فيه ايغيل تحديا كبيرا من أجل إعادة الإعتبار لنفسه من جهة، وبعث مشواره التدريبي من جهة أخرى، وبالتالي ترك الماضي وراءه والنظر إلى المستقبل. وتم الإتفاق سريعا بين الرجلين في جويلية من السنة الماضية، أين قرر إسناد العارضة الفنية للجمعية لهذا المدرب، وتم كذلك وضع الهدف المسطر في بطولة الموسم الكروي 2010 2011 وهو لعب الأدوار الأولى واحتلال إحدى المراتب الثلاثة الأولى المؤهلة للمنافسة الإفريقية. وبعد التحضيرات التي أجراها فريق الشلف في الصائفة الماضية تحسبا لانطلاقة الموسم، وكذا الاستقدامات النوعية التي ضمنتها إدارة الهيئة مدوار بالتشاور مع التقني الدولي السابق ومساعده بن شوية، لم تكن البداية موفقة، حيث انهزم رفقاء الزاوي برباعية في أول جولة أمام شبيبة بجاية إلا أنهم تمكنوا من العودة بعدها، وانطلقت آلة الإنتصار التي كان ايغيل بصدد هندستها، وتوالت النتائج الإيجابية طيلة مرحلة الذهاب لينهي نادي مدينة الشلف النصف الأول من الموسم بتتويجه بلقب البطل الشتوي رغم رمزيته، إلا أنه يعتبر في غاية الأهمية من الناحية المعنوية. وما ميز الأداء الذي اعتمد عليه الفريق، هو طابع الجمالية والإستعراض، مالم نشاهده في ملاعبنا في السنوات الأخيرة، وهنا تتحدد اللمسة التي أضافها الرئيس السابق لنصر حسين داي على التشكيلة الشلفاوية، حين كان يعتمد على العناصر الأكثر جاهزية بدنيا، تقنيا ومعنويا، وهو مايفسر التنويع في الخطط والرسم التكتيكي، خلال المباريات، ما يعني التنويع في التشكيلة الأساسية من جولة إلى أخرى، ما عدا الأسماء المتألقة دائما والتي لها من الخبرة والإمكانيات ما يجعلها خطة أساسية لا يمكن الإستغناء عنها في مختلف الظروف التي مر بها الأولمبي خلال الموسم في صورة المهاجم مسعود، القائد سمير الزاوي والهداف العربي هلال سوداني، بالإضافة إلى العناصر الشابة الأخرى. الانضباط والجدية في العمل... يعتبر فريق أولمبي الشلف، من أكثر الفرق الوطنية استقرارا إداريا وبشريا، وهذا راجع للاستراتيجية المعتمدة من طرف المسيرين، وعلى رأسهم عبد الكريم مدوار منذ ما يقارب عشرية كاملة من الزمن، فنادرا ما نسمع عن اضطرابات أو مشاكل داخل البيت الشلفاوي، وهذا ما ساعد الفريق على حجز مكانته ضمن الفرق القوية في البطولة الجزائرية إلى جانب الوفاق السطايفي، الشبيبة القبائلية، المولودية والإتحاد العاصميين.. كل هذه الظروف دفعت بالمدرب مزيان ايغيل إلى رفع التحدي وقبول المهمة، لأنه كان على دراية تامة أن النجاح وتحقيق الألقاب لن يأتي أبدا دون ضمان الإستقرار والهدوء أولا. وما زاد من خلق أجواء مناسبة ومساعدة للعمل، الانضباط الذي فرضه المدرب سواء خلال التدريبات، المباريات وحتى خارج أوقات العمل، على اعتبار أنه يحظى باحترام الجميع، ليس على مستوى مدينة الشلف فقط، وانما في كل ربوع الوطن، للتاريخ الكبير الذي صنعه لنفسه محليا ودوليا والشخصية الكاريزماتية القوية التي يتمتع بها، جعلت اللاعبين كلهم تحت طاعته وتصرفه، وجميعهم آذانا صاغية له عند الحديث إليه، ليس بداعي الخوف وإنما لوزنه والتعامل الجدي والصارم من طرفه اتجاه عناصر في علاقة يميزها الإحترام والتقدير التبادلين. من جانب آخر، عرف ايغيل بقدرته الكبيرة على وضع عناصره في أحسن الظروف من الناحية الفنية والمعنوية، وكثيرا ما نجح في تحمل ضغط المباريات لوحده حتى يجنب لاعبيه الإرتباك والوقع في فخ التأثر نفسيا، قبل أثناء وبعد اللقاءات، ما جعلهم يقدمون أفضل ما عندهم داخل المستطيل الأخضر، والنتيجة كانت واضحة للعيان، والأرقام تتحدث عن نفسها، وخير دليل على ذلك، أننا لم نشاهد فريقا في البطولة الوطنية يتوج بطلا قبل عدة جولات في نهاية الموسم وبطريقة أكثر من رائعة جعلت كل الخصوم والمنافسين قبل الأصدقاء والمحبين يعترفون بأحقية جمعية الشلف بهذا اللقب الثاني في رصيده بعد كأس الجمهورية قبل 6 سنوات.