أكد عبد الرحمن بلعياط العضو المكلف بأمانة التكوين السياسي بحزب جبهة التحرير الوطني أن العلاقات الجزائرية الفرنسية يجب أن تكون في حدود المصالح المشتركة، مشيرا إلى أن الأفلان لن يتنازل عن المطالبة باعتذار فرنسا عما ارتكبته من جرائم وحرب إبادة في حق الشعب الجزائري. تصريحات بلعياط جاءت خلال حصة »في أروقة السياسية« بثتها القناة الإذاعية الثالثة أول أمس حول العلاقات الجزائرية الفرنسية، حيث تم طرح إشكالية العلاقات بين البلدين وهل التاريخ هو من يعيقها وهل يمكن تجاوز هذا الإرث التاريخي؟ الحصة حضرها كل من عبد الرحمن سعيدي رئيس مجلس الشورى بحركة مجتمع السلم وأحمد معوش عضو المكتب الوطني بحزب التجمع الوطني الديمقراطي. وقد تميز اللقاء بتطابق وجهات النظر بين مختلف الأعضاء الممثلين لأحزاب التحالف فيما يتعلق بتجريم فرنسا بالنظر إلى ماضيها الاستعماري، حيث أوضح عبد الرحمن بلعياط في هذا السياق أن حزب جبهة التحرير الوطني لن يغير موقفه فيما يخص الصفح عن جرائم الاستعمار الفرنسي وقال إن الأفلان لن يتسامح ولن يطوي صفحة الجرائم الاستعمارية التي لحقت بالشعب الجزائري إبان فترة الاحتلال والتي استهدفت الإنسان والأرض والهوية. وبالمقابل يرى عبد الرحمن بلعياط أن المشاكل العالقة بين البلدين بسبب الماضي الاستعماري لا يعيق قيام علاقات ثنائية بين البلدين تكون محصورة في المصالح المشتركة، مذكرا بأن مشروع إبرام معاهدة الصداقة بين الجزائروفرنسا قد أجهض بسبب قانون العار الذي يمجد الاستعمار والصادر عن البرلمان الفرنسي في 23 فيفري 2005. ومن هذا المنطلق أشار بلعياط إلى ثلاث نقاط أساسية تتعلق بمبدأ الاعتراف والإقرار بأن الاستعمار الفرنسي قد أضر بالجزائر، من حيث جرائم التقتيل والتعذيب والتجهيل، وذلك كله يبقى عملا مجرما ومدانا في العالم كله، ذلك أن الاستعمار ليس فضيلة ولا ينبغي تمجيده أو الإشادة به، بالإضافة إلى مطلب الاعتذار ومن ثم يمكن الكلام عن التعويض كما حدث بين ايطاليا وليبيا. بلعياط قال إن العلاقات الجزائرية الفرنسية منذ سنة 1962 كانت متوازنة بالنظر إلى مواقف الجزائر في الحقل الدولي أو حتى بالنسبة لفرنسا نفسها والتي كانت دائما مبنية على أساس تفكير سليم ومواقف مسؤولة، لكن المطلوب من الطرف الآخر المتمثل في الجانب الفرنسي هو العودة إلى جادة الصواب من خلال بناء علاقات مع الجزائر خارج الإرث التاريخي الذي لا يزال عائقا بالنسبة له. واستطرد بلعياط مؤكدا أن الحقبة الاستعمارية كانت مظلمة وأتت بكثير من المظالم لا يمكن للزمن أن يمحوها وستبقى مطروحة من طرف الأجيال المتعاقبة في المستقبل، في إشارة منه إلى تصريحات وزير الخارجية الفرنسية برنارد كوشنير الذي تحدث على أن الارتباط بالمسائل التاريخية يقتصر على جيل الثورة وسرعان ما ستتغير الأمور برحيل هذا الجيل. وحسب ما أكده بلعياط، فإن الرأي العام الجزائري لا يحمل أي مواقف متطرفة فيما يتعلق بتجريم الاستعمار أو فيما يخص تصوره لواقع العلاقات الجزائرية الفرنسية، على عكس الرأي العام الفرنسي الذي نجد فيه جهات متطرفة تسعى إلى عرقلة العلاقات الثنائية بين البلدين، كما أن الرأي العام النير بفرنسا من مثقفين ومؤرخين وغيرهم من ممثلي النخبة الفرنسية لم يلعبوا دورهم كما يجب لإنارة الرأي العام الفرنسي حول عديد من الحقائق التاريخية المرتبطة بالحقبة الاستعمارية.