اعتبر أمس خبراء في مجال الدراسات الأمنية الإستراتجية أن خطر الأسلحة المنتشرة بليبيا لا يهدد الدول المجاورة وبالأخص دول الساحل فقط وإنما يشكل خطرا حتى على حدود الدول الأوروبية، داعين إلى ضرورة تكريس شراكة فعلية بين الدول لمحاربة الإرهاب وإنهاء خطر الأسلحة، مع ضرورة توحيد رؤية مشتركة لدول الساحل، وثمنوا بشكل محسوس التجربة الجزائرية في مجال مكافحة الإرهاب والرائدة في العالم وتعجبوا من عدم استفادة الدول الغربية منها، وأوضحوا أنه لو أن الدول الغربية وفي صدارتها فرنسا كانت لها نية محاربة الإرهاب في ليبيا لأستعانت بالجزائر غير أن الواقع أثبت أن دول «الناتو» قررت إشعال فتيل حرب ليس لها علاقة باقتلاع الإرهاب وإزالة خطره . قال اريك دينيسي مدير المركز الفرنسي للبحث حول الاستخبارات العائد من ليبيا مؤخرا في ندوة نقاش نظمت بنزل الجزائر، أن خطر انتشار الأسلحة الليبية في منطقة الساحل مصدرها ليس حلف «الناتو» وإنما جاءت عن طريق مرتزقة القذافي، ووقف عند ما وصفه تناقض موقف الدول الغربية التي تنادي بتجريم دفع الفدية غير أنها في الواقع تدفع الفدية لتحرير رهائنها، معترفا بان شن الحرب في ليبيا ليس بدافع محاربة الإرهاب، لأنه لو كان ذلك صحيحا لطلبت الدول الغربية من الجزائر المساعدة عن طريق مدها بتجربتها الثرية والرائدة، ولم يخف تأسفه الكبير على الخسائر الكبيرة التي لحقت بليبيا بعد أن تعرضت بناها التحتية ومكتسباتها العمرانية إلى الدمار الشامل . وتطرق ايف بوني رئيس المركز الدولي للبحث والدراسات إلى النصر الكبير الذي حققته الجزائر على الإرهاب منفردة وبإمكانياتها الخاصة والذي أكسبها خبرة مرجعية وأسماها بالقاعدية، ونادى بضرورة تكريس شراكة فعلية بين الدول لمحاربة الإرهاب وإنهاء خطر الأسلحة، مع ضرورة توحيد رؤية مشتركة لدول الساحل . ووجه الخبير الفرنسي إيف بوني دعوته إلى منظمة الأممالمتحدة والمجتمع الدولي كي تلعب دورها الفعلي لإخراج المنطقة من الآثار السلبية الناتجة عن الحرب في ليبيا، والتحكم في الوضع بواسطة الآليات العادية وفق الشرعية الدولية . واشترط نجاح مكافحة الإرهاب في منطقة الساحل بإشراك الجزائر، وبدا مقتنعا بأن تجاهلها لن يؤدي إلى إثمار الجهود بالنظر إلى تجربتها الثرية والناضجة التي اكتسبتها بمفردها ومن خلال الممارسة في الميدان، بل أن الجزائر كما قال الخبير بوني بأن الجزائر تعرضت لهجمة إرهابية عنيفة جدا واغتنم الفرصة ليطالب الاعتراف بالقفزة التي حققتها الجزائر من خلال حربها ضد الإرهاب دون مساعدة أحد، وأمام صمت المجتمع الدولي، مقترحا في هذا المقام الاعتراف للجزائر بانتصارها الكبير عن طريق تحلي الدول بالتواضع وإنصاف الجزائر بالعرفان الذي تستحقه. مشددا على التفكير الجدي سويا في التطورات والتداعيات التي قد يعرفها النشاط الإرهابي لتنظيم القاعدة من خلال الأحداث الجارية في ليبيا. وأكدت سعيدة بن حبيلس عضو مؤسس للمركز الدولي للبحث والدراسات حول الإرهاب التي نظمت هذه الندوة أن هذا اللقاء يندرج في إطار تحسيس الرأي العام الوطني والدولي حول أخطار آفة الإرهاب على ضوء الوضع المتدهور والمرشح للخطر السائد في ليبيا. وطالبت بن حبيلس من المجتمع الدولي إرسال صرخة إطلاق المشاريع التنموية بدل مشاريع حرب، وثمنت تجربة الجزائر بدءا من ميلاد التعددية إلى مكافحة الإرهاب، وتعجبت من كون المجتمع المدني في غزة يسجن ويدمر دون أن توفر له الحماية . واغتنم المشاركون في هذا اللقاء يتصدرهم الخبير الفرنسي إيريك للتحذير من الأخطار وتداعيات الوضع في ليبيا والذي من شأنه أن يؤثر على البلدان المجاورة من جانب الاستقرار بما أسموه بالإسلام الراديكالي وإعادة انتشار الشبكات الإرهابية.