خيم، خطر انتشار الجماعات المسلحة بالصحراء الكبرى، وظاهرة اختطاف الأجانب التي طالت لأول مرة متعاونين أوروبيين عاملين في المجال الإنسان بمخيمات اللاجئين الصحراويين بتندوف، على أشغال المؤتمر الثالث عشر للجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب البوليزاريو، الذي انطلقت فعالياته أول أمس، بمنطقة تيفاريتي المحررة بحضور أكثر من 2000 مشارك وعلى عكس المؤتمر السابق، الذي ارتفعت فيه أصوات الصحراويين مطالبة القيادة بالعودة إلى خيار الكفاح المسلح، لتحقيق حلم «الدولة المستقلة» بعد سنوات طويلة من الاحتلال المغربي، استبعد المؤتمر ال13 لجبهة البوليزاريو هذا الخيار- رغم الإبقاء عليه ضمن جملة المقترحات- بسبب الظروف الإقليمية والدولية التي تمر بها المنطقة، والتي فرضت عليها تنسيق الجهود مع البلدان المجاورة لمكافحة خطر الجماعات المسلحة بالصحراء الكبرى، التي انتشرت بقوة في الآونة الأخيرة. ولم يغفل الأمين العام لجبهة البوليزاريو، محمد عبد العزيز، هذا الأمر حيث أبرز في تقريره الأدبي الموجه للمؤتمرين، أن قيادة الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب، وانطلاقا من معرفتها بالتحديات الواجب عليها رفعها، في هذه الفترة بالذات، لاسيما بعد أن وصل خطر الجماعات الإرهابية إلى مخيمات اللاجئين الصحراويين، فقد كان لزاما عليها الانخراط في جهود ومساعي دول منطقة الساحل الرامية إلى مواجهة هذا الخطر والحيلولة دون التدخل الأجنبي من جهة، وإبطال إدعاءات الطرف المحتل للصحراء الغربية الذي يحاول من خلالها، إلصاق تهم الإرهاب والجريمة المنظمة بالجبهة، من جهة أخرى. وسجل عبد العزيز «تنامي مقلق للمخاطر الناجمة عن انتشار الجماعات المسلحة في الصحراء الكبرى»، حيث قال «بعدما كان الشعب الصحراوي ضحية لإرهاب الدولة الذي تمارسه المملكة المغربية منذ 31 أكتوبر 1975، أصبح اليوم أيضا ضحية للإرهاب العالمي، حيث تعرضت مخيمات اللاجئين الصحراويين لعملية اختطاف إرهابية غادرة بحق ثلاثة متعاونين أوروبيين، عاملين في المجال الإنساني، هم الإسبانيين إينوا فيرناندث وإينريك غونيالونس، والإيطالية روسيلا أورو». وأدان الرئيس الصحراوي، هذا العمل الإرهابي الجبان، معلنا تضامنه الكامل مع الضحايا وعائلاتهم، وإصرارا قويا على بذل كل الجهود والتعاون والتنسيق مع دول المنطقة لإطلاق سراح المخطوفين في أسرع الآجال. ولفت عبد العزيز، النظر إلى التهديد المستمر الذي يشكله انتشار الأسلحة وعصابات الجريمة المنظمة، المتشابكة مع أنشطة الجماعات الإرهابية في منطقة الصحراء الكبرى، ما يفرض التنسيق المستمر بين دول المنطقة لمواجهة هذا الخطر. وتحدث الأمين العام لجبهة البوليزاريو، عن بروز صراع جديد، في ظل أجواء تسيطر عليها العولمة ووسائل التواصل الاجتماعي، أبرز أطرافه شعوب «تثور على الظلم والاستبداد والتسلط، وقوى مسيطرة لا تدخر جهدا للإبقاء على هيمنتها أو توسيع مجالها» في وقت تتنافس القوى العظمى للسيطرة على مصادر الطاقة ومناطق النفوذ في إطار محاربة ما يسمى بالإرهاب. واعتبر محمد عبد العزيز، ما عرف باسم «الربيع العربي» والذي لا تزال تداعياته متواصلة، ولم تتضح معالم المسار الذي سيتخذه من أبرز التطورات في شمال إفريقيا والشرق الأوسط خلال المرحلة الماضية، ليس فقط من منطلق ما أدى إليه من تغييرات على مستوى الأنظمة، ولكن بما طرحه من تساؤلات حول الدور الذي لعبته القوى العظمى، وبما حمله من تناقضات وملابسات وازدواجية في المعايير في المواقف الدولية. وفي رأي الرئيس الصحراوي، شكلت منطقتي المغرب العربي وشمال إفريقيا «مركز» هذه الحركة التي عصفت بالعديد من الأنظمة العربية، بدء من تونس مرورا بمصر وصولا إلى ليبيا، والتي لا تزال ارتداداتها متواصلة في بلدان عربية أخرى. وفي المغرب، اعتبر بروز حركة 20 فبراير، نتيجة طبيعية لقرون من الظلم والاستبداد والفساد التي عاشها الشعب المغربي، مشيرا إلى أن «استباق الأحداث من طرف ملك المغرب وإخراجه لدستور ممنوح، قديم في جلباب جديد، وتنظيم انتخابات تشريعية مبكرة، بمشاركة محدودة»، لن يغير في الواقع السياسي والاجتماعي المتردي بالمملكة، كما تبين التقارير والمؤشرات الدولية التي تثبت تراجع المغرب المتزايد في العديد من المجالات كالاقتصاد والتنمية البشرية وحرية التعبير والإعلام، واستمرار انتشار الأمية والفقر والفساد. وأوضح أن تلك «الحقيقة لا تجد دليلها في استمرار الحراك الاحتجاجي الشعبي فحسب، ولكن في لجوء السلطة المغربية، إلى استغلال قضية الصحراء الغربية، التي تحتلها عسكريا خارج أي إطار قانوني، لتجعلها شماعة تعلق عليها كل أزماتها، لصرف أنظار الشعب المغربي عن مشاكله الحقيقية». وأكد في هذا السياق، أنه بالرغم العراقيل التي تضعها الحكومة المغربية أمام الحل، فقد حافظت القضية الصحراوية على حضورها في أجندة مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة، كقضية تصفية استعمار، تشرف الأممالمتحدة على مفاوضات مباشرة بين طرفيها، جبهة البوليزاريو والمملكة المغربية، على أساس تمكين الشعب الصحراوي من ممارسة حقه في تقرير المصير والاستقلال.