تخلط مسألة العقار العمراني منه والفلاحي حسابات التنمية وهي مسألة أسالت كثيرا من الحبر وأشغلت طويلا بال الرأي العام والمسؤولين، وإذا لم يتوقف الاستنزاف فسوف تكون المعضلة أشد وقعا على الأجيال في المستقبل وهو ما ينبغي التوقف عنده في تسطير برامج التنمية بادراجها ضمن السياسة المرتقبة لمخطط تهيئة الإقليم الذي لا يمكن أن يتبلور داخل مكاتب مغلقة وبانفراد الجهة أو الأشخاص المكلفين به وإنما باشراك المجموعة الوطنية في ضوء توسيع تصورات الخبراء وبالذات الخبراء المتحررين من التزامات الولاء للوظيفة العمومية. لقد عبث الفساد بالعقار العمراني أو الفلاحي إلى درجة فاقت كل تصور ولم تنفع معها قرارات وقوانين مما ينذر بتعقيدات أكبر سوف تهدد مستقبل التنمية برمتها في ظل وضع اختلط فيه المال العام بالمال الخاص وانهارت المعايير التي تضبط الأمور، ويكفي أن تتم مراجعة الاحتياطات العقارية كيف كانت وكيف أصبحت في ظل لا مسؤولية البعض وجشع البعض الآخر من أصحاب النفوذ ومافيا العقار. وفي ظل وضع مقلوب يتطلع لإجراءات صارمة لا تعترف بالمجاملات ولا يحدها نفوذ بيروقراطي مهما كان ولا تقفز عليها التواء مافيا العقار من الفاسدين المفسدين يدق ناقوس الخطر لإعادة ترتيب أوراق المسألة ومعالجة جوانب الاعوجاج فيها، وهي مسؤولية يمكن تصنيفها بالتاريخية لا تقل عن حماية الموارد الطبيعية ومن ثمة لابد من التصدي للواقع الموجود حتى لا يفعل الصمت فعلته في موروث للمجموعة الوطنية يملكه الكل ولا يدافع عنه الكل. التهاب أسعار عقار البناء مؤشر يتطلب التوقف عنده للبحث عن الحقيقة قطع دابر من وراء هذا التصاعد الذي لا يعتقد أن المضاربة هي السبب بل هي نتيجة كما يبدو لتداخل عوامل أخرى ترتبط بمصادر تمويل السوق النارية. أليس في الأمر ما يتعلق بتبييض أموال الفساد الواردة في الغالب من شبكات الإرهاب أو التهريب وتجار المخدرات والسلاح وفساد الصفقات العمومية؟. إن العقار الزراعي الذي يمثل رأسمال اقتصاد ما بعد المحروقات والوتد المتين للأمن الغذائي يتطلب اعادة ترتيب وتحصين بمنظومة نصوص تشريعية نهائية تكون بمثابة العقار المفيد بحيث تضع كل المتدخلين عند مسؤولياتهم وذلك بانهاء عقلية البايلك أو المال السايب لانقاذ ما يمكن انقاذه من فضاءات خصبة تسيل لعاب عديمي الضمير الذين لا يتورعون عن تسييج كل ما استحوذوا عليه.