كانت منطقة الجلفة قبل عشرات الملايين من السنوات عائمة تحت الماء، بدليل اكتشاف مجموعة من الصدفات المتحجرة، التي هي محفوظة ومعروضة بالمتحف المحلي للمدينة. ويرجع تاريخ وجود الإنسان بالمنطقة إلى عصر ما قبل التاريخ فقد تم العثور - منذ بداية القرن العشرين - على نقوش ورسومات صخرية وكتابات ليبية بربرية يعود أقدم تاريخ لهذه الآثار إلى حوالي 9000 سنة قبل الميلاد. هذه الرّسومات والنقوشات تتوزع على محطات عدة في الجلفة من أهمها: محطّة عين الناقة: التي تبعد بحوالي 45 كلما جنوبالجلفة وتزخر برسومات أثرية عديدة لمجموعة حيوانات، مثل الحيرمين العتيقين (Les deux Buffles antiques) الضخمين (أكبر هذين الرسمين مساحته 219 سم)، ويوجد بالمحطة أيضا رسم لفيل كبير، ورسم لامرأة ورجل يدعيان: العاشقين الخجولين. ويوجد بالمنطقة أبعد تاريخ للحضارة القفصية، يحدد ب: 7350 سنة ق.م. محطة حجر سيدي بوبكر: اكتشفت سنة 1965 من قبل فرانسوا دو فيلاري. وهذه المحطة قريبة من مسعد، وتحمل عدة نقوشات صخرية من جهاتها المختلفة..مثل الكبش الذي تعلوه شبه كرة فوق رأسه (Le bélér à spheroide)، وعلى يمينه نعجة لا تظهر فوق رأسها شبه الكرة Brébis sans spheroide . محطّة حصباية: اكتشفت هذه المحطة في عملية عسكرية للفرنسيين أثناء الاحتلال، وأعيد اكتشافها سنة 1964 من قبل دوفيلاري وبلانشار. تبعد بحوالي 75 كلما عن مدينة الجلفةجنوبا، حيث نجد نقوشا صخرية لفيلة وأبقار ونعامات وأرانب ورسما لإنسان. وهنا تظهر ملامح العصر النيوليتي (العصر الحجري الحديث) الذي بدأ في الشرق الأوسط منذ 7000 سنة قبل الميلاد، ممّا دل على وجود الإنسان في المنطقة خلال هذا العصر. محطّة خنق الهلال: اكتشفها سنة 1966 براتفيال ودوفيلاري. محطة قريبة من عين الإبل، فيها رسم لثور (حيرم) عتيق، وكبش تعلوه شبه كرة. ويوجد رسم لأسد كبير لا يظهر ذيله، ويتجه بوجهه إلى اليمين.. محطّة عمورة: تقع بمنطقة مسعد، وقد اكتشفت سنة 1965. وفيها رسم لفيلين. محطّة ثنية المزاب: تبعد بحوالي 45 كلما جنوبالجلفة. يعود تاريخ رسومها إلى 6000 سنة قبل الميلاد. نجد في صخورها الصفراء رسومات غامضة صعبة الفهم، ورسما لفيل ضخم وآخر صغير، ولشخص يظهر شعره بهيئة غريبة. محطّة زكار: اكتشفت هذه المحطة سنة 1907 من قبل ماقني القاضي في الجلفة آنذاك . فيها رسوم جميلة ودقيقة لظبي إفريقي يجثو على ركبتيه، بينما يلتهمه أسد، مع أن الأسد يبدو أقل شكلا..وفيها رسوم لنعامة ولوحيد القرن. محطّة صفية بورنان: اكتشفت سنة 1954 من قبل بيلان. تقع بين مسعد والمجبارة. وفيها رسومات لفيل وكبش ونعامات وغزال، وكذا مجموعة من الخيول...الخ، ويرى هونري لوت أن المحطة تعود إلى حوالي 5020 أو 5270 سنة قبل الميلاد. من أهم الوسائل التي اعتمدتها السياسة الرومانية من أجل إحكام السيطرة على الأراضي الجزائرية بناء بعض التحصينات «Les limes» التي امتدت من شط الحضنة شمالا إلى وادي جدي جنوبا. وفي سنة 126م امتدت هذه الحصون (Les limes) جنوب وادي جدي، وبذلك شملت منطقة الجلفة وكان الغرض منها صد أي هجمات متوقعة أو تحركات مريبة. كما اعتمد الرومانيون على إنشاء قلاع، مثل قلعة ديميدي الواقعة قرب مدينة مسعد الآن. وقد بنيت في عهد الإمبراطور الروماني سبتوس سفيروس. وكان ذلك سنة 198 م في رأي جلبير شارل بيكار، بينما يرى شارل اندري جوليان أنها بنيت سنة 201 م. واستمر عمل هذه القلعة إلى غاية سنة 240 للميلاد. ولم تكن الوحيدة في هذه المناطق، بل بنيت قلاع أخرى في الجنوب، في «القاهرة» وعين الريش والدوسن وبورادة، وكلها تقع في امتداد استراتيجي يتحكم في الاقليم الممند جنوب حوض الحضنة. ولا شك في أن المكان المسمى دمد في منطقة مسعد أخذت تسميته من هذه القلعة التي تمثل موقعا مهما من الناحية التاريخية الاثرية، إذ كان يحوي بعض الآثار والأدوات البرونزية والخزفية، وكذا رسوما جدارية..وجلها تم استخراجه في نهاية ثلاثينيات القرن العشرين، ووضع للعرض في متحف الآثار القديمة بالجزائر. وهكذا فقد كانت مهمة هذه الحصون والقلاع التي وضعها الرومان هي أحكام السيطرة وتوفير المن لنفسهم في الشمال الجزائري الذي عرف التركيز الاستيطاني آنذاك، إذ سمحت هذه الإجراءات بمراقبة تحركات البدو الذين كانوا يتنقّلون في حدود هذه المناطق. ولازالت بعض آثار قلعة ديميدي التي بنيت على وادي يعد أحد روافد وادي جدي المنطلق من المنحدرات الجنوبية لجبال أولاد نايل، لا زالت موجودة بمدينة مسعد في المكان المسمى دمد، ولازالت بعض القطع الأثرية المنقوشة من بنيانها معروضة بالمتحف السياحي لمدينة الجلفة.