يواصل الأرمن والأذربيجانيون القتال العنيف في منطقة ناغورني كارباخ الانفصالية، حيث أعلن كل جانب عن تحقيق انتصارات وأبدى تصميمه على الاستمرار في المعركة على الرغم من الدعوات لوقف إطلاق النار وسقوط ضحايا كثر في صفوف المدنيين. تبادل الجانبان الاتهامات بتعمد تصعيد القصف على المدن المأهولة، بما في ذلك عاصمة الاقليم ستيباناكرت وغنجه ثاني أكبر مدن أذربيجان. وشاهد مراسلون عددا من المنازل التي دمرتها قذائف صاروخية من الجانبين واستمعوا لشهادات حول ذلك. وأكدت وزارة الدفاع الأذربيجانية في بيان أصدرته، صباح أمس الثلاثاء، أنها ألحقت «خسائر فادحة في الأرواح والمعدات العسكرية» بخصومها، مشيرة إلى أن «القوات الأرمينية أُجبرت على الانسحاب». بالمقابل أعلن رئيس جمهورية كارباخ المعلنة من جانب واحد أرايك هاروتيونيان أن جيشه «ينجز مهامه بنجاح» وأن «الوضع تحت السيطرة». وفي اليوم 11 من القتال، لا يبدو أن أيًا من الجانبين قد حسم الوضع لصالحه. معلوم أن إقليم ناغورني كارباخ ذو الغالبية الأرمينية، أعلن انفصاله عن أذربيجان في مطلع التسعينات ما أدى إلى حرب تسببت بسقوط 30 ألف قتيل. وجمّدت المحادثات لحل نزاع الاقليم، الذي يعد من أسوأ النزاعات الناجمة عن انهيار الاتحاد السوفياتي العام 1991، منذ اتفاق لوقف إطلاق النار أبرم سنة 1994، مع حدوث مناوشات بين الحين والآخر. وتعد المعارك، التي استؤنفت في 27 سبتمبر، الأخطر منذ ذلك الحين. تدخلات تؤجّج الصراع وتعهد الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف الذي أنفقت دولته الغنية بالنفط بسخاء على شراء أسلحة حديثة في السنوات الأخيرة، استعادة كاراباخ واستبعد التوصل إلى هدنة من دون تلقي وعد بانسحاب عسكري أرميني من المنطقة وتقديم «اعتذار» من رئيس الوزراء الأرمني نيكول باشينيان. وفي إشارة إلى العداء القائم، وصف خصومه بأنهم «كلاب». وتجاهلت يريفان وباكو حتى الآن الدعوات الدولية لوقف إطلاق النار، وخصوصا من روسيا، القوة الإقليمية التي تبذل جهودا في الوساطة إلى جانب فرنسا والولايات المتحدة، منذ ما يقرب من 30 عامًا. وتحظى أذربيجان بدعم صريح من رجب طيب أردوغان، الذي يدعو إلى استعادة المنطقة الانفصالية عسكريًا. ويثير احتمال وقوع حرب مفتوحة بين البلدين الواقعين في جنوب القوقاز واللذين كانا سابقا ضمن الاتحاد السوفياتي، مخاوف من زعزعة الاستقرار بشكل أوسع في ظل تنافس قوى متعددة في المنطقة، منها روسيا وتركيا حليفة أذربيجان وحتى إيران والغرب.