« لقد عرفت الجزائر في أعزّ اللّحظات الحاسمة الّتي عاشها البحر الأبيض المتوسّط، كيف تجد في أبنائها، منذ العهد النّوميديّ، والفتح الإسلاميّ، حتّى الحروب التّحريريّة من الاستعمار، روّادا للحرّيّة، والوحدة والرّقيّ، وبناة دول ديمقراطيّة مزدهرة، طوال فترات المجد والسّلام.” الفقرة 03 من ديباجة الدستور تمهيد ثورة الابتسامة يجب أن تستمر وبكل زخمها وحضاريتها...لتحقيق مكاسب حقيقية وتثمينها، يجب أن تكون في إطارها الحضاري وأي دولة متحضرة تحتكم دومًا إلى دستورها، وفي جزائر اليوم، بالرغم من سلبيات هذا الدستور أو ما يُقال عنه أو فيه، فإن الشرعية الدستورية تُؤمن مخارج آمنة سيما في ظل “الألغام والفخاخ” التي يجب فكّها، ولتجاوز “لعبة الألغام” يجب أن يكون الحل السياسي الدستوري يُلبي تطلعات الشعب وطموحاته، بتغيير جدري و بناء أسس دولة القانون والعدالة، دولة تكافئ الفرص، بإقرار وتكريس ضمانات حقيقية للذهاب إلى انتخاب مؤسسات شرعية وفق آليات فعالة برئيس يلقى تزكية شعبية يقود مرحلة حقيقية لبناء نظام جديد وفق خطة عمل مدروسة لمشروع مزكى شعبيًا. إن الاستثمار في رأسمال هذا الحراك الجزائري الخالص مؤذن بإرساء “سيادة شعبية حقيقية”، تؤسّس لسلطة جديدة أكثر تواؤمًا واستجابةً لمطالب الشعب المشروعة، ضمن مشروع مجتمع حقيقي، “جزائر حضارية”، “جزائر تؤمن بذاتها”، وتبني حاضرها ومستقبلها بسواعد أبنائها، دون تدخّلات، إملاءات أو توجيهات خارجية، أو حسابات “سياسوية” داخلية، الحل يكمن إذن في التأسيس لشرعية جديدة حقيقية “الشرعية الدستورية”، تتناغم مع السيادة الشعبية وتترجمها، وفي هذا الإطار، فإنه يستوجب التأكيد بأنه هناك “حلول سلمية - دستورية - حضارية”، ذلك أن الحراك الشعبي يرفض العنف بكل أشكاله، ويُؤمن بالحلول السياسية التوافقية. وفي هذه الظروف ولإعطاء إشارات حقيقية على الاستجابة للإرادة الشعبية، يجب التوجه نحو تكريس ضمانات حقيقية للتحول الديمقراطي، ومن هاته المؤشرات هي ذهاب جميع الحروف الهجائية المرتبطة بالفساد السياسي والمالي، وفي مقدمتهم “الباءات الأربعة” قبل الاحتكام إلى “الصندوق”، ودون فراغ مؤسساتي أو شغور دستوري، أو إعطاء مساحات لثورات مضادة، وفي هذا الإطار، يقترح الخطوات التالية: أوّلا: تعيين الثلث الرّئاسي واستقالة “السيّد عبد القادر بن صالح” قيام رئيس الدولة الحالي، بتعيين الثلث الرئاسي لمجلس الأمة (04 مقاعد الشاغرة لحد الآن) بشخصيات وكفاءات وطنية، على غرار الدكتور أحمد طالب الابراهمي، الجنرال المتقاعد رشيد بن يلس...إلخ، ومن هؤلاء الشخصيات الوطنية يتم إنتخاب رئيس جديد لمجلس الأمة، عند تقديم السيّد عبد القادر بن صالح، استقالته إستجابة لمطالب الحراك الشعبي، وبالتالي يمكن لهاته الشخصية الوطنية في حالة لم تطل فترة استخلافها لرئيس مجلس الأمة الشخصية التي تخلف السيّد “عبد القادر بن صالح” على رأس الدولة. ثانيًا: تغيير رئيس المجلس الدستوري في نفس وقت، يستوجب لرئيس المجلس الدستوري أن يقدم إستقالته إستجابةً لمطالب الحراك الشعبي ملتزمًا ب “ثقافة رجل الدولة”، ولرئيس الدولة في هاته الحالة تعويضه بشخصية قانونية محايدة. ثالثًا: استقالة الحكومة الحالية وتعويضها بحكومة توافقية “حكومة انتقالية” الدستور الجزائري وفقًا للفقرة الأولى من المادة 104 من الدستور، لا يسمح بتعديل أو إقالة الحكومة في هذه الظروف، ولكن يمكن لها أن “تستقيل” إذا أخذنا بحرفية النص، وبالتالي يمكن لرئيس الدولة أن يقوم بتعيين “حكومة انتقالية جديدة”، لسد الفراغ المؤسساتي في هاته الحالة، بمقتضى مبدأ استمرارية سير المرافق العامة، ولكن قبل ذلك باستصدار فتوى دستورية عن طريق آلية الإخطار التحفظي و / أو التفسيري، لأن الحكومة الحالية تفتقد للشرعية الشعبية والمشروعية القانونية لأن “وصف حكومة تصريف الأعمال” توصيف أو تكييف خاطئ. رابعًا: رئيس المجلس الشعبي الوطني الحالي يمكن تغييره بطريقتين إما عن طريق “آلية الاستقالة” وإعادة إنتخاب رئيس جديد، أو عن طريق إخطار رئيس الدولة للمجلس الدستوري، وإعطاء فتوى دستورية في مدى دستورية انتخابه عن طريق “سلطة الأمر الواقع”، وبالتالي إسقاط شرعيته دستوريًا، ورجوع الرئيس السابق و / أو انتخابات جديدة. خامسًا: اللَّجنة المستقلّة إشراف ومراقبة الانتخابات يمكن لرئيس الدولة إما إخطار المجلس الدستوري حول مدى دستورية مراسيم إلغاء تنصيب أعضاء الهيئة العليا المكلفة بمراقبة الانتخابات، سيما أن هذا القرار السياسي بحل الهيئة مخالف للقانون العضوي المنظم لعملها، لأن عضوية أعضائها دائمة لمدة 5 سنوات و / أو يمكن له تشكيل هيئة جديدة بأشخاص وكفاءات جديدة وفق ضمانات حقيقية للسير في العملية الانتخابية. سادسًا: مراجعة القوانين العضوية المنظّمة للانتخابات
يمكن لرئيس الدولة و / أو الوزير الأول (الحكومة التوافقية) تقديم مشاريع قوانين عضوية تتضمن إصلاحات للقانون العضوي المتضمن قانون الانتخابات، و / أو لعمل الهيئة العليا المشرفة على الانتخابات لتكريس ضمانات جديّة وحقيقية لنزاهة وشفافية الانتخابات الرئاسية القادمة. ومجمل القول: هذه مجموعة من الأفكار، للنقاش والإثراء، تتمحور حول نقطتين هامتين هما عدم الخروج عن الحل الدستوري، وفي نفس الوقت تستوجب على رموز النظام المعنيين بمطالب الرحيل أن يخاطبوا ضمائرهم ويستجيبوا لمطالب الشعب، وبأن تكون لهم “ثقافة الاستقالة”، “ثقافة رجل الدولة”، والتضحية من أجل الجزائر، وللمصلحة العليا للوطن، بدل التعنت والتشبث بالمناصب، والذهاب بالتالي إلى حلول غير آمنة في ضوء التصعيد والتوتر، وغياب الثقة بين الحاكم والمحكوم، من جهة، ومن جهة أخرى لكي لا ندخل في الفراغ المؤسساتي أو نكون رهائن التدخلات الأجنبية.