«الشعب»: توفي محمد بوداود، المدعو عمر بوداود، أمس، بعد مسيرة نضالية مشهود لها. وهو من مواليد 09 ماي 1924 بتقرزيرت، ولاية تيزي وزو (الولاية الثالثة التاريخية). شخصية تاريخية ووطنية وسجل حافل بجلائل الأعمال، إنضم إلى الحركة الوطنية في سن مبكرة، حيث إنخرط في حزب الشعب الجزائري في بداية الأربعينيات من القرن الماضي. أخذ المناضل الشاب يتدرج في النضال، فتقلد المسؤولية ببلدية بغلية، ثم امتدت إلى سيدي نعمان وقسم من تيقزريت. وفي مارس 1944، بينما كانت ناحية بغلية تعيش أزمة تموين حادة بالحبوب، إقترح المناضل الشاب على بعض من المستشارين البلديين تنظيم مسيرة بإتجاه البلدية «لاقتسام الخبز مع الكولون»، لكن بعد استقبال مسؤول البلدية لمحمد بوداود وثلاثة من رفقائه، راح هذا الأخير يعد تقريرا عن هذه المظاهرة الإحتجاجية إلى رئيس بلدية تيزي وزو، مبرزا فيه وبصفة خاصة الدور التحريضي للشاب محمد بوداود. وفي خضم مجازر الثامن ماي 1945 وبرفقة مناضلي حزب الشعب وسكان المنطقة تظاهر المرحوم وألقي عليه القبض يوم 31 ماي 1945، حول بعدها إلى سجن سركاجي، وهنا تعرف على عدد من مناضلي الحركة الوطنية ومن مختلف جهات الوطن. أطلق سراح محمد بوداود في ربيع 1946، ليستأنف نشاطه النظامي والتنظيمي بناحية القبائل. ومع ميلاد المنظمة الخاصة سنة 1947، عين المناضل مسؤولا على منطقة القبائل، فألقي عليه القبض مرة أخرى سنة 1949 ومكث بالسجن سنة كاملة. بعد خروجه قرر السفر إلى باريس على أمل الإلتحاق بالقاهرة، لكنه سرعان ما استقر هناك لفترة، ثم إلتحق بالمغرب حيث أصبح عضوا في قيادة إتحادية المغرب، وتقلد منصب مسؤول المالية. غداة إندلاع الثورة التحريرية المظفرة عين المرحوم عمر بوادود سنة 1957، على رأس فيدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا إلى غاية 1962. وقد تمكن المرحوم من كسب معركة باريس وضواحيها، ومنها بإتجاه نواحٍ أخرى. وفي الدورة الأولى لمجلس الثورة بعد مؤتمر الصومام، عين محمد بوداود عضوا في مجلس الثورة، وقد نجح في ترتيب أمور فيدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا إلى حد كبير، فزادت الإيرادات من إشتراكات المهاجرين، وتوسع عمل الفيدرالية ليصل إلى ألمانيا، خاصة بعد أن اشتدت مراقبة الأمن الفرنسي على الفيدرالية وأعضائها. يعد المرحوم محمد بوداود أحد مهندسي ومنظمي مظاهرات 17 أكتوبر 1961 والتي وبالرغم من وحشيتها إلا أنها كانت مصيرية في وقف إطلاق النار. وأمام هذا المصاب الجلل، يتقدم وزير المجاهدين وذوي الحقوق الطيب زيتوني، إلى كافة أسرة الفقيد ورفاقه في الجهاد، بتعازيه الخاصة المشفوعة بأصدق مشاعر المواساة والتضامن في مواجهة هذه المحنة الأليمة لفقدان أحد قادة ورمز من رموز ثورتنا التحريرية المظفرة، رجل من طينة الرجال المخلصين والأوفياء للأمة وللوطن.