وصل عدد سيارات الأجرة بمختلف أنواعها في الجزائر إلى 140 ألف، حسب الاتحادية الوطنية لسيارات الأجرة، وينشط في العاصمة 14 ألف سيارة أجرة بالعداد والطاكسي الجماعي، وهو ما يشكل 10٪ من هذه الحظيرة. وبالرغم من الإحصائيات الهائلة إلا أن الواقع ينقل الكثير من المشاكل والعراقيل والتناقضات التي جعلت هذا النوع من الخدمة يصنف في أسوأ المراتب خاصة في العاصمة. وقد أثار قرار مديريات النقل الولائية القاضي بإلزامية تغيير نشاط الطاكسي الجماعي المتواجد بقوة في العاصمة إلى سيارة أجرة بالعداد ردود فعل متباينة بين المؤيدة والمعارضة مثلما لمسته «الشعب» في الاستطلاع الذي قامت به في العاصمة. وبين الجماعي والعداد يبقى المواطن العاصمي أو الذين يقصدون العاصمة لقضاء مصالحهم يعانون من تردي خدمات النقل خاصة على مستوى سيارات الأجرة ويعتبر نفسه ضحية. نقابة سيارات الأجرة تنتقد قرار تحويل نشاط الطاكسي الجماعي انتقد آيت براهم حسين رئيس الاتحادية الوطنية لسائقي سيارات الأجرة في تصريح ل «الشعب» قرار تحويل نشاط الطاكسي الجماعي إلى العداد واعتبره ارتجاليا، و''لم تستشر فيه النقابة الممثلة لهذا النشاط، وحتى وان لم أتلق هذا القرار مكتوبا فأنا أعتبره غير منطقي''. فواقع النقل في العاصمة يؤكد حاجة العاصميين وسكان المدن لهذا النوع من سيارات الأجرة، بالنظر للخدمات الكبيرة التي تقدمها والأسعار التنافسية التي تفرضها «20 دج» واكتسابها لتقاليد منذ 1996 تاريخ بداية العمل بها، وساهمت المحطات المخصصة لها في زيادة الإقبال عليها . وقد تعرضت سيارات النقل الجماعي إلى حملات شرسة من أجل تقليصها والتضييق عليها فمن 1700 سيارة انخفضت إلى 500 في الوقت الراهن، لأسباب نجهلها فكل سائق سيارة «طاكسي جماعي» يرتكب خطأ ويحال على المجلس التأديبي يحول نشاطه لسيارة أجرة بالعداد. وتساءل نفس المصدر، عن خلفيات هذا القرار التي تحتاج لتكوين سائقي «سيارات الطاكسي الجماعي» قبل إحالتهم على النشاط الجديد فجلهم لا يعرفون ضواحي العاصمة ومختلف الهيئات والمؤسسات التي يقصدها الزبائن وعليه فالخدمات ستزداد رداءة. وطرح رئيس النقابة مشكل انعدام عدادات سيارات الأجرة في السوق حيث يضطر معظم من يحتاج لعداد إلى اقتنائه من السوق السوداء وبأثمان باهظة. وأشار في سياق متصل، إلى عدم الأخذ بعين الاعتبار حاجة المواطن لهذا النوع من النقل الذي يضمن الربط بين عدة خطوط وخاصة أعالي العاصمة «المرادية، حيدرة، بوزريعة ،الأبيار، والمدنية، وبئر مراد رايس» وهو ما سيشكل عجزا يصعب تعويضه، كما أن هذا النوع من الخدمات يمكن المواطن من ربح الكثير من الوقت. وأعتقد أمام هذه الأسباب التي أراها موضوعية أن قرار إزالة سيارات النقل الجماعي قرار غير صائب ولن يخدم أية جهة كما أضاف. سائقو سيارات «الطاكسي الجماعي» منقسمون من جهتهم تباينت ردود فعل سائقي سيارات النقل الجماعي بالعاصمة حول قرار تحويل نشاطهم إلى سيارات أجرة بالعداد فالذين ينشطون في خط «ساحة أول ماي/المدنية» و«ساحة أول ماي/الرويسو» و«ساحة أول ماي/ساحة الشهداء» متمسكون بنشاطهم مع تأكيدهم على ضرورة رفع التسعيرة من 20 إلى 30 دينار. وأكد «عمي إبراهيم» كما يحلو لزبائن خط «ساحة أول ماي/المدنية» مناداته أن الزبائن لا يعارضون هذه الزيادات بالنظر لمعرفتهم بالأسباب، وأضاف أن قرار تحويل نشاطهم غير مقبول بعد أكثر من 10 سنوات عمل. وأضاف ل «الشعب» أن هذا النشاط وفر لهم الكثير من الامتيازات وأهمها تحديد أماكن للتوقف وهو ما جنبنا الكثير من المشاكل. كما أن انتشار سيارات «الكلونديستان» وتوفر الحافلات يجعلنا نقتنع بالوضع الذي نحن فيه. وقال زينات حميد سائق «طاكسي جماعي» ينشط بمحور «ساحة أودان حيدرة، الأبيار، والمرادية» بأنه يساند قرار تحويل نشاطه إلى سيارة أجرة بالعداد أن كثرة الازدحام بقلب العاصمة أثر على نشاطهم كثيرا حيث يضيع وقتا كبيرا مقابل إيصال الزبائن إلى الأبيار أو حيدرة وكل هذا مقابل أقل من 200 دج وقد نستغرق في بعض الأحيان ساعة ونصف، وبالتالي فالعائدات قليلة» و«... أرى في الانتقال نحو العداد أفضل حل». وحتى المستقبل يفرض التحول نحو العداد فبعد دخول «الميترو» و«الترامواي» وإعلان توسيعهما سيجعلنا نفقد الكثير من الزبائن وبالتالي ... أعتقد أن هذا القرار صائب». أصحاب سيارات العداد يطالبون بتحسين ظروف العمل قبل محاسبتهم رفض سائقو سيارات الأجرة بالعداد التهم الموجهة إليهم، وأكدوا وجود طفيليين دخلوا المهنة ونشروا فيها السلوكات السلبية التي لطالما اشتكى منها المواطن وخاصة عدم احترام الوجهات التي يقصدها، والعمل بالمزاج في الجمع بين الزبائن، ورفض العمل بالعداد واستعمال أسعار جزافية أو «الكورسات» كما يطلق عليها. وكشف «م.رشيد» 45 سنة من باب الزوار ل «الشعب» عن الظروف الصعبة التي يمارس فيها أصحاب سيارات الأجرة نشاطهم ككثرة الازدحام وعدم مطابقة التسعيرة للتحولات الاقتصادية والاجتماعية ناهيك عن بعض السلوكات السلبية للزبائن. وأضاف نفس المتحدث أن الضغط والفوضى التي تميز العاصمة جعلت الكثير من سائقي سيارات الأجرة يلجأون للحيلة للتهرب من الواقع المزري، وبات الكثير يختار مساحات معينة قرب مستشفى بن عكنون، وفي وسط مدينة باب الزوار وقرب دار الشعب وساحة أودان للظفر بعروض جزافية تتراوح بين 400 و 500 دج وتصل في بعض الأحيان إلى 1000 دج وهي العروض التي تسمح لسائق سيارة الأجرة من تحسين أوضاعه وضمان مداخيل تكفيه لتغطية النفقات وتوفير بعض الأموال لصيانة السيارات لأن العمل بدون انقطاع يسبب الإجهاد ويؤثر سلبا على سلامة السيارة. وأكد آيت براهم حسين رئيس الاتحاد الوطني لسائقي سيارات الأجرة في نفس السياق المتاعب التي يعاني منها سائقو سيارات الأجرة والتي أدت إلى انتشار عديد السلوكات السلبية التي يشتكي منها المواطنون وخاصة على مستوى العاصمة. وقال ان هذه الفئة تشتكي من تراكم الضرائب عليها منذ 1992 حيث طالبت إدارات الضرائب آنذاك من السائقين التريث قبل إيجاد صيغ جديدة للدفع ومع تدهور الأوضاع الأمنية تراكمت الأمور وفي 2002 تفاجأ السائقون بمستحقات وصلت في بعض الأحيان إلى 85 مليون سنتيم. وقد أدت هذه الديون لدى مصالح الضرائب إلى حرمان أكثر من 80 بالمائة من سائقي سيارات الأجرة من التأمين لدى الصندوق الوطني للعمال غير الأجراء لأن شهادة عدم الخضوع للضريبة تشير إلى وجود ديون لدى هذه الفئة. ولم تجد مختلف الرسائل التي وجهناها لمختلف الهيئات والسلطات العليا في إيجاد حل لهذه المعضلة التي تؤرق الجميع، فقد طلبنا إعفاء من الضرائب طيلة العشرية الدموية على غرار عديد الفئات الأخرى، وعليه فتواصل الظروف الحالية لن يحل المشاكل والتناقضات التي تؤثر على تطوير هذه الخدمة. الزبون لم يعد ملكا والأمل في «الميترو» و«الترامواي» يعتبر زبائن سيارات الأجرة في الجزائر ضحايا في الوقت الذي يعتبرون ملوكا في عديد الدول أين يلقى الزبون كل الترحاب والدلع ووقفنا على هذا الواقع عند زيارتنا للكثير من الدول من اسبانيا إلى ألمانيا وحتى تونس. فالسائقون في مختلف الدول يخضعون لتكوين صارم ويطلق على سائق سيارة الأجرة في مختلف العواصم العالمية الدليل السياحي ومرآة لمعرفة حقيقة المجتمعات. وعبر المواطنون الذين التقينا بهم في العاصمة عن امتعاضهم من تدني خدمات سيارات الأجرة والمزاج الصعب لأصحاب سيارات الأجرة بمختلف أنواعها والذين يفرضون نمطا لا نجده إلا في بلادنا. وأكد «ت/الهادي» تاجر بالأبيار التقينا به قرب البريد المركزي أن سيارات الأجرة مشكلة أكثر منها حلا في العاصمة ومن لا يملك سيارة حاليا سيتعرض لمختلف أنواع الاهانة. وقال نفس المتحدث ل «الشعب»: «بالله عليكم في أي جهة يسأل سائق سيارة الأجرة الزبون عن وجهته وهو يسير دون أن يتوقف، وفي أي بلد يتم الجمع بين الزبائن بطرق لا تخضع للعقل وهذا دون الحديث عن التفاوض والتودد لنقلك إلى أماكن معينة على غرار القبة وبن عكنون بئر ومراد رايس والكثير من الوجهات المحرمة مع دفع التسعيرة جزافيا خضوعا لرغبة السائق وإلا فمصالحك ستتأجل إلى أسابيع أخرى». وتقاطعت مختلف شكاوى المواطنين حول الفوضى التي يعيشها القطاع، وعبروا عن أملهم في إنهاء مشاريع توسيع «الترامواي» و«الميترو» في أقرب وقت لتطوير خدمات النقل مع توسيع شبكات النقل الحضري والإبقاء على الطاكسي الجماعي لما له من دور في تعزيز النقل خاصة نحو أعالي العاصمة. وعليه فما يعيشه هذا القطاع من فوضى ومشاكل ناتج عن تراكمات سابقة وضعف الحوار بين مختلف الأطراف ليبقى المواطن الخاسر الأكبر.