لا يمكن القول أبدا أنها تجربة قصصية رائدة التي تنتهج هذا المحور السيكولوجي والفسيولوجي ورصد المتغيرات التي تطرأ على أبطال المجموعة القصصية، لكنها تجربة من عدد التجارب القصصية القليلة التي تأخذ هذا المنحى.. أبدعت الكاتبة القاصة ومن خلال تسليط الضوء على الناحية النفسية والعاطفية، وذاك الكم من الحس المرهف لأبطال القصة. وقد تمكّنت القاصة من خوض هذا الميدان الصعب من خلال توظيف عمق درايتها وسبرها غور المتغيرات النفسية الدقيقة توظيفا قصصيا ميدانيا رائعا هو اقرب الحقيقة من الخيال القصصي للكاتب، بإبداع ٍعفويٍ وبحرف متمكن، لم يخلو اسلوبها من ذلك التوجه السردي الحكائي، حين وظفت قلمها والراوي للأحداث فكانت الكاتبة تمثل الشخصية الراوية الثالثة في مجريات مجموعتها القصصية.. متنقلة في مشاهدها الدرامية انتقالات واضحة متنوعة، مضيفة لدراما الحوار عنصر العقدة والصراع، متمكنة في توظيف براعتها في توصيف وإظهار كل ما يعتري الشخصية المركبة المتنقلة بين عالمين مختلفين توصيفا احترافيا متميزا وبأسلوب قصصي ماتع، اقرب للنفس من الأسلوب الأكاديمي التخصصي المحض.. أسلوب العفوية السلسة المفرداتية والمباشراتية التي اعتمدتها الكاتبة، جعلت من النص سهولة لولوج ذهن القارئ أو المتلقي، وإمكانية تحويل أعمالها القصصية إلى أعمال درامية تلفازية ضمن سلسلة الصراع النفسي والسيكولوجي المنتشر في مجتمعاتنا المعاصرة.. من الواضح جدا، أن هذه المجموعة وبهذا اللون تعتبر التجربة الأدبية والقصصية الأولى من نوعها التي تخوضها الكاتبة لأول مرة، إذ خلت من تلك المصطلحات التخصصية مبتعدة عن الحشو والزيادة في عمق هذا التخصص، منتهجة الأسلوب الأدبي في إبراز وإظهار الحالة أكثر منها الغوص في النظريات الأكاديمية التخصصية، ذلك أنّها صبّت مرتكزاتها وتسليط زاوية الضوء على الحالة الإنسانية ونظرة المجتمع لها، وتغيير تلك النظرة نحو الفهم الصحيح والتعامل معها بأسلوب أكثر تمدّن وحضارية وإنسانية، ذلك هو العنصر الأهم الذي ارتكزت عليه القاصة المبدعة. ننتظر سلسلة متكاملة شاملة للكاتبة لتكون منطلقا لتوجه الأدباء والروائيين نحو هذه الشريحة من المجتمع، وتناولها بشتى ألوان الأدب والثقافة..تمنياتنا للكاتبة المبدعة سهام بن لمدق بمزيد الإبداع والتميز..