شهد اليوم الثاني من فعاليات مهرجان الجزائر الدولي للسينما، عرض ثلاثة أفلام وثائقية «نهاية الفقر؟» للمخرج الفرنسي''فيليب دياز'' ثم تبعه فيلم «الحدود الجنوبية» للمخرج الأمريكي ''أوليفر ستون'' إضافة إلى عرض فيلمين من إنتاج مؤسسة «شاشات» الفلسطينية، وعلى هامش العروض تم تنظيم لقاءات صحفية مع مخرجي هذه الأعمال بقاعة متحف السينما بالجزائر العاصمة. كان الجمهور الحاضر بقاعة السينيماتيك، على موعد مع اكتشاف الوجه الآخر للرأسمالية الفاحشة، من خلال مشاهد فيلم «نهاية الفقر؟» ل''فيليب دياز'' الذي تضمن شهادات حية عن معاناة ملايين البشر في العالم من المجاعة، التي أفرزتها سياسات الدول المصنعة المعتمدة على استغلال ثروات دول مغلوبة على أمرها، كنوع من أنواع الاستعمار الجديد الذي تستفيذ منه فئة قليلة (25٪( على حساب الأغلبية الساحقة من شعوب العالم85٪(، هذه الأغلبية كما يصورها الفيلم تصارع من أجل الحصول على الأكل والبحث عن الحياة الكريمة، لكنها تصطدم دائما بواقع مر فرضته الرأسمالية التي حسب شهادات الفيلم فشلت فشلا ذريعا في التأسيس لنظام اقتصادي عادل يحمي حقوق جميع الفئات. انطلاقة الفيلم كانت بالكشف عن أخر الإحصائيات حول الحياة المعيشية لسكان العالم، بحيث أنه حسب الفيلم 800 مليون شخص يعانون من المجاعة، منهم 300 مليون طفل، ويفارق الحياة شخص في كل 3 ثواني بسبب ذلك، ويتساءل الفيلم هل هناك نهاية للفقر؟. وللإجابة على هذا التساؤل، يرحل بنا الفيلم إلى مناطق عديدة بالعالم تشهد تناقضات ومشاكل مستعصية (البرازيل، بوليفيا، كينيا، تانزانيا) شعوبها تصارع مخلفات الاستعمار القديم، الذي ظهر بشكل جديد فيما يسمى الليبرالية الجديدة، التي تعتمد على حرمان الشعوب من ملكية أراضيهم واستغلال الثروات الطبيعية وتركها تعيش تحت مديونية دائمة... تقوم بهذا الدور الشركات المتعددة الجنسيات. وعبر محطات الفيلم، تُقدم شهادات مختلفة لسكان هذه الدول عن الوضعية التي يعيشونها، مع شروح لمختصين في الاقتصاد والعلاقات الدولية، يقدمون أرقاما وحقائق فظيعة عن مساوئ الرأسمالية وممارسات دول الشمال بقيادة الولاياتالمتحدة وأوروبا الغربية، التي تنتهج سياسة تعتمد على الاستغلال المتعدد الأشكال، ولم يخلو الفيلم من صور مؤثرة لعائلات تفتقد لأبسط الإمكانيات، وأطفال تتسول والبعض منها تشتغل في أعمال شاقة. ''فيليب دياز'': مشاهد الفيلم مجرد عينة لعالم يسوده اللاعدل
وعن الفيلم أكد المخرج ''فيليب دياز'' في لقائه مع الصحافة، أنه حاول تصوير واقعا مرا يشهده عالم اليوم، ليس من أجل التوعية فقط بل لمواجهة كل هذه المخاطر وحماية الإنسانية من ممارسات قلة لا ترحم، ولم يخف ''دياز'' تأكيده أن ''هذا النظام الاقتصادي فقد كل مبررات وجوده، وحان وقت لزواله، وما يؤكد ذلك خروج الجماهير إلى الشارع للتعبير عن عدم رضاها وسخطها لهذا الوضع، وبالتالي سندخل مرحلة جديدة يعاد فيها ترتيب الاقتصاد العالمي على أسس جديدة، بعيدا عن الفردانية في التسيير والبحث عن المنفعة العامة''. وعن اختياره تلك الدول لتصوير مشاهده، أكد ''دياز'' انه أخدها كعينة فقط لتوضيح الرؤية والمعاناة، لمجموعة هائلة من شعوب الجنوب، وانه ركز على الحياة في الأحياء القصديرية التي ورثها السكان عن الاستعمار، الذي مارسته دول الشمال، متمنيا في الأخير أن يكون المشاهد قد استطاع ايصال رسالة الفيلم إلى المشاهد. يذكر أن الفيلم من إنتاج شركة ''سينما ليبر ستوديو'' سنة 2009. ''أوليفر ستون'' في قصور رؤساء أمريكا الجنوبية الفيلم الثاني الذي تم عرضه أول أمس بقاعة السينيماتيك، كان بعنوان «الحدود الجنوبية» للمخرج العالمي ''اوليفر ستون''، هذا الفيلم الوثائقي الذي لقي نجاحا منقطع النظير، لاحتوائه على مشاهد مثيرة من صراع قادة أمريكا الجنوبية الحاليين بقيادة الرئيس الفنزويلي ''ايغو شافيز'' ضد الوجود الامريكي في المنطقة، ومحاولات ايجاد سبل الوحدة، لوضع حد للسيطرة الامريكية على ثرواتها، والتي امتدت لعقود طويلة اعتمدت حسب مشاهد الفيلم على زرع الفوضى داخل هذه الدول، وفرض رؤساء لقيادة شعوب هذه الدول حتى ولو تطلب الأمر تنفيذ انقلابات عسكرية . الفيلم اختزل قضية من خلال صور دعائية لقنوات تلفزيونية امريكية، على رأسها ''سي.ان.ان'' و''فوكس نيوز'' تحاول تقديم صورة سلبية عن هؤلاء القادة، وتصفهم بالديكتاتوريين والداعمين لمافيا المخدرات والإرهاب، هذه المعالجة الإعلامية حسب الفيلم أتت أُكلها وصدَّقها الشعب الامريكي بنسبة 70 بالمئة، لكن مخرج الفيلم حاول واجتهد أن يغير تلك الصورة والنظرة، من خلال إجراء لقاءات شخصية مع رؤساء كلا من فنزويلا، بوليفيا، الأرجنتين، البرازيل، الاكواتور، غواتيمالا والرئيس الكوبي، إذ حاورهم بقصورهم الرئاسية، وحاول من خلالها ايضاح وشرح وجهات نظرهم وطموحاتهم ومحاولاتهم تشكيل جبهة موحدة لمواجهة الأطماع الامريكية. لقاء ''ستون'' الأول كان مع أكثر الرؤساء عداءا لأمريكا ''ايغو شافيز'' الرئيس الفنزويلي، الذي حاولت امريكا بكل الطرق الاطاحة به عدة مرات لكنها فشلت، وفي سؤال ل''ستون'' عن سبب ذلك، يجيب ''شافيز'' أن تكوينه العسكري منذ الصغر سمح له مواجهة كل حالات التمرد أو الانقلاب، إضافة لقناعة الشعب الفنزويلي بما يقوم به كرئيس، وأكد انه يحاول احياء ثورة ''بوليفار'' لتوحيد امريكا الجنوبية، وجعلها قوة في مواجهة كل الاطماع الاجنبية. واستطاع ''ستون'' من خلال الفيلم تصوير مشاهد نادرة للرئيس شافيز، كما رافقه عبر طائرته الخاصة لزيارة مسقط رأسه، كما قدم الفيلم اهم المراحل في حياة ''شافيز'' والمحطات التي اعقبت وصوله الى الحكم. ثاني الرؤساء المعادين للوجود الأمريكي بأمريكا الجنوبية الذي اختار ستون لقائه، الرئيس البوليفي ''ايفو مورانس'' الذي أكد ل''ستون'' ان الولاياتالمتحدةالأمريكية، تحاول فرض خطة ''مارشال'' على دول المنطقة، وانه يؤيد سياسة ''شافيز''، وسيحاول تشجيع باقي الدول للانضمام الى صف الوقوف في وجه النفوذ الامريكي. ثم كان ل''ستون'' لقاء مع رئيسة الأرجنتين ''كريستينا فرنانديز'' وزوجها الذي سبقها الرئاسة، والرئيس البرازيلي السابق ''لولا دا سيلفا'' فالرئيس الاكواتوري ''رافاييل كوريا'' ثم الرئيس الغواتيمالي ''فرناندو هوغو'' وكلهم شرحوا ل''ستون'' انهم لا يكرهون أمريكا كبلد ''بل سياسات حكامها الذين نطالبهم بتركنا وشأننا''، وختم ''ستون'' لقاءاته بالرئيس الكوبي ''راوول كاسترو''. منهيا فيلمه بكلمات عبر بها هو شخصيا من على شواطئ كوبا، عن مساندته لقضايا هذه الدول الذي وصفها بالعادلة. هذا الفيلم انتج في سنة 2009 مدته ساعة و15 دقيقة . فلسطين في مواجهة الاحتلال آخر الأعمال التي تم عرضها فيلمين فلسطينيين من انتاج مؤسسة ''شاشات''، الاول بعنوان «الارض بِتَتْكَلَمْ عربي» تطرقت من خلاله المخرجة ماريز قرقور الى مرحلة سبقت 1948، تضمت عدة شهادات لمؤرخين ومواطنين عايشوا تلك المرحلة العصيبة، التي شهدت التصفية العرقية التي اقترفها الصهاينة، في مشاهد مؤثرة لصور من الارشيف. أما العمل الثاني فتطرق الى الانتفاضة الثانية، يصور اوضاع الفلسطينيات ومعاناتهن ونضالاتهن ضد الاحتلال الاسرائيلي. ''راما ماري'': المرآة الفلسطينية جزء من نضال الرجل الفلسطيني وعن هذه الاعمال ابرزت ممثلة مؤسسة ''شاشات'' المنتجة لهذه الأعمال ''رما ماري'' انها اعمال تحاكي واقع الفلسطينيات، المليء بالنضالات والتضحيات اليومية ضد الظروف القاسية التي فرضها الصهاينة، هذه الاعمال تهدف كما قالت رما الى تصوير المجتمع الفلسطيني في حقبتين مختلفتين جسدته بسالة الفلسطينيات وقوتهن رغم الوضع الزري تحت نير الاحتلال الاسرائيلي، في مشاهد تؤكد أن الفلسطينية جزء من هذا النضال المستمر في سبيل الحرية .