فتح مركر «الشعب» للدراسات الاستراتيجية أمس ملف جرائم فرنسا الاستعمارية في الجزائر المنفذة على مدار أزيد من قرن. وأعاد النقاش المفتوح والجدل المطروح حول لماذا تتمادى فرنسا في سياسة الهروب إلى الأمام، ويؤكد قادتها في كل مرة، رفضهم المطلق للاعتراف والاعتذار عن جرائم وابادة نفذت بدم بارد ضد الجزائريين المنتفضين من أجل الحرية والوطن والسيادة. وكان التأكيد في ندوة نقاش نشطها الدكتور محمد الصالح حسناوي، لماذا لم تتمكن الطلبات الجزائرية المرددة من أكثر من جهة من انتزاع حق الاعتراف الفرنسي بالجريمة الاستعمارية والاعتذار، لطي صفحة الماضي، وليس تمزيقها، والانطلاق في بناء علاقات ثنائية متوازنة لا تهتز تحت أي طارئ. وكيف يقابل القادة الفرنسيون المطلب الجزائري حول الاعتذار بتصريحات نارية ترفض ذلك وتؤكد زورا وبهتانا «ان الأبناء لا يعتذرون عما اقترفه الأجداد من جرائم وإبادة في حق الجزائريين». حدث هذا، وتزامن مع الحقبة الممهدة لامضاء معاهدة صداقة بين الجزائروفرنسا حيث عكرت، بقانون الشؤم الممجد للاستعمار ويرى فيه رسالة تمدن وتحضر للشعوب. وحدث بعدها، بخروج وزراء ومسؤولين فرنسيين بتصريحات استفزازية تعد بالعلاقات الثنائية إلى نقطة البدء، والشروع من جديد في مساعي لاعادة التهدئة وتذويب الجليد، خاصة عقب تصريح كوشنير الذي اعتبر قنبلة موقوتة، حول ضرورة ذهاب جيل نوفمبر من الحكم في الجزائر لبناء علاقات ثنائية مستقرة. وقفز وزير الخارجية كوشنير آنذاك عن حقيقة واحدة أن جيل الاستقلال هو امتداد للتحرر، ويغير على السيادة والوطن. ولا يمكن تجاهل ونسي كل هذه الجرائم الفرنسية التي تجاوزت الحدود والمعقول. نسي كوشنير ما جاء به التاريخ الحديث عن الظاهرة الاستعمارية، وكيف صفت مستعمرات أجواء التوتر مع الدول التي استعمرتها، بالاعتذار والاعتراف، والقبول بطي صفحة جديدة. حدث هذا مع اليابان والصين.. ومع ايطاليا وليبيا، مع هولندا واندونيسيا، فلماذا تريد فرنسا السباحة عكس التيار وتعاكس مجرى التاريخ، وتشكل الاستثناء. فرنسا حسب ما جاء في الندوة الفكرية، لم تكتف برفض تجريم استعمارها والاعتراف بخطئها وخطيئتها، لكنها راحت تتمادى في حملات معادية، مزيدا للجرح نزيفا، وللضمير الحي خدشا. وتمادت في تمجيد سفاحيها ومجرميها وتوزيع عليهم الأوسمة والنياشين، وتفتح المجال لتشريعات تقسم باليمين أن للاستعمار رسالة تمدن وتحضر وهنا المفارقة. وهنا التناقض والخطأ غير المبرر مادام يعتبر جريمة أخرى في حق التاريخ والانسانية لا يمكن أن تسقط بالتقادم.