تجاوزت ولاية الطارف مرحلة خطر من فيضانات 22 و23 فيفري الماضي، وكشفت الجولة الاستطلاعية ل ''الشعب'' بمختلف المناطق التي مستها الكارثة بمناطق الشط وبن مهيدي، والدرعان والبسباس وبن عمار والريغية والحوايشية وسيدي قاسي وعين العسل عن عودة الحياة إلى طبيعتها جراء تراجع نسبة المياه وتحسن حالة الطقس. وبقدر ما كانت مشاهد الفيضانات التي خلفت 3 قتلى مروعة ومرعبة من خلال التواجد المكثف للمياه على حواف الطريق الوطني رقم 84 الرابط بين عنابة والقالة وتركها آثار نفسية سيئة لدى سكان ولاية الطارف، إلا أن تسجيل 3 وفيات يعكس أن مجهودات كبيرة تم بذلها من قبل مصالح الحماية المدنية ومصالح الجيش الوطني الشعبي والمواطنين لإنقاذ عشرات الأرواح من موت محقق. رفض سكان ولاية الطارف استغلال الفيضانات الأخيرة التي ضربت المنطقة لتصفية حسابات مع السلطات المحلية أو لحملات انتخابية مسبقة، مؤكدين بأن ردود فعلهم الغاضبة بعد الكارثة نابعة من إرادتهم في تبليغ مشاكل السكن والبطالة وانعدام قنوات الصرف الصحي، وغيرها من العراقيل التي تعكر عليهم صفو حياتهم العادية. الفيضان .. منحنا فرصة للتعريف بمشاكل أخرى
كشف المواطن صايفية محمد العربي من مشتة الحوايشية التابعة لبلدية بحيرة الطيور إحدى المناطق المتضررة من الفيضانات ل ''الشعب'' عن الأوضاع الصعبة التي عايشوها ليلة 23 فيفري الماضي حيث تفاجأوا بغرق مساكنهم في المياه جراء الأمطار الغزيرة التي تساقطت، وكذا السيول الصادرة من فيضان سدود ''الشافية'' و''مكاسة'' و''بوقوس''. وقال بأنه سارع إلى إنقاذ عائلته بإخراجها من البيت قبل أن ينقذ ما يمكن إنقاذه من أثاث البيت وهذا أمام هلع كبير للأطفال والنساء حيث انتشرت فيما بينهم حالات هستيرية حقيقية خوفا على مصيرهم. وأكد المتحدث رفقة جيران له كادوا يغرقون في السيول الجارفة التي وصل ارتفاعها إلى أكثر من متر عن تكفل السلطات بهم وتلقيهم المساعدات اللازمة لتجاوز الأزمة. وأضاف السيد ''عبد الوهاب/ص'' إمام وخطيب بنفس المنطقة ''إن الفيضانات جزء من المشاكل التي نعاني منها. ونحاول استغلال اهتمام السلطات بالكارثة لنبلغهم مشاكل أخرى تتمثل في البطالة والسكن وانعدام قنوات الصرف الصحي، وانتشار بعض أمراض الحساسية، وتأخر انجاز شبكة الإنارة العمومية''. ومن المشاكل التي طرحها سكان الطارف عدم الرد عليهم لتمكينهم من قطع أراض في مرتفعات قريبة منهم لتجنب الفيضانات. واشتكى جمع غفير من الشباب التف حولنا من تعطل معالجة ملفات التشغيل ومشاريع إنشاء مؤسسات أو الحصول على قروض للقيام بمشاريع استثمارية في الفلاحة التي تبقى النشاط المهيمن على القطاع الاقتصادي . وتعاني المنطقة من ضعف ملحوظ في تهيئة الإقليم كون المنطقة ريفية ومخطط تهيئتها لم يستطع مقاومة جمال طبيعة المنطقة التي يظهر وأنها ترفض وتقاوم الاسمنت المسلح. فالولاية رقم 36 تبدو جنة منخفضة على شاكلة هولندا فالكثير من المناطق تقع تحت مستوى سطح البحر محيطة بجبال مكسوة بغطاء اخضر يجعلك تمقت ما بناه الإنسان. ويأمل المتضررون من الفيضانات وبعد زيارة وزير الداخلية والجماعات المحلية دحو ولد قابلية ووزير الموارد المائية عبد المالك سلال ووالي الولاية أحمد معبد الإسراع في تجسيد إجراءات التكفل وتجسيد الوعود التي منحوها . وتأسف ''الوردي/ص'' أحد شيوخ منطقة المسدور التابعة لبلدية سيدي قاسي المتضررة من الفيضان إلى الأضرار التي تعرضت لها مجاري الوديان التي تصب في البحر موضحا حسب معرفته بخبايا المنطقة بأن المشكل المتسبب في الفيضانات الأخيرة يعود إلى التضييق على ''سهل مفرغ'' الذي يلتقي عنده ''وادي الكبير'' و''وادي بوناموسة'' بجسر البطاح المتواجد على الطريق الوطني رقم 84 الرابط بين عنابة والقالة في إرجاع المياه نحو مختلف المناطق المجاورة له وهو ما تسبب في حدوث الفيضانات . أما العامل الثاني الذي تسبب في الكارثة يعود إلى فيضان السدود الثلاثة التي تحيط بالولاية جراء الأمطار الغزيرة التي شهدتها المنطقة. ووجه المتحدث نداء للسلطات العليا من اجل التكفل بهم بعيدا عن المساعدات الغذائية بإنصافهم في مجال البناء الريفي والإسراع في الرد على طلباتهم للاستفادة من بناءات في مناطق بعيدة عن أماكن الفيضانات. ودخلت ''الشعب'' أحد بيوت السكان الذي مازالت المياه تغمره بمشتة الفيض الذي حز في نفسه عدم الاستجابة لانشغالاته بجلب آلة امتصاص المياه من حظيرته موضحا بانه بات يخاف على أبقاره من السرقة في ظل عدم وجود مكان تبيت فيه. وتساءل عن سر المماطلة بالرغم من سعيه المتواصل لدى مختلف السلطات لإفراغ حظيرته من المياه. واشتكى السكان من ارتفاع أسعار الخضر والفواكه وقارورات الغاز منذ أسبوع حيث تضاعفت الأثمان مثلما وقفنا عليه في مدينة بوثلجة التي تبعد ب 07 كلم عن مقر ولاية الطارف نحو الغرب حيث بيعت البطاطا ب 70 دينارا والطماطم ب 80 دينارا. وقد عبر الجميع عن استيائهم من هذه السلوكات التي تزيد من حجم المعاناة الكبيرة للسكان. كما عبر المتضررون من استغلال مأساتهم من قبل انتهازيين للاستفادة من التعويضات ودعوا السلطات الى الحذر من هذا الأمر. السلطات تشكل لجان تقييم الأضرار وتؤكد تكفلها بالمتضررين كشفت المكلفة بالاتصال في ولاية الطارف السيدة ميروح عن إصدار الوالي احمد معبد تعليمة تتضمن إنشاء ثلاثة لجان لتقييم الأضرار الناتجة عن الفيضانات واحدة خاصة بالمؤسسات التربوية وأخرى خاصة بالسكن والثالثة مكلفة بالتهيئة الحضرية في إطار التكفل بانشغالات المتضررين. وستجد هذه اللجان صعوبات كبيرة في أداء عملها بالنظر لتخوف السكان من تسلل الكثير من الانتهازيين الذين يحاولون بكل الطرق تكوين ملف منكوب أو متضرر طمعا في التعويض من السلطات وهو ما يدعو إلى الاستعانة بالمتضررين الحقيقيين للتصدي لكل محاولات إفساد عملية التكفل بالمنكوبين الحقيقيين. وأضافت المتحدثة في لقاء مع ''الشعب'' بمقر الولاية أن جميع حالات المنكوبين قد تم التكفل بها حيث تم إعادة 120 شخص إلى مساكنهم بعد أن تم إسكانهم بمدارس في الذرعان ونفس الأمر بالنسبة لعائلة أخرى في بن عمار. وقالت المتحدثة بان قطاع الزراعة كان الأكثر تضررا حيث أتلفت الفيضانات 24 ألف هكتار منها 4000 هكتار من الحبوب و750 هكتار من الحمضيات و850 هكتار من الكروم. وبالمقابل أتت السيول على 2000 متر مربع من الطماطم الصناعية وقضت على 67 بيتا بلاستيكيا و 1500 خلية نحل. وخسر الفلاحون 805 رأس ماشية منها 150 بقرة و 567 رأس غنم. بينما تم فتح جميع الطرقات التي تربط الولاية بمختلف المناطق الأخرى مما ساهم في فك العزلة. وسينزل غدا الأحد وزيرا الفلاحة والتربية الوطنية ضيفين على ولاية الطارف لتفقد قطاعيهما وضبط الخسائر والنقائص والتباحث مع السلطات الولائية عن كيفية التعويض والتكفل بالانشغالات. ويأتي هذا مع مواصلة السلطات توزيع المساعدات الغذائية التي بلغت 2866 حالة ومنح 9060 بطانية و6603 فراش جاهز . وكشف تقرير مؤقت لتقييم الأضرار الناجمة عن الفيضانات عن بلوغ الخسائر أكثر من 1600 مليار سنتيم منها 55 مليارا في قطاع الفلاحة وكان قطاعي الأشغال العمومية والري الأكثر تضررا بينما بلغت الخسائر في قطاع التربية 15 مليار سنتيم وتم تسجيل تضرر 2200 منزل منها بيوت قصديرية. وأكد ''محمد بوتمر'' رئيس المجلس الشعبي لبلدية عين العسل ل ''الشعب'' إجلاء 17 عائلة من البلدية بفضل تظافر جهود مصالح الحماية المدنية والدرك الوطني بدءا من الساعة العاشرة ليلا، وقد تضررت أحياء 5 جويلية وحي بوحشيشة التي تكفلنا بها بالتنسيق مع السلطات الولائية ونسعى دائما للتواصل مع المتضررين لتلبية مطالبهم المتمثلة في التعويض.