أكد رشيد لوراري أستاذ القانون الدستوري بجامعة الجزائر 1، في تصريح خاص ل «الشعب» على الأخلقة العامة السياسية منها والإدارية والعمل على تقوية ورد الاعتبار لمؤسسات الدولة لتحقيق الغايات المنتظرة من تعديل أسمى وثيقة في الدولة، مبرزا أهمية الفصل بين السلطات وتقوية الدور الرقابي على عمل الحكومة. من خلال تصريحه قال لوراري إن تشكيلة لجنة مراجعة الدستور في هذا الظرف بالذات، تأتي كتجسيد فعلي للالتزامات التي قطعها السيد رئيس الجمهورية في حملته الانتخابية، والتي أعاد تجديد التزامه بها خاصة في خطابه بمناسبة تأديته لليمين الدستورية، وفي كلمته في المجلس الأول للوزراء المنعقد الأحد الماضي وذلك بغرض القيام بتعديل عميق للدستور في إطار إقامة الجمهورية الجديدة. وقد جاء اختيار أعضاء هذه اللجنة من الكفاءات الجامعية الوطنية في المجال القانوني، ورغم صعوبة المهمة، بمثابة استجابة فعلية للمطالب الشعبية التي عبر عنها الحراك الذي انطلق يوم 22 فيفري 2019، بغرض تدعيم وبناء وتجسيد نظام ديمقراطي تعددي يسمح بالتداول على السلطة ويحافظ ويصون الحقوق والحريات، انطلاقا من اعتماد المراجعة الدستورية المقبلة على جملة من المبادئ والأسس التي تضمنتها رسالة التكليف التي سلمها رئيس الجمهورية لرئيس لجنة تعديل الدستور لعرابة بمناسبة استقباله. وبالعودة إلى مضمون الرسالة ومن خلال المحاور المتضمنة لها مهمة اللجنة محددة، قال لوراري إن هذا ما يسمح بالقول بأن المراجعة الدستورية لا بد أن ترمي في الأساس من حيث مضمونها إلى تقديم اقتراحات تتعلق أساسا بإعادة تنظيم السلطات فيما يتعلق منها بالهيئة التنفيذية. توفير الضمانات اللازمة لقيام القضاء بدوره كاملا وفي هذا الإطار أفاد المتحدث أنه من المنتظر في هذا المجال استحداث رئيس الحكومة في إطار أخذ الفكرة، بالإضافة إلى تقليص صلاحيات رئيس الجمهورية، وكذا إقرار المسؤولية السياسية للحكومة أمام البرلمان، أو بالنسبة إلى رد الاعتبار للسلطة التشريعية، من خلال تعزيز وتقوية دورها الرقابي على أعمال الحكومة أو بالنسبة إلى تكريس استقلالية السلطة القضائية، وذلك من خلال إعادة النظر في طريقة وكيفية تشكيل وعمل ومهام المجلس الأعلى للقضاء، أو بالنسبة إلى توفير الضمانات الدستورية والقانونية اللازمة لقيام القضاء بدوره كاملا وبعيدا عن كل نوع من أنواع التأثير أوالتدخل في صلاحياته. وأكد في سياق متصل على أهمية وضرورة تكريس مبدأ الفصل بين السلطات في إطار ضمان الاستقلال العضوي والتخصص الوظيفي لكل سلطة من السلطات الثلاث التشريعية، التنفيذية والقضائية، وذلك في إطار من التوازن والتنسيق والتكامل بينها. وحسب اعتقاد لوراري فإنه لا يمكن تحقيق مثل هذه الغايات، وكما ورد في رسالة التكليف إلا من خلال الأخلقة العامة السياسية منها والإدارية والعمل على تقوية ورد الاعتبار لمؤسسات الدولة في إطار العمل على استرجاع ثقة المواطن في المؤسسات السياسية للدولة، وذلك من خلال العمل على محاربة كل نوع من أنواع الانحراف، والاعتماد في إسناد المسؤوليات المختلفة داخل مؤسسات الدولة على عناصر تتعلق أساسا بالكفاءة والإخلاص والتفاني في خدمة المصالح العليا للدولة والتخلي على المحسوبية والجهوية والزبانية في إسناد هذه المسؤولية. تكريس مبدأ محاربة المال الفاسد في العملية الانتخابية وفي هذا الإطار قال لوراري إنه ينبغي تكريس مبدأ محاربة المال الفاسد على العملية الانتخابية، حتى يتسنى للشباب الجامعي الوصول إلى تقلد المهام القيادية في المجالس والهيئات المنتخبة. كما أن حملة الإصلاح - يضيف - لابد أن تكون بتكريس مجموعة من الحقوق والحريات الأساسية الفردية منها والجماعية، ووضع جملة من الآليات والإجراءات التي من شأنها أن تكفل احترام وتأكيد هذه الحقوق والحريات، بل وتعزيز حقوق المواطنين وضمان ممارسة لهذه الحقوق والحريات. ويرى لوراري أنه من الضروري كذلك أن يكون مشروع إعداد الوثيقة السامية المنتظر إعدادها من قبل اللجنة المكلفة بمراجعة الدستور مصحوبة بفتح نقاش ومشاورات واسعة حولها، وذلك بغرض إثرائها قبل عرضها كما ورد في رسالة التكليف على البرلمان للمصادقة عليها قبل عرضها للاستفتاء الشعبي. واعتبر أستاذ القانون الدستوري أن إعادة النظر في الدستور الحالي بالطريقة المذكورة أعلاه، إنما يندرج في إطار إعادة النظر في «منظومة الحكم «والتأسيس للجمهورية الجديدة انطلاقا من تحليل وتعميم مختلف الجوانب العملية لتسيير مؤسسات الدولة خاصة في العشرية الأخيرة التي عرفتها البلاد والتي أدت إلى الأزمة التي انطلقت مع بداية الحراك الوطني.