انصب النقاش في الندوة المنعقدة، أمس، بمركز »الشعب« للدراسات الإستراتيجية، حول العلاقات الجزائريةالأمريكية، آفاق مستقبلية وسياستها الخارجية تجاه دول العالم الثالث، بحضور صحفيين وأساتذة وممثلين عن المجتمع المدني أثاروا العديد من الأسئلة صبت في مجملها حول طبيعة العلاقة بين البلدين و سبب التدخل الأمريكي في شؤون بلدان العالم الثالث والذي سيتحول إلى تهديد حقيقي للبلدان العربية مستقبلا. وفي نفس الإطار، أكد منشط المحاضرة البروفيسور روبرت مورتيمور أستاذ العلوم السياسية بجامعة هارفورد أن العلاقات الجزائريةالأمريكية وطيدة والدليل على ذلك، الدعم الذي القضية الجزائرية أثناء فترة الاستعمار الفرنسي من خلال الاتصالات الكثير ة بين الولاياتالمتحدةالأمريكية وجبهة التحرير الوطني والتي يجهلها الكثيرون. وردا على سؤال إحدى الصحفيين حول رأيه في سياسة الجزائر مع البلدان الأخرى قال منشط الندوة الفكرية أن موضوع السياسة الخارجية في الجزائر متشعب. وقد عمل على هذا كثيرا منذ الاستقلال، مؤكدا انه لطالما كان معجبا بالسياسة الخارجية التي تنتهجها الجزائر خاصة في أواسط الستينيات والسبعينيات عندما كان هناك التزام كبير في سياستها اتجاه بلدان العالم الثالث من خلال مشاركتها الفعالة في حركة عدم الانحياز ومجموعة ال77 بحث لعبت آنذاك دورا رياديا. وتأسف البروفيسور من التدهور الذي تعرفه السياسة الخارجية في الجزائر بعد حقبة السبعينيات مقارنة بالفترات السابقة والتي على حد قوله كانت مبدعة وساهمت بشكل كبير في تغيير العلاقات بين البلدين إلى الأحسن مؤكدا أن مهامها قد انسحبت تدريجيا من الساحة الدولية بسبب تغير الأوضاع والظروف. وقال البروفيسور، أن رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة كان له الفضل الكبير في تمتين العلاقات الثنائية بين البلدين بحيث أعطاها نفسا جديدا وجعلها علاقة عمل جيدة إلى غاية اليوم من خلال اللقاءات والمؤتمرات التي جرت بين الطرفين مؤكدا أن التعاون بين الجزائر وأمريكا يطغى عليه الجانب العسكري من خلال المبادرة التي قامت بها الولاياتالمتحدةالأمريكية في مكافحة إلارهاب بمنطقة الساحل. ونوه البروفيسور بالمساعدات الاقتصادية الموجهة من الجزائر الى أمريكا وان كانت محدودة وإنما تدخل في إطار دعم توطيد العلاقات بين البلدين في مختلف الميادين. وانتقد أحد الصحفيين المبلغ الزهيد الذي خصصته أمريكا لدعم الوسط الجامعي في الجزائر من اجل انتقاله إلى المهني والمتمثل في برنامج العلاقات الجامعية المدعم ب2.3 دولار أمريكي إضافة إلى تخصيص 400 ألف مليون دولار كمشروع لدعم المؤسسات الصغيرة التي تنشط في تكنولوجيات الإعلام. من جهته، تساءل الاستاد دردوري عما إذا كان المغرب العربي يشكل إستراتيجية هامة وكبيرة للولايات المتحدة وفيما تكمن المرتكزات التي يمكن من خلالها متابعة السلوك الأمريكي اتجاه هذه الدول. وإجابة على سؤال الاستاد اقر موريتيمور ان دول المغرب العربي تشكل مصلحة استراتيجية بالنسبة للولايات المتحدةالأمريكية وهو على درجة كبيرة من الأهمية خاصة فيما يتعلق بتداعيات ذلك على الشرق الأوسط والوضعية في الساحل الإفريقي وافريقيا بشكل عام. وفيما يخص تأثير خطابات باراك اوباما على ما يحدث في الشرق الأوسط، اكد البروفيسور ان تصريحات الرئيس الأمريكي كان لها صدى واسعا في مجريات الاحدات التي تشهدها الدول العربية موضحا ان خطاب الذي أجراه في القاهرة أثر بشكل كبير على الشعب التونسي والليبي معتبرا إياه العامل الذي غذى الثورات بالمنطقة. وقال الباحث الامريكي في هذا المجال: »كان أول رد فعل أمريكي لما يحدث في بعض البلدان العربية« تونس ومصر »مغاير للموقف الفرنسي والبريطاني والمتمثل في الدعوة إلى احترام الاحتجاجات والتعامل معها بإيجاب.« وأضاف في نفس الصدد، أن أمريكا تعمد إلى دس أنفها في مختلف الثورات العربية اليوم لتبلورها بما يخدم مصالحها، مقرا بأن هذا التدخل العسكري كما جرى في ليبيا وسيتحول إلى تهديد حقيقي للبلدان العربية مستقبلا. وردا على سؤال صحفي جريدة (ليبارتي) فريد عبد العزيز، أكد الأستاذ أن التدخل العسكري في ليبيا كان تهديدا خطيرا للمدنيين في بن غازي القادمة متسائلا في هذا الصدد لماذا لم تتحرك ساكنا الولاياتالمتحدة والغرب بصفة عامة عندما شهدت رواندا سنة 1994 إبادة جماعية للسكان من أجل إنقاذهم. وفي نفس الصدد حذر من تداعيات التدخل الغربي وعلى رأسها الولاياتالمتحدة في الثورات العربية على المستوى البعيد الأمر الذي يهدد مستقبل المنطقة التي تصبو لإقامة نظام ديمقراطي ليس بالضرورة مستمد من »أجندة الغرب«. وبالنسبة للسؤال المتعلق بما إذا كانت المشاكل التي تتخبط فيها الولاياتالمتحدة وتصب في مجملها في الأزمة المالية والتضخم سيجعلها تركز على أوضاعها الداخلية أكثر من التدخل في الشؤون الخارجية رد مورتيمور قائلا »إن أمريكا كقوة عالمية لديها مصالح عديدة والواجب يملي عليها أن تقوم بأكثر من شان واحد في الوقت نفسه وأنها ستسعى جاهدة إلى الاستمرار في السياسة الخارجية من جهة والعمل على إصلاح مشاكلها الداخلية من جهة أخرى«.