تجاوب الرئيس التونسي د. محمد منصف المرزوقي، بقوة مع مهرجان التكريم الذي حظي به في دار الصحافة «عبد القادر سفير» بالقبة. وظل يردد أكثر من مرة، أمام الحضور، من وزير الاتصال ووجوه حزبية وثقافية وإعلامية، أمس، «أن تكريمه بهذه الصفة والبهرجة، هو تكريم تونس وثورة يسامينها التي لازالت تصنع الحدث، وتتابع باهتمام وعناية، وينظر إليها كمرجعية في الحراك العربي نحو الأحسن.. نحو الحرية التي تسقط أمامها المحظورات والممنوعات.. وتتلاشى الحواجز. وقال د. المرزوقي، في مهرجان التكريم الذي دام ساعتين، في جو احتفائي بالتغيير بالتحول «أنا متأثر بهذه الالتفاتة التي أذهب إلى تونس وثورتها حاملا الأمل في إحداث التقارب والعمل معا من أجل المشروع البنائي الوحدوي». وذكر الرئيس بهذا في كلمة عرفان بالتكريم، كاشفا عن دلالته ومضمونه، كونه جرى في دار الصحافة، وسلمت خلاله يومية الشروق لضيف الجزائر برنوسا، ودرعا وسيفا يعود إلى حقبة المقاومة الشعبية ضد الاحتلال الفرنسي. وقال أنه مدين للصحافة الجزائرية التي دفعت الكثير من الشهداء من أجل إعلاء حرية التعبير، وتكريس قدسية الكلمة في زمن التعددية، وهي ذات الصحافة التي بقيت وفية لنبل رسالتها، ورفض المساومة عن قيمها ومبادئها، حيث رافقت «ثورة الياسمين» بالخضراء، وكتبت أدق تفاصيلها، متحدية الحواجز والممنوعات البوليسية. وراح الرئيس يطلق العنان للسانه لإحداث مقارنة بين ما قامت به الصحافة الجزائرية أيام الفترة الصعبة التي مرت بها البلاد، والنضالات الشاقة من أجل حرية الكلمة والرأي، وما تقوم به من جهود في تغطيتها للحراك في تونس، مفضلة مقارعة الواقع المتغير، مقتحمة مسالكه الوعرة، في تقصي الحقائق ونقلها بأمانة ومسؤولية وواجب ضمير وأخلاقية مهنة دون القبول بتقارير تأتيها. وبهذه المهنية كسبت الصحافة الجزائرية ثقة الجماهير التونسية، ونالت إعجابها، وتحولت إلى واجهة للمتابعة للمطالعة، توقف عندها الرئيس المرزوقي طويلا. وكشف الرئيس الوجه الحقوقي المناضل منذ سنين من أجل الحرية كيف أنه يرى في المفكر الجزائري «مالك بن نبي» مهلمه إلى جانب «الكواكبي»، ولماذا اعتمد على أفكاره في قراءة الواقع بجزئيه الثابت والمتغير، جريا دائما وراء ما هو يصلح ويؤمن الأمة من مخاطر الطغيان واستبداد الحكم وفساد النظام.. كشف الدكتور المرزوقي أشياء كثيرة بالجزائر، ظل معلقا بها على الدوام، وأجاب عن متى كانت الثورة الجزائرية ملهمته، ولماذا يصح اعتبارها محطة الثورات العربية، لأنها ببساطة، تستهدف تحقيق شيء مقدس واحد: الحرية ولا شيء آخر يعلو فوق الحرية. ورد الرئيس عن تساؤلات كثيرة تخص، إلى أين هي ذاهبة الثورة التونسية، وما العمل لحماية مكاسبها في ظل تحديات متعددة وصعاب تطغى بثقلها. وقال أن هذا التحدي أخذ في الحسبان، والصعوبات تحظى بالدراسة المتأنية والخطة المألوفة من أجل حماية التغيير وحصانة مشروعه، وتأمينه من تقلبات الظرف، باعتبارها أمانة محمولة في العنق. وكل التونسيين أقسموا بالبقاء أوفياء للمبادئ التي غيرت مجرى الأحداث في الخضراء، وتركت العالم كله مندهشا مبهورا.