افتتح أمس بفندق الشيراتون رئيس المجلس الإسلامي الأعلى الشيخ بوعمران الملتقى الدولي «الإصلاح والاجتهاد عند علماء الإسلام بين الماضي والحاضر»، بحضور خبراء وباحثين من 20 دولة أجنبية و11 جامعة جزائرية أكد الشيخ بوعمران أن الملتقى يأتي في إطار النشاطات التي دأب المجلس على تنظيمها تحت رعاية فخامة رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة، للمساهمة في تحريك الفكر الإسلامي، ومعالجة القضايا الراهنة، وأضاف أن الملتقى يقدم دراسات لباحثين مهتمين بالفكر الإسلامي، لتسليط الضوء على الاسلام ومفاهيمه ونظرياته، مشيرا إلى أن هذه البحوث ستسهم في إثراء مكتبة الدراسات الإسلامية وفتح أفاق جديدة للقضاء على التخلف والتبعية. وافتتح الشيخ سالم بن إبراهيم عضو بالمجلس الإسلامي الأعلى باب المحاضرات بإلقاء مداخلة بعنوان «الاجتهاد عند العلماء المسلمين» تطرق من خلالها إلى مفهوم الاجتهاد في اللغة وتعريفه عند أصول الفقه، وحكم الاجتهاد ومشروعيته، مقدما دليلا على ذلك من الكتاب والسنة وعمل الصحابة من الخلفاء الراشدين. وأشار الشيخ سالم بن إبراهيم إلى الشروط الواجب توفرها في المجتهد من بينها العدالة والتقوى، وشروط الصحة كالكفاءة العلمية الضرورية، المتمثلة في التعمق في العلوم التي اشترطها علماء الأصول، والتي لا يصح الاجتهاد إلا بتوفرها. وتناول الشيخ مراتب المجتهدين ابتداء من المجتهد المطلق إلى غيره من الفقهاء، الذين لم يبلغوا رتبة الاجتهاد، لكنهم يقول يحفظون أقوال المجتهدين ويحررونها ويفتون بها، كما عرج سالم بن إبراهيم على الأمور التي يصح فيها الاجتهاد، مما لم يرد فيه نص من الكتاب أو السنة، ولم يفصل فيه إجماع من علماء الأمة، أو الأمور التي ورد فيها نص غير قطعي الدلالة أو الثبوت. وأبرز المحاضر أحكام التقليد وبيان تعذر شروط الاجتهاد في آحاد العلماء في العصور المتأخرة، واتفاق علماء الأمة على تقليد المذاهب الأربعة، الذين حررت مذاهبهم، ودونت وتلقتها الأمة بالقبول، مستشهدا في ذلك بأقوال العلماء. وتطرق الدكتور محمد العربي البوعزيزي من تونس إلى الفكر الإصلاحي عند العلامة محمد إقبال، مشيرا إلى أنه شاعر وفيلسوف من أبرز المصلحين الذين برزوا إبان فترة محمد عبدو وصلاح الدين الأفغاني، الذين دعوا إلى الإصلاح وأحيوا مبادئه وتحدوا المخاطر في سبيل تحقيق مطالبهم، وتقدم المشرق العربي على يديهم. وأضاف أنه لكل مسلم خططه الإصلاحية وكيف عمل على النهوض ببلده وإعادة بناء الحياة الإسلامية والفكرية في ظل القيم الإسلامية، مؤكدا أن صلاح الدين الأفغاني ركز في إصلاحه على الجانب السياسي، وركز محمد عبدو على الجانب الديني والتربوي، في حين ركز محمد إقبال على الإصلاح الديني والصوفي وحتى السياسي، مشيرا إلى أنه كان شاعرا وعالما وزعيما سياسيا، كما اشتهر بنظريته «الذاتية» التي توجه من خلالها إلى قيم الخير والصلاح، ودعا إلى تقوية ذات الفرد وتربيته تربية إسلامية والانتصار على المعوقات التي تقوم دون ترسيخ القيم الدينية، وأكد المحاضر أن الفرد يجب أن يرتبط بالجميع لتقوية ذاته وتفكيره بالشريعة. وأشار الأستاذ محمد مصطفى مأمون القاسمي عضو المجلس الإسلامي الأعلى إلى أن الإصلاح بعث للأمل وحث على العمل، كما أنه يهدف إلى نهوض حضاري جديد، من خلال تضافر جهود العلماء بمختلف تخصصاتهم العلمية والفكرية، مؤكدا أن أي جماعة بإمكانها تأدية ما تستطيعه لتحقيق هدفها دون رفض أعمال الآخرين إلا إذا كان مخالفة للشريعة. ودعا القاسمي إلى تجديد الخطاب الإسلامي، الذي يجب أن يصدر عن رؤية شاملة تتجه إلى القلب ولا تغيب العقل وتتبنى التسيير بتفاعل مع الواقع الاجتماعي، وترقية الحياة الروحية والحوار المثمر من أجل التفاهم والتعاون بين مختلف الشعوب لنشر القيم الإسلامية. هدى بوعطيح