خدمات جوارية للمهنيين ورهان على تنمية تربية المائيات لتغطية السوق تتوفّر العاصمة على ساحل بحري يمثل فضاء لمهنة الصيد، إلى جانب أسطول من مختلف أنواع السفن والقوارب، غير أنه لم يعد يستوعب الكثير من المشاريع بالنظر لعاملين اثنين هما التوسّع العمراني والتلوث الصناعي، مما يستدعي التوجه إلى تنمية فروع جديدة لتربية المائيات من خلال إحداث مزارع بحرية لتربية أنواع من السمك لتموين السوق، كما تشير إليه مدير الصيد البحري وتربية المائيات السيدة ربيعة زروقي في هذا الحوار، الذي تستعرض فيه صورة حول القطاع من حيث الإمكانيات والمنشآت، وتبرز أهم المشاريع الاستثمارية المتوقعة خلال السنة الجارية، كما توضّح إجراءات المرافقة خاصة للشباب من أصحاب المبادرة والمشاريع إلى جانب الأسلوب المتبع في حماية البيئة البحرية وكذا مستوى الحوار القائم مع المهنيين. «الشعب»: ما هي مؤشرات نشاطات الصيد البحري وتربية المائيات في ولاية الجزائر؟ ربيعة زروقي: تتميز ولاية الجزائر بواجهة بحرية بأكثر من 83 كلم من سواحل، مجهزة بأربعة موانئ للصيد هي الجميلة، رايس حميدو، الجزائر (المسمكة) وتمنفوست، إلى جانب ملجأ للصيد بالمرسى، و20 شاطئا للرسو. وفي مجال اليد العاملة البحرية هناك إجمالي 2012، مسجل من مختلف الفئات فيما بلغ الإنتاج معدل 4000 إلى 5000 طن في السنة من مختلف أصناف الأسماك. بخصوص أسطول الصيد لدينا باخرة للتونة، 50 باخرة صيد السمك، 97 سفينة صيد السردين إلى جانب 162 قارب مهن صغيرة و1256 قارب تنزه. بالتفصيل يتوفّر ميناء الجميلة على أسطول للصيد بمجموع 726 باخرة تتوزع على الشكل التالي: - باخرة صيد التونة، 16 سفينة صيد (شاليتيي)، 41 سفينة صيد السردين، 73 قارب مهني صغير، 596 قارب تنزه. ينتج هذا الميناء معدل 100 الى 200 طن في السنة وينشط فيه حوالي 150 عامل في الصيد، أما ميناء رايس حميدو للصيد والتنزه، بعد أن كان مجرد ملجأ لصيد، أصبح منشأة جديدة تمّت تهيئتها لتدخل النشاط في 5 ماي 2018، بطاقة رسو تتسع ل 29 وجدة صيد من مختلف الأحجام فقط . يشتغل فيه حوالي 65 مهنيا مع طاقة إنتاج سنوية تصل 25 طنا تنتجها وسائل للصيد عددها 54 سفينة. يتوفر هذا الميناء على 8 سفن بالانغريي، و15 قارب صغير إلى جانب 21 قاربا للتنزه. أما ميناء الصيد للعاصمة فيتسع ل 438 باخرة من مختلف الأحجام (34 باخرة كبيرة و53 متخصصة في صيد السردين، 53 قاربا مهنيا إلى جانب 299 قارب تنزه)، ويشتغل فيه 800 شخص في شتى مهن الصيد كما ينتج بين 4000 إلى 4500 طن في السنة. كما يتميز ميناء الصيد تمنفوست بوسائل مماثلة (3 سفن صيد السردين، 20 قارب صغير، 334 قارب للتنزه) وينتج سنويا معدل 100 إلى 150 طن ويشتغل فيه 120 مهنيا. ويمتاز القطاع بوجود بنية لمنشآت بحرية كبرى إدارة وإنتاجية مثل مرافق تسيير النشاط وأخرى للتسويق وغرف للتبريد(15) وأخرى لإنتاج الثلج (07)، إلى جانب اربع ورشات في طور البناء للتصبيح البحري. في مجال قدرات تربية المائيات يوجد مشروع لتربية الأسماك في المياه العذبة بالشراقة، الى جانب تحديد 43 موقعا للدمج بين تربية المائيات والفلاحة، 10 مشاريع أحواض ومزرعة بعين طاية وأخرى جار انجازها بنفس المنطقة. - ماذا عن المشاريع المنتظرة في السنة الجارية 2019؟ لدينا جملة مشاريع تتقدمّها دار البحر الذي يعتبر مركزا متعدد الخدمات جار انجازه يدعى دار البحر مجهز بمكاتب للطب والتأمين الاجتماعي وقاعات للتعليم وواحدة للندوات مع ناد للصيادين. كما تتوفر 29 نقطة بيع وسائل الصيد وقطع الغيار مع مركز للتجهيز و5 مراكز للتوزيع وواحد للتحويل. كما يسجّل في هذا المجال مشروع انجاز فرع إداري على مستوى ميناء رايس حميدو من أجل التقليل من الضغط على فرع ميناء الجزائر قصد ضمان خدمات جوارية لفائدة المهنيين لتحسن شروط العمال من مختلف الجوانب. في نفس الاتجاه لدينا عمل انجاز دراسة لتهيئة ملجأ المرسى بميناء الصيد وكذا توسيع وتدعيم المدخل وقد تمّ الشروع في الأشغال في جويلية 2018، لتوسيع مدخل ميناء المرسى. - هذا القطاع مفتوح للاستثمار، كيف تعالج الملفات وهل الفضاء البحري للعاصمة يستوعب الطلب؟ بالفعل توجد عدة برامج في هذا الإطار، منها اقتناء سفينة صيد التونة، ويتعلّق الأمر بعملية جارية لتحويل سفينة صيد، وتشارك صفن التونة كل سنة في حملات مقننة لصيد هذا السمك الأحمر وذلك في الفترة من 25 ماي إلى 25 جوان. في انتظار تشغيل مخطط جديد للربط سطرته شركة تسيير الموانئ وملاجئ الصيد، فقد تمّ تجميد إدخال سفن الصيد العادية والمتخصصة في السردين، إلا في حالة شطب إحدى وحدات الصيد من هذا النوع، فيتم تعويضها بأخرى جديدة، علما أن إستراتيجية الحكومة لتنمية الصيد وتربية المائيات تولي عناية خاصة للصيد الحرفي. وفي مجال تكييف وتحويل منتجات الصيد، يتضمن برنامج الاستثمارات اقتناء تجهيزات لإنتاج السردين المعلب من طرف مؤسسة لتحويل منتجات البحر تتواجد بالدرارية، انجاز حوض لأسماك القشريات، إعادة تأهيل غرفة التبريد لمسمكة العاصمة من طرف شريكة تسيير الموانئ وملاجئ الصيد، غرفة تبريد (ايجابية) ونفق للتجميد بنسبة درجة أقل من 40 بالمائة مع التين لإنتاج الثلج، قاعة لمعالجة منتجات الصيد، تهيئة محلات لمعالجة منتجات الصيد بالجزائر الوسطى وانجاز محلات لتحضير وتكييف وتحويل منتجات الصيد بمسمكة العاصمة. في مجال تربية المائيات توجد لدينا مشاريع مثل استزراع الأسماك الصدفية جار انجازه بعين طاية، بطاقة إنتاج متوقعة تصل 100 طن في السنة من الأصداف و50 طنا من المحار، وكذا تحديد 43 موقعا قاريا لتربية الأسماك المدمجة في الفلاحة. للتوضيح تتم معالجة مشاريع تربية المائيات على مستوى اللجنة المحلية للولاية، بعد موافقة مركز البحث والتنمية للصيد البحري والمائيات. كما أن العديد من المستثمرين بولاية الجزائر يستفيدون من تأطير وتوجيه تتكفل به مصالحنا نحو ولايات أخرى لها قدرات في تربية المائيات بالنظر لقلة الفضاءات نتيجة التوسع العمراني المكثف. - وعن الحوار مع المهنيين، كيف هي العلاقة؟ يتم إقحام المهنيين في تنفيذ إستراتيجية قطاع الصيد وتربية المائيات، فقد تمّ تأسيس عدة جمعيات على مستوى ولاية الجزائر في مختلف الفروع مثل، الصيد، البيئة، تربية المائيات، ويشاركون في إعداد النصوص التنظيمية واتخاذ القرار بشأن المهنة. علاوة على ذلك، تم انتخاب رئيس جديد لغرفة الصيد وتربية المائيات السنة الماضية 2018 من طرف المهنيين، يتعلق الأمر بمداح لخضر وهو أصلا مجهّز، وكيل ومستثمر في نشاطات ترتبط بالصيد. ولضمان الجوارية في التواصل مع الصيادين، تم وضع ثلاثة فروع إدارية على مستوى موانئ الجميلة، العاصمة وتنمنفوست. كما أن عدة عمليات ومواعيد تنظّم كل سنة مع مهنيي القطاع مثل عمليات تنظيف الموانئ والفضاءات المينائية، أيام تحسيسية حول الأمن البحري، المنشآت والشعاب الاصطناعية. للتوضيح أشير إلى برنامج «نيمو»، هو مبادرة من المركز الدولي للدراسات الفلاحية العليا لباري (إيطاليا) يهدف إلى ترقية التعاون والنشاطات لفائدة المجموعات والمناطق الساحلية للضفة الجنوبية والشرقية للبحر الأبيض المتوسط، وبشكل أدق الجزائر، مصر، المغرب، لبنان وتونس، من خلال مقاربة تدمج أبعاد البيئة، الاقتصاد والمجتمع. وفي إطار هذا البرنامج تمت إقامة توأمة بين مهني الصيد من الضفتين للمتوسط وتتجسد دوريا عبر ندوات فيديو تتعلق بعدة مواضيع مثل التلوث البحري، عتاد الصيد، الطبخ التقليدي الجزائري. بهذا الخصوص كان لمهنيي القطاع العاملين بولايتنا فرصة الاستفادة من هذا التكوين بايطاليا. - يسجل تراجع الإنتاج مقارنة بالطلب، ما هي الأسباب والآفاق؟ لا يتعلّق الأمر بتراجع في الإنتاج ولكن هناك استقرار في مستوى الإنتاج، الذي يقدر بمعدل 4000 إلى 5000 طن في السنة، بينما ارتفع الطلب على المنتجات الصيدية في السنوات الأخيرة، لكون هذه المنتجات التي كانت تستهلك فقط من ساكنة الساحل أصبحت تسوق في الولايات الداخلية وحتى في الجنوب الكبير، وهذا بفضل وسائل الحفظ والنقل (شاحنات تبريد، صناعة الثلج، غرف التبريد الخ). كما أن تزايد عدد المطاعم المتخصصة في منتجات الصيد بشكل كبير في السنوات الأخيرة أثر على وتيرة الطلب على هذه المنتجات. ترتكز إستراتيجية القطاع على تنمية تربية المائيات لتعويض العجز المسجل في الصيد، وحقّق هذا التوجه ثماره، للتوضيح في 1985 ، كانت إنتاج تربية المائيات لا يتعدى 5 بالمائة من الإنتاج العالمي للسمك، بينما بلغ حاليا حوالي 50 بالمائة والرقم مرشّح للارتفاع وفقا لمؤشرات منظمة التغذية العالمية (فاو). وفي ولاية الجزائر يجري استغلال مشروعين لتربية الأحياء المائية ويتعلق الأمر بمزرعة للمحار (42 طن بلح البحر و5 طن محار في 2018 وكذا مزرعة سمك المياه العذبة بالشراقة (1.8 طن سمك البلطي في 2018). ونظمت مديرة الصيد مهرجان للتذوق بهدف تشجيع المستهلك على طلب هذه المنتوجات الجديدة مثل ذئب البحر، دوراد، محار، سمك القط وغيرها. - بالنظر للفرص التي يوفرها قطاعكم، خاصة باتجاه الشباب، ما هي أبرز إجراءات المرافقة؟ حقيقة من أجل مرافقة الشباب حملة المشاريع وقصد تبسيط الإجراءات، يوجد نظام مرافقة لفرع الصيد البحري وتربية المائيات، وهو موجه لفائدة أصحاب المشاريع خاصة الشباب من ذوي الشهادات المحصل عليها من مؤسسات التكوين للقطاع. كما تبرمج دورات تكوينية للتأهيل. إن الهدف المسطر يتمثل في عقلنة الاستثمارات من خلال قروض وتحفيزات ضريبية تمنحها وكالات التشغيل المختلفة مثل «أنسيج»، «كناك» و»أنجام». كما تشمل المرافقة التوجيه والاستشارة التقنية طيلة مسار المشروع. - البيئة البحرية تتحمّل كل هذه الحركية، ما هي طبيعة التشخيص؟ يعاني سواحل البحر الأبيض المتوسط من عدة الظواهر والحلقات المتكرّرة الناتجة عن تعدّد الاضطرابات والتقلبات ذات الأصول البشرية والطبيعية، خلفت آثارا قوية على الحيوانات والنباتات البحرية خاصة على مستوى الأنظمة الايكولوجية البحرية الساحلية. ولا يعد الساحل الجزائري استثناء، حيث يتعرض للتآكل بفعل نشاطات بشرية وتلوث وعمران شمل الشريط الساحلي. إن المهنيين إلى جانب العلميين أول من يعي، مما يدعو إلى اعتماد نظام صيد مسؤول وعقلاني، حيث إن إجراءات تفرض نفسها، ليس بمفهوم «عقاب» كلي لمستغلي البحر، وبالتالي لا تطبّق ممنوعات لحماية البحر ولكن يجب العمل بذكاء وإقحام المهنيين من أجل نجاح هذا التوازن بين استعمال البحر واستغلال الموارد وحمايتها. ولتقليص الأثر البشري على النظم الايكولوجية الساحلية تمّ القيام بعدة عمليات ضمن إستراتيجية القطاع ويخصّ الأمر، بعمليات موانئ زرقاء، متابعة مسارات حركة الحيوانات البحرية، مراقبة نوعية مياه البحر بالتعاون مع الهيئات المختصة للتطهير الحضري وحماية البيئة، تطهير وتهيئة واد الحراش وواد الحميز من طرف ولاية الجزائر، مراقبة المنشآت المصنفة ذات الصلة بالقطاع، تهيئة الشعاب الاصطناعية تشرف عليها لجنة ولائية نصبت في 2017، وتتولى أمانتها مصالح مديرة الصيد، حيث توجد أربع شعاب على مستوى ساحل سيركوف، واثنتان بعين البنيان، وموقع رابع بنادي الصنوبر، وتتم المتابعة بالتعاون مع المدرسة العليا لعلوم البحر وتهيئة الساحل وجمعية المرجان.