وجه العاصميون، أمس، ضربة لدعاة المقاطعة ولكل من توهم بأنهم سيديرون ظهورهم إلى صناديق الإقتراع، حيث توجهوا رغم قلة عددهم في الصباح إلى مراكز ومكاتب الإقتراع، للإدلاء بأصواتهم، وكلهم أمل في أن يعم الجزائر الأمن والسلام، فالجميع يرفض استيراد الفوضى، والإنقسام تحت عنوان »الربيع العربي«، مفضلين الإلتفاف حول برامج المترشحين لسابع انتخابات تشريعية، حتى وإن كانت وعودا، على أمل تجسيد، ما يخدم منها مصلحة الوطن والمواطن، خاصة فئة الشباب. طغت على تفكيرنا، ونحن متجهين إلى مراكز الإقتراع المنتشرة عبر إقليم، بلديات الجزائر الوسطى، المرادية، والقصبة، صورة المكاتب الخالية على عروشها، خاصة وأن الطريق الرابط بين أحياء تلك المدن، كان يوحي بذلك لقلة حركة المواطنين، وخلود الكثير منهم سيما التجار والعاملين إلى راحة، حيث ظلت أبواب المحلات التجارية مسدلة، باستثناء بعض الباعة، الذين فضلوا فتح محلاتهم للاسترزاق، بدل التوجه إلى مكاتب الإقتراع في ساعات الصباح الأولى، فبحكم عادة العاصمي، فإنه يفضل ساعات المساء لأداء واجبه الانتخابي، بعد أن يكون قد أنهى قضاء جميع حاجياته اليومية. ممثلو الأحزاب آخر الملتحقين بمركز باستور لم يمنعنا ذلك، من مواصلة طريقنا، باتجاه مركز باستور، القريب من الجامعة المركزية بن يوسف بن خدة، لإجراء استطلاعنا حول سير العملية الانتخابية، وصولنا إليه، تزامن وقدوم الوزير الأول والأمين العام لحزب التجمع الوطني الديمقراطي أحمد أويحيى، في الساعة التاسعة صباحا لأداء واجبه الانتخابي، وهو مرفوق ببعض رجاله، وأمنه الخاص، وقد تميز محيط المركز بحراسة أمنية شديدة، تعكس مدى حرص مصالح الأمن على ضمان الأمن والسير الحسن للعملية الانتخابية التي تجري تحت أنظار أكثر من 500 ملاحظ أجنبي، وعشرات الدول الصديقة والشقيقة. وسمح للمواطنين بدخول المركز، ساعة انتخاب الوزير الأول، ولم تتوقف حركة التنقل بين المكاتب، حتى لا يترك المجال للألسن الطويلة التي غالبا ما تفسر التنظيمات البرتوكولية، بالتضييق على المواطنين، فيما شوهد مكتب الاعلام والتوجيه يعج بالمنتخبين، من جميع الأعمار، وهم يبحثون عن رقم المكاتب المسجلين بها، لإتمام واجبهم الانتخابي. ويضم مركز باستور، حسب تصريح رئيسه ل »الشعب« 4602 مسجلا، يتوزعون على 18 مكتبا. وبدت العملية الانتخابية، تسير بطريقة عادية، وهادئة، حيث استكملت الإدارة كل الإجراءات للسماح للمواطنين بأداء واجبهم الانتخابي، في ظروف حسنة، من خلال تجهيز الأقسام بطاولات صفت عليها أوراق المترشحين حسب الترتيب المعتمد، ووضع صندوق شفاف، مشمع بقفلين، وعلبة حبر، إلى حانب توفير أظرفة غير شفافة. وفي الوقت الذي استكملت فيه الادارة كل الإجراءات التنظمية، سجل غياب كلي، لممثلي الأحزاب المكلفين بمراقبة العملية الانتخابية، حيث بقيت الطاولات المخصصة لهم فارغة، وقد فسر البعض غيابهم، بأن الوقت ما يزال مبكرا لإلتحاقهم بمناصبهم، فيما قال آخرون أنهم يقومون بدورات مراقبة كل ساعة، بسبب عدم وجود العدد الكافي من المناضلين لتغطية جميع المكاتب. شباب يحاولون التسجيل في قوائم الانتخاب، وآخرون دفعهم خطاب الرئيس للتصويت تركنا، مركز باستور، فاتحا أبوابه لكل المنتخبين المسجلين ببلدية الجزائر الوسطى، وغيرنا مسيرتنا باتجاه المرادية »مدينة الأغنياء والمسؤولين« كما يصطلح على تسميتها، ولأن الجزائر بلد الجميع، فضلنا أن نقيس مدى إهتمام سكان الأحياء الراقية بهذا الحدث، ولم ننتظر طويلا، حتى تجلت لنا الحقيقة كاملة، واقفة أمام الحشود الكبيرة من المواطنين الذين توافدوا إلى مركز مدرسة الغزالي، فلم يتخلف لا الوزير، ولا العامل البسيط ولا المتقاعد، ولا الطالب عن أداء واجبه الانتخابي. فقبيل وصولنا أدى وزير الموارد المائية، عبد المالك سلال ووزير الطاقة والمناجم يوسف يوسفي، واجبهما الإنتخابي، أعقبهما الممثل الشخصي لرئيس الجمهورية، الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني عبد العزيز بلخادم، ثم وزير الصحة جمال ولد عباس، وغيرهم من المسؤولين المسجلين بالمركز. ونحن نتجول، بين مكاتب المركز لفت انتباهنا، حضور العديد من الشباب للإدلاء بأصواتهم إلى درجة أنهم شكلوا طابورا وصل إلى السلالم، غير أن ما حز في أنفسنا عدم تمكن الطالبة (لامية كرماد) صاحبة 19 سنة من أداء واجبها الانتخابي، رغم حضورها في الصباح الباكر رفقة والدتها. وتقول لامية، أنها كانت تعتقد أن عملية التسجيل في قوائم الانتخاب تتم بطريقة آلية بمجرد وصول أي مواطن سن الانتخاب، غير أنها تفاجأت بأنها لا تسطيتع الإنتخاب، ولا حتى ببطاقة التعريف الوطنية، لأن القانون يلزم عليها إيداع ملف للتسجيل في البلدية مقر سكناها من أجل أن تقيد في سجلات الانتخابات، وتأسفت لهذا الأمر، خاصة وأنها تمنت أداء واجبها الانتخابي، في هذه الانتخابات بالذات. وعن سر اصرارها على التصويت في هذه الانتخابات، لم تخف علينا لامية، أن خطاب رئيس الجمهورية الذي ألقاه في مدينة سطيف بمناسبة احياء ذكرى مجازر 8 ماي 45، غير نظرتها لهذا الاستحقاق، وجعلها تتوجه إلى صناديق الإقتراع، على أمل التغيير، واختيار ممثلين لها بالبرلمان، يمكنهم أن يواصلوا الإصلاحات بالجامعة الجزائرية. أما (لامية)، صاحبة 23 سنة، عاملة بمؤسسة خاصة، فأكدت بدورها أن خطاب رئيس الجمهورية الأخير، غير نظرتها كلية للمشاركة في الانتخابات بعد أن ظلت متمسكة بالمقاطعة، وقد توجهت عقب استماعها للخطاب، إلى بلدية سيدي امحمد لتسجيل نفسها في السجلات الانتخابية، غير أن إنتهاء مدة التسجيل، حالت دون تمكنها من ذلك، وبالتالي تأجلت فرحتها، في الإقتراع إلى المناسبة الانتخابية المقبلة. وتمنت الحاجة صحراوي صاحبة 80 سنة، أن يعم الأمن والسلام ربوع الجزائر، ورأت في الانتخاب مناسبة للرد على كل المشككين في بقاء الجزائر آمنة، مزدهرة، وأكدت أنها تعي جيدا دورها وواجبها الوطني، وأهمية الحفاظ على استقرار الوطن لأنها عاشت سنوات الاستعمار الفرنسي، وسنوات المأساة الوطنية. ويرى، الشاب زكرياء عبد الله صاحب 21 سنة، أن التصويت رد على دعاة المقاطعة، وقد أدى واجبها الانتخابي، وهو مقتنع بأن التغيير يأتي عن طريق التصويت، وليس بالإمتناع، »لأن هذا الأخير يجعل الآخرين يقررون مصيرنا«. ودافع الشاب، الصغير عن الحزب العتيد حيث رأى أنه قدم الكثير للوطن، بحكم تجربته الكبيرة في التسيير، وقد صوت لصالحه لأنه اختار مترشحين تتوفر فيهم كل المواصفاة. وأدى صديقه زكرياء جباري، واجبه الانتخابي، لأول مرة، وهو صاحب ال 21 سنة. وتركنا، مركز الغزالي، وقد انتخب فيه لغاية الساعة العاشرة صباحا 301 ناخب من مجموع 3387 مسجل، وهي نسبة مرضية، بالنظر إلى التوقيت الزمني. من أجل الشباب والوطن
غيرنا الاتجاه، إلى بلدية القصبة، هذه المدينة الشعبية، التي ارتبط اسمها بالشهداء، فحيثما تمر إلا وأحسست روحهم تعانق البنايات القديمة المهترئة، والأحياء القديمة، حيث كانت مخبأ للكثير منهم وقت الإستعمار الفرنسي، ولأن سكانها الحاليون ما زالوا يسيرون على نهج الأجداد، فضل الكثير منهم التوجه إلى صناديق الإقتراع، لاختيار ممثليهم في المجلس الشعبي الوطني، وبالتالي المساهمة في بناء المؤسسة التشريعية الجديدة، وتفويت الفرصة على المتربصين باستقرار وأمن الوطن. دخلنا مركز ثانوية الأمير عبد القادر، في حدود الساعة الحادية عشر صباحا، عدد المصوتون إلى غاية التاسعة النصف بلغ 172 ناخبا، من مجموه 5907 مسجلا، مثلما صرح لنا به رئيس المركز سمير بوعدة، في وقت كانت ساحة الثانوية التي فتحت أبوابها على الساعة الثامنة صباحا تعج بالوافدين، وتتميز بحركة استثنائية صنعتها النسوة، الشيوخ، والكهول، بالإضافة إلى بعض الشباب. وأكدت لنا السيدة ب.صليحة متقاعدة، أن انتخابها اليوم ما هو إلا أداء لواجبها الوطني، ومن أجل الجزائر أولا والشباب ثانيا، معربة عن أملها في أن يلتفت النواب الجدد إلى انشغالات الشباب، سيما المتعلقة بالعمل والسكن، فهذه الفئة كما قالت مثل الداء والدواء، فإذا اهتم بها نفعت، وإذا أهملت ضرت البلاد، وقد رأينا كيف حولوها إلى وقود للاحتجاجات التي اندلعت السنة الماضية. استطلاع: زهراء.ب تصوير: آيت قاسي محم