رفع أمس العلم الفلسطيني للمرة الأولى أمام مقر منظمة الأممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة »اليونيسكو« في باريس، ليعد بذلك رمزا لانتصار دبلوماسي كبير للفلسطينيين، بالرغم من المعارضة الكبيرة للولايات المتحدة وإسرائيل، ويأتي هذا الحدث الرمزي بعد نحو شهر ونصف من موافقة المنظمة على منح عضويتها الكاملة في 31 أكتوبر الماضي، وفي هذا التصويت وافق مندوبو الدول الأعضاء بأغلبية 107 صوت مقابل إعتراض 14 صوتا، وإمتناع 52 دولة. وقد أصبحت العضوية رسمية في 23 نوفمبر الماضي عندما وافقت فلسطين ووقعت على الميثاق التأسيسي للمنظمة الأممية. واليوم تعد فلسطين الدولة 195 في اليونيسكو التي هي أول منظمة تابعة للأمم المتحدة تتخذ مثل هذا الإجراء، الذي يرفع تمثيل الفلسطينيين فيها إلى مستوى دولة مستقلة ذات سيادة ولم تنفع معه تهديدات واشنطن وإسرائيل. وأيا كانت الإجراءات التي إتخذتها إسرائيل وربيبتها الولاياتالمتحدة كرد على التحرك الفلسطيني الناجح، فقد إعتبر أمس الرئيس الفلسطيني محمود عباس بأن الانضمام إلى اليونيسكو باللحظة التاريخية وهو بمثابة إعتراف أول بفلسطين، ويمكن أن يكون فأل خير على إنضمام فلسطين إلى منظمات دولية أخرى. والحقيقة أن رفع العلم الفلسطيني في مقر هيئة اليونيسكو يعد مصدر لإنبعاث الأمل بالنسبة لرئيس السلطة الفلسطينية الذي قال بهذا الخصوص: إن مشاهدة علمنا يرفع اليوم في مقر للأمم المتحدة يحرك المشاعر، وهو مصدر فخر لنا، لأن فلسطين هي أرض تلاقي الحضارات، وبالرغم من كل الصعوبات الناجمة عن الحصار، لطالما حافظنا على تراثنا. وبنظر عباس أن لا شيء يليق بفلسطين أرض الرسالات السماوية الثلاث أكثر من أن تكون اليونيسكو بوابتها إلى العالم وهي تبعث من جديد. والواقع أن الطموح الفلسطيني والآمال المنبعثة من الانضمام إلى هيئة اليونيسكو، لن يكون له كبير الأثر على الطلب الفلسطيني المقدم لمجلس الأمن للحصول على العضوية الكاملة في الأممالمتحدة، إذ يحتاج إلى موافقة تسعة من الدول الخمس عشرة الأعضاء في مجلس الأمن، ويبدو أن الإدارة الأمريكية والضغوط الاسرائيلية قد نجحت في الحيلولة دون الوصول إلى العدد المطلوب، علاوة على أن واشنطن جادة في تنفيذ تهديداتها التي أعلنتها صراحة بإستخدام حق النقض لوأد الطلب الفلسطيني في مهده. ولهذا فإن طلب الانضمام للأمم المتحدة يتطلب بذل جهود كبيرة على الصعيدين الداخلي والخارجي، وإذا كانت إسرائيل رغم عزلتها الدولية الكبيرة قد صعدت من مواجهتها ضد الفلسطينيين، وتتجاهل في ذلك تماما وجود السلطة فإن على هذه الأخيرة أن تعمل على الاستفادة من عزلة إسرائيل في الساحة الدولية وتضمد جراحها على الصعيد الداخلي، بتحقيق المصالحة الوطنية فعلا وليس بالقول فقط، بإجراءات ملموسة بتبادل إطلاق المعتقلين وإجراء الانتخابات التشريعية وحتى الرئاسية وتشكيل حكومة وحدة وطنية.. ومواجهة إجراءات الاستيطان غير المسبوقة، ومن ثم توحيد الصف الفلسطيني بعيدا عن الإملاءات والأجندات الخارجية. مما يعطى لها القوة دوليا وبمجلس الأمن لانجاح طلب الانضمام للأمم المتحدة.