(الشعب)/ أكد الدبلوماسي الجزائري، الأخضر الابراهيمي، أن ما يعرفه العالم العربي من اهتزازات ارتدادية، مرجعه الأنظمة السياسية القائمة. وقال وزير الخارجية الأسبق، والمبعوث الأممي لعدة مناطق ساخنة، في الملتقى الدولي (العالم العربي في غليان: انتفاضة أم ثورات)، بمكتبة الحامة، أن هذه الاهتزازية التي حركت من الخارج، ولدت أوضاعا داخلية ليست على ما يرام بفعل أنظمة منغلقة على الذات، ولا تقبل التفتح وإشراك الرأي الآخر والنقيض. وحول مدى التشابه في هذه الانتفاضات العربية، ذكر الإبراهيمي بظروف كل بلد وخصوصيته قائلا أن التغيير ممكن الحدوث في جو هادئ دون إراقة دم ومظاهرات مليونية، مثلما جرت في تونس ومصر. وأعطى أمثلة على إمكانية حدوث تغيير بالنمط الهادئ في السعودية والجزائر والمغرب، مشددا على عامل اللاثقة الموجودة بين الحاكم والمحكوم في أكثر من دولة عربية، تعيش التوتر والاضطراب. وعن التدخل العسكري الخارجي في ليبيا، أكد الإبراهيمي أن هذه المسألة تشكل مشكلا عويصا، موضحا أن الحلف الأطلسي (ناتو) يبحث من خلال غاراته التي تجاوزت اللائحة الأممية، عن دور له في المنطقة المغاربية. وأضاف منتقدا، أن الدول العربية كان بإمكانها لعب دور في التهدئة والتغيير بليبيا والوقوف مع الشعب الليبي المتطلع لنظام آخر أكثر حرية وديمقراطية دون ترك المجال للتدخل الأجنبي، وما يفرزه من تداعيات خطيرة عن الأمن العربي، واستقرار نظامه الإقليمي. وانتقد الإبراهيمي كذلك الإفراط العربي للقضية المركزية فلسطين، قائلا أن الأنظمة أهملت هذه القضية، وأهملت نفسها وظهرت على حقيقتها أمام شعوبها المتطلعة اليوم للحرية دون تنازل وتماطل. لكن الإبراهيمي، يلوم على التململ العربي في مختلف الجهات، لنقص التنظيم والفوضى، مرجعا ذلك إلى رداءة التعليم العربي الذي عجز عن تكوين نخبة تعرف دورها في التغيير وقيادة التحول الديمقراطي المنشود. عن دور تركيا في المنطقة، أكد الإبراهيمي، أن لأنقرة سياسة تريد من ورائها تبوأ مكانة في هذه الرقعة الجغرافية المنتفضة، هذا تماشيا والمصلحة الإقتصادية. وحسب الدبلوماسي، فإن القيادة التركية غيرت وجهتها من الأوروبية إلى العربية بعد الحصارات وهو ما يتوجب أخذه من الزاوية الإيجابية بعيدا عن التردد والمخاوف. وعن الدور الإيراني، قال الإبراهيمي، إنه منصب على العراق بحكم القرب الجغرافي وتركيبة المجتمع، وهو ما أثار انزعاج العرب الذين يرون في هذا التحرك الإيراني استجابة لسياسة الخطوة خطوة تجاه بسط النفوذ على جهات عربية أخرى، لا سيما في الشام. من جهتهم، يرى فواز طرابلسي، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية في بيروت، أن ما يعيشه العالم العربي انتفاضة أكثر من ثورة، قائلا إن الحكم على الثورة يكون بعد إنجاز الأهداف وتحقيقها. وحسب الخبير، فإنه كان من الأجدر التغيير من الداخل بقرار سيادي، بدل الاستسلام للغرب والخضوع لإملاءاته. وبالنسبة لعمر الشوباكي، الخبير بالدراسات الاستراتيجية في الأهرام، فإن الوضع المتحول لا تشوبه شائبة وأن ما تعيشه البلدان العربية ثورات حقيقية وليست انتفاضة على وضع متدهور تجاوزه الزمن.