اتخذت التدابير الكفيلة بمرافقة المؤسسة الصغيرة والمتوسطة وتهيئة محيط النشاط من أجل الانتشار والتموقع في الخارطة الوطنية المتغيرة وسط منافسة محتدة، وهي منافسة تفرضها وتيرة الانفتاح جراء امضاء الجزائر اتفاقات وعقود مع مختلف الاتحادات والمنظمات بعد اتفاق الشراكة الأوروبية. وجاء تنفيذ هذه التدابير على ضوء ما قررته الثلاثية من اجراءات لصالح المؤسسة الجزائرية لاسيما الصغيرة منها المعول عليها في خلق الثروة والقيمة المضافة والعمل، وهي تدابير تشمل في المقام الأول تحسين حالة التمويل البنكي، لرفع إنتاج المؤسسات الصغيرة، ومضاعفة عددها إلى أكثر من 4000 ألف مؤسسة، الرقم محتشم بالنظر إلى الامكانيات المجندة، والموارد المسخرة، والخطاب السياسي الاقتصادي. وفي هذا الإطار، تقرر إعادة جدولة مديونية المؤسسات التي عرفت صعوبات جمة لم تقو على تسويتها بنفسها، وهي مؤسسات تمتلك مؤهلات الاقلاع والنهوض من كبوتها. وحسب رشيد موساوي، المدير العام للوكالة الوطنية لتطوير المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، فإن هناك 200 ملف حول مديونية الوحدات معنية بإعادة الجدولة. وذكر مساوي بأن هناك إرادة تحذو الأطراف الأساسية في الثلاثية من أرباب العمل وحكومة ونقابة في أخذ هذه المسألة مأخذ جد باعتبارها آلية مهمة في مرافقة المؤسسة الجزائرية الصغيرة نحو الإنتاج والتوسع، ليس فقط من أجل تلبية الاحتياجات الوطنية بل التصدير إلى أبعد الفضاءات، ورفع الايرادات خارج المحروقات إلى ما فوق 3،1 مليار دولار. التحدي الآخر المنتظر رفعه لتهيئة أجواء العمل للمؤسسة الصغيرة، تسلحها بالتأهيل والمواصفات واعتماد شهادة المطابقة »إيزو« دون البقاء أسيرة الإرتجالية والبريكولاج وتطبيق القاعدة السلبية »أنا وحدي أمتلك المعرفة«. ولهذا تقرر الإكثار من حملات التوعية والتحسيس لجر المؤسسات الصغيرة إلى الاندماج في مسعى التأهيل، والتجاوب مع البرنامج الوطني التي رصدت لصيغته الجديدة منذ جانفي مليون دينار. وهناك 1020 ملف مبرمج في الصيغة الجديدة للبرنامج الوطني للتأهيل، وتشمل بالاضافة إلى الاستثمارات غير المادية، استثمارات مادية يتم التدخل من خلالها لمنح مساعدات تقنية ومالية للوحدات.. وهو إجراء لم يعد يقتصر على دورات التكوين والرسكلة المهتمة بتطبيق نظام النوعية والجودة وشهادة المطابقة »إيزو«. ويشدد في الصيغة الجديدة بشكل خاص على آليات القروض البنكية المقدمة بشروط ميسرة وأسعار بفائدة في أدنى المستويات تكون عاملا مساعدا للمؤسسة في كسر الجمود، وخلق الإنتاج الوفير، والخروج من حالة الندرة أكثر من أن تسقط في أمور تعجيزية تدخلها من جديد في أزمات كساد وإفلاس. لكن رغم كل هذا، لابد على المؤسسة الجزائرية بذل المزيد من الجهد في سبيل التسلح بالمعارف، والاستثمار في الموارد البشرية.. وهي مطالبة أكثر بالاندماج في محيط الأعمال والاستثمار واعتماد شفافية التسيير والتنظيم، وكشف أنشطتها ومتاعبها ضمن عمليات احصائية دقيقة، دون إخفاء أي معلومة إقتصادية بدافع غير مبرر »سري للغاية«.