أثار مشروع مراجعة الدستور الذي يعد مرحلة حاسمة في مسار الإصلاحات السياسية التي باشرها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة اهتماما خاصا لدى الطبقة السياسية الوطنية خلال سنة 2015 للتمكن من إعداد نص يضمن الحريات و يعزز الديمقراطية ودولة القانون. وبموافقة الرئيس بوتفليقة يوم 28 ديسمبر خلال مجلس مصغر على مشروع القانون المتعلق بمراجعة الدستور يدخل المسار مرحلته الاخيرة قبل المصادقة عليه. و سيقوم مجلس الوزراء بدراسة المشروع قبل عرضه على المجلس الدستوري الذي سيقوم بدوره بموجب المادتين 174 و 176 من الدستور "بإبداء رأيه حول الطريقة التي ستتم بها دراسة هذا النص و المصادقة عليه من قبل البرلمان". تهدف مراجعة القانون الأساسي للبلاد التي أجريت بشأنها مشاروات من قبل أطراف فاعلة سياسية و جمعيات و شخصيات وطنية إلى "ضمان الحريات و إرساء دعائم ديمقراطية هادئة في جميع المجالات حسبما أكده رئيس الجمهورية في رسالته الأخيرة بمناسبة احياء الذكرى ال61 لاندلاع ثورة 1 نوفمبر 1954. و قال رئيس الجمهورية "لقد تحققت بعد إنجازات كثيرة وما زال منها ماينتظر التعزيز أو الاستكمال, وذلك هو الشأن في المجال السياسي والحوكمة" مضيفا "ذلكم هو النهج الذي يسير عليه مشروع مراجعة الدستور الذي سيتم الإعلان عنه عما قريب". و أضاف أن هذه المراجعة تهدف إلى "تعزيز الوحدة الوطنية حول تاريخنا, وحول هويتنا, وحول قيمنا الروحية الحضارية و تدعيم مكانة الشباب ودوره في مواجهة تحديات الألفية". و يتعلق الأمر من خلال الضمانات الجديدة المقترحة إلى "تعزيز احترام حقوق المواطنين وحرياتهم وكذا استقلالية العدالة". "ونفس المقاربة هذه تحدو تعميق الفصل بين السلطات وتكاملها, وفي الوقت نفسه إمداد المعارضة البرلمانية بالوسائل التي تمكنها من أداء دور أكثر فاعلية بما في ذلك إخطار المجلس الدستوري" كما أوضح رئيس الدولة. و أضاف الرئيس في رسالته "وقصارى القول, سيكون تنشيط المؤسسات الدستورية المنوطة بالمراقبة وإقامة آلية مستقلة لمراقبة الانتخابات من بين ما يجسد الرغبة في تأكيد الشفافية وضمانها في كل ما يتعلق بكبريات الرهانات الاقتصادية والقانونية والسياسية في الحياة الوطنية". و من جهته كان رئيس المجلس الشعبي الوطني محمد العربي ولد خليفة قد أوضح بأن مشروع مراجعة الدستور يعد خطوة نحو "تكريس ديمقراطية حقيقية" مع "التعديلات العميقة" التي يتضمنها و التي "تتوجه إلى كل المجتمع الجزائري من أجل مستقبل أحسن". وأشار إلى أن المشروع يتضمن أيضا "مبادئ تنص على فصل السلطات ومنح صلاحيات واسعة للبرلمان في المجال التشريعي والرقابي وكذا الوصول إلى مواقع المسؤولية عن طريق الانتخابات". تكييف الدستور مع المقتضيات الجديدة و بتكليف من رئيس الجمهورية لإجراء مشاورات حول المراجعة التوافقية للدستور أجرى السيد أحمد أويحيى مدير الديوان برسائة الجمهورية لقاءات مع شخصيات وطنية و أحزاب سياسية و منظمات و جامعيين ما بين شهري يونيو و يوليو 2014. و فضلا عن هذه اللقاءات تم توجيه زهاء 30 مساهمة خطية في إطار مراجعة الدستور. و كانت رئاسة الجمهورية قد وجهت بتاريخ 15 مايو 2014 دعوات ل150 شريك لاجراء مشاورات بموجب قرار الرئيس بوتفليقة الذي اتخذ يوم 7 مايو خلال مجلس الوزراء. و حسب الرسالة التي وجهت للشركاء السياسيين و الاجتماعيين يندرج هذا العمل الذي قرره رئيس الجمهورية في إطار مواصلة مسار الإصلاحات السياسية. كما يهدف إلى "تكييف القانون الأساسي بالمقتضيات الدستورية الناجمة عن التطورالسريع لمجتمعنا و التحولات العميقة الجارية حاليا عبر العالم".