أكد احمد ماضي، مدير دار الحكمة ورئيس النقابة الوطنية للناشرين والأمين العام للنقابة المغاربية للناشرين، أن صناعة النشر اليوم في الجزائر موجودة إلا أنها في حاجة إلى الاستثمار فيها لخلق صناعة حقيقية في هذا المجال تواكب العصر وللالتحاق بركب الدول الرائدة في هذا المجال، ومتسائلا عن أسباب تأخر تجسيد مشروع المركز الوطني للكتاب رغم إمضاء المرسوم المتعلق به من طرف رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة منذ أربع سنوات. وقد رأى أول أمس احمد ماضي، على هامش اللقاء الذي جمعه بالإعلاميين بالأطلس ضمن برنامجها ''موعد مع الكلمة''، انه في السنوات الأخيرة بدأت حركة النشر في الجزائر تتخطى العتبات التي كانت أمامها لتتحرك إلى الأمام، معيبا في الوقت ذاته الجهات المسؤولة التي تركت قانون تدعيم هذا الميدان مجرد حبر على ورق، حيث ابرز في هذا السياق أن القانون المتعلق بتدعيم النشر موجود منذ القدم، إلا انه لم يجسد على ارض الواقع، قائلا '' حسب القانون، من عند كل ناشر يجب شراء 100 نسخة .'' واعتبر مدير دار الحكمة أن اكبر تدعيم يبحث عنه الناشر هو اقتناء وشراء المنشورات من عنده، متأسفا في هذا الصدد عن النقص الفادح الذي تعرفه دور النشر من حيث التدعيم، خاصة وأنها، حسبه، ''مكلفة جدا''، بحكم غلاء الورق، وكل ما يعلق بالطباعة، إضافة إلى الإشهار والتوزيع، هذه الأسباب التي رآها رئيس النقابة الوطنية للناشرين من العوامل الأساسية والبارزة التي ساهمت بشكل كبير في تأخر وعدم تطور النشر في الجزائر. ولم تمنع هذه الأسباب احمد ماضي من الإدلاء بالحركية التي يشهدها النشر في الجزائر في السنوات الأخيرة، متطرقا هنا في كلامه من فضاء ''موعد مع الكلمة''، إلى الظروف التي كانت دور النشر، التي كانت تعد على أصابع اليد الواحدة، تعمل فيها حيث قال في هذا السياق ''كنا حوالي سبع دور نشر ونوزع وننشر الكتب عبر مختلف جهات الوطن والجزائر تعيش في ظروف صعبة للغاية بسبب العشرية السوداء التي شهدتها، وبعد 14 سنة ننسى اول معرض في 2000، الذي نظمته النقابة لوحدها وحقق نجاحا كبيرا بحضور عدد كبير من دور نشر أجنبية''، وقد أوضح ماصي في هذه النقطة أن '' الجزائر بإمكانها منافسة كبرى الدول الرائدة في هذا المجال وهي الولاياتالمتحدةالأمريكية، بريطانيا، وايطاليا، مشيدا في الوقت ذاته بالنجاح الذي يحققه المعرض الدولي للكتاب في كل عام، قائلا '' رغم النقائص التي تعرفها كل دورة إلا أن المنظمين يتداركونها في الطبعات المقبلة.'' أما عن الترجمة فقد تأسف ذات الناشر عن عدم خلق واعتراف وتأسيس الدولة لمعهد أو فضاء يتكفل بهذه العملية، حيث تخصص له ميزانيته الخاصة لإدخال كل المؤلفات الجديدة إلى البلاد والتعريف بمنتوجات الجزائر المطبوعة خارجها، مؤكدا في السياق ذاته على الدور الكبير الذي تلعبه الترجمة في السير في مصاف الدول المتقدمة ومواكبة العصر بالتماشي ومتطلبات العصر الحديثة والتكنولوجيا. وقد تحدث في هذا المجال الأمين العام للنقابة المغاربية للناشرين احمد ماضي عن السبق الذي حققته دار الحكمة في هذا الميدان، حيث وقعت اتفاقية ترجمة سلسلة ''مجموعة 128 مع دار نشر فرنسية كبير، ورغم الشروط القاسية التي فرضتها عليها هذه الدار حتى لا تترجم السلسلة إلى العربية، إلا أن احمد ماضي تحداها وجسد شروطها على الواقع لتكون الجزائر أول دولة عربية تترجم هذا السلسلة التي ، كما قال ماضي، ''لاحظت حاجة أساتذتنا وطلابنا إليها من خلال زيارتي لفرنسا فقررت إدخالها وبالترجمة إلى الجزائر.'' كما تحدث في مجال الترجمة أيضا مدير دار الحكمة عن اللغة الامازيغية، حيث قال أن داره هي الأولى التي أصدرت كتابا بهذه اللغة في سنة 1984، حيث كان الحديث عن الامازيغية صعب وشبه ممنوع. أما عن المشاركة في الفعاليات الكبرى التي تنظمها الجزائر مثل تلمسان عاصمة الثقافة الإسلامية 2011، فقد قال ماضي أن ''دار الحكمة أقصيت من هذه التظاهرات الكبرى العامين الأخيرين متسائلا في هذا المجال عن الأسباب التي جعلت الجهات المسؤولة والمعنية تقصيهم منها. وعن المكتبات المتنقلة فقد بين احمد ماضي انه مشروع مفيد ويخدم عالم القراءة والمطالعة في الجزائر، مؤكدا أن دار الحكمة خاضت في هذا الميدان مرة حيث أسست مكتبة متنقلة، إلا أن تكاليفها ''باهظة للغاية''، الشيء الذي يستدعي دعمها وتخصيص ميزانية خاصة لها لتجسيد مثل هذه المشاريع الناجحة والرفع من المقروئية في البلاد. أما المشروع الأخر والمميز، حيث رأى رئيس النقابة الوطنية للناشرين وجوب تجسيده وتحقيقه في الواقع، هو المركز الوطني للكتاب، الذي شبهه ماضي بمرصد الكتاب في فرنسا، حيث قال أن رئيس الجمهورية أمضى المرسوم في 2009، إلا انه لم ير النور بعد متسائلا هنا عن سبب هذا التأخر4'' سنوات'' في تحقيقه، هذا المشروع الذي ترسم له ميزانية خاصة ومعتبرة تتكفل بكل المراحل التي تمر بها صناعة الكتاب من طباعة، توزيع، ترجمة وغيرها. وفيما يخص المشاريع المستقبلية لدار الحكمة فقد كشف مديرها احمد ماصي من الأطلس على التحضير لإنتاج سلسلة محترمة للأطفال تكون مستمدة محتواها من التراث الشعبي الجزائري الذي يميز مختلف جهات الوطن، وإصدارها باللغات الثلاثة العربية، الفرنسية والامازيغية.