يكون، اليوم، عمال التربية الوطنية على موعد هام جدا بالنسبة لهم، ويتعلق الأمر بإجراء انتخابات مصيرية حول طريقة تسيير ملف الخدمات الاجتماعية من خلال الانتخاب على وثيقتين، الأولى وتنص على إنشاء لجان ولائية وطنية لتسيير أموال الخدمات الإجتماعية، والثانية تقترح نمط تسييرها على مستوى المؤسسات التربوية لذات الملف. وقبل هذا الموعد المصيري للتصويت على أحد النمطين في التسيير، كثفت نقابات عمال التربية من حملتها الدعائية والإغرائية لحمل القاعدة على اختيار الطريقة التي تبدو لها مواتية لرفع الإحتكار عن هذا الملف الذي تقدر ميزانيته بحوالي 20 مليار دج، وهي حصيلة الأموال التي تعود إلى ما قبل ست عشرة سنة، لم يستفد منها عمال القطاع رغم أنها تقتطع من رواتبهم بصفة دورية ومستمرة طيلة هذه المدة الزمنية الطويلة. لم يسبق وأن عرف ملف في قطاع التربية تجاذبات واتهامات متبادلة، مثلما يشهده حاليا ملف تسيير الخدمات الاجتماعية، فبعد النضال الطويل الذي قادته أهم النقابات العمالية الفاعلة في القطاع من أجل وضع حد للاحتكار الذي مارسه الفرع التابع للمركزية النقابية وهو الاتحادية الوطنية لعمال التربية، طيلة السنوات الطويلة الماضية، تحول النضال هذه المرة إلى صراع بين النقابات المستقلة، كل يحاول التأثير في عمال القطاع لاختيار النمط المراد فرضه بقوّة الاقتراع. ويعتقد كل من الاتحاد الوطني لعمال التربية والتكوين »الأونيف« والمجلس الوطني المستقل لأساتذة التعليم الثانوي والتقني »كنابيست« أن التصويت على الورقة رقم واحد، من شأنه تجسيد مبدأ التضامن الولائي والوطني والإستفادة من منحة التقاعد المقدرة ب30 شهرا إلى جانب الإستفادة من السلف الخاصة، إما لاقتناء سكن أو شراء سيارة ومنحة الدخول المدرسي وغيرها من الإغراءات التي قد تساهم إلى حد كبير في إسالة لعاب عمال القطاع. هذه الإغراءات وصفتها الاتحادية الوطنية لعمال التربية، بالمغالطات، لأنه لا يمكن تجسيدها على أرض الواقع بالنظر إلى الكلفة المرتفعة التي قد تنجم عن الإلتزام بهذه الوعود، لأن ميزانية الخدمات الاجتماعية لن تتحمل كل هذه المصاريف التي تقدر بمئات الملايير سنويا. أما النقابة الوطنية لعمال التربية »أسنتيو«، فقد اعتبرت من جهتها، أن التصويت على الوثيقة الثانية يعني بالنسبة لعمال القطاع التصويت على مصير الأموال وتحريرها من أية هيمنة، داعيا كل منتسبي القطاع إلى تحمل المسؤوليات كاملة دون الأخذ بعين الإعتبار الانتماء النقابي، إنما المصلحة العامة في التحكم والسيطرة على الأموال التي وصفها بالمسلوبة والمنهوبة منذ أكثر من 17 سنة. وشدد الأمين العام للنقابة، عبد الكريم بوجناح، من لهجته عندما اعتبر أن التصويت ضد نمط اللجان الولائية والوطنية هو رفض للفساد الذي عثت فيه هذه الأخيرة منذ إنشاء صندوق الخدمات الاجتماعية، على حدّ تعبيره. ولم يقتصر إتهام بوجناح على النقابات الأخرى التي تدافع على نمط التسيير وفق الوثيقة الأولى، بل حمل المسؤولية لوزارة التربية الوطنية، حينما قال أن هذه الأخيرة تريد السيطرة عليهم من خلال نمط التسيير عن طريق اللجان الولائية واللجنة الوطنية، ويستدل بذلك من خلال المنشور الذي وصفه بالمتحيز لصالح الخيار الأول. وأمام الاتهام التي كالتها بعض النقابات الوطنية ضد الوزارة الوصية، خرجت هذه الأخيرة عن صمتها لتؤكد على أنها لم تنحاز إلى جانب أي طرف وأن مهامها تقتصر على تسهيل عملية إيجاد مخرج لهذا الملف الحساس. انتخابات اليوم، التي ستنطلق على الساعة الثامنة صباحا ولمدة ست ساعات، ستعقبها مباشرة عملية الفرز، والتي تتم على مستوى المؤسسات التربوية لتعلن النتائج لاحقا، بعد الاطلاع عليها من قبل الوزارة الوصية، ليتحدد أيّ الوثيقتين حازت على قبول القاعدة العمالية لقطاع التربية.