عاد ملف انتهاكات حقوق الإنسان في ليبيا إلى الواجهة، لاسيما بعد مقتل ناشطة حقوقية نددت بالفساد. ورغم تأكيد الفرقاء على فتح صفحة جديدة بعد حوار تونس لا مكان فيها للمتورطين، وهذا ما يتصدر مسودة النقاش السياسي التي يبحثها الأطراف لليوم الرابع. ووسط ذلك تقترب اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) من التوصل لآليات تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الدائم، وتشكيل اللجان الفرعية المتخصصة بهدف الإسراع في تنفيذ الاتفاق الموقع في جنيف. تبادل أطراف الصراع في ليبيا التهم حول انتهاكات حقوق الإنسان، حدثت في السنوات الأخيرة وراح ضحيتها مدنيون عزل، مطالبين بمعاقبة المتورطين وإزاحتهم من كل مرحلة تفاهمات بعد حوار تونس الذي سيرسم خارطة طريق لملامح «ليبيا جديدة». ونبه مندوب ليبيا لدى الأممالمتحدة السفير «طاهر السني»، أمس، المحكمة الجنائية الدولية، إلى أن الانتهاكات والجرائم المرتكبة في ليبيا ليست فقط ما حدث بسبب العدوان على طرابلس، بل كان قبلها قصف المدنيين في عدة مناطق، على غرار مرزق، وجرائم القتل والإعدامات الميدانية والإخفاء والتهجير القسري، في بنغازي ودرنة واجدابيا وسرت. وأوضح السفير في كلمة أمام مجلس الأمن، في الجلسة المخصصة لإحاطة المدعية العامة للمحكمة الجنائية الدولية حول ليبيا، أنه تم تسجيل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية التي اقترفت ضد المدنيين الأبرياء، وبالأخص خلال العدوان على طرابلس وضواحيها في شهر أبريل من العام الماضي، حيث يظهر مجدداً للجميع وبوضوح مَن تورط فيها ومن يجب أن تتم محاسبتهُ دون أي لبسٍ أو شك. وأعرب مندوب ليبيا لدى الأممالمتحدة، عن ارتياح حكومة الوفاق الوطني لسير التعاون المشترك والاستجابة لطلبنا للمساعدة في التحقيق في كل الانتهاكات التي اُقترِفت ضد المدنيين طوال السنوات السابقة، خاصة بعد اكتشاف خمسِ مقابر جديدة في منطقة «مشروع الربط» بترهونة، هذه المقابر التي وُجد فيها عائلات من أطفال ونساء وأشلاء لضحايا دفنوا أحياء. ويعود ملف انتهاكات حقوق الإنسان تزامنا مع تواصل جلسات الحوار السياسي في تونس. ووجه السفير الليبي تساؤلا لرئيس وأعضاء مجلس الأمن، قائلا: «لا أدري ماذا تريدون أكثر من هذه الحقائق لمحاسبة ومعاقبة من اقترفها وأنتم تعلمون جيداً من نفذها وأعطى الأوامر لتنفيذها ودعمها بالمال والسلاح. وأكد أن حكومة الوفاق عليها استحقاق وطني يجعلها مُلزَمة بكشفِ حقيقةِ ما أُرتكب من انتهاكاتٍ وجرائم،= ومحاسبةِ مرتكبيها والمسئولين عنها. ورحب بتقريرِ المدعية العامة في إحراز تقدمٍ ملموسٍ في التحقيقات، عقب المهام الميدانية التي قام بها فريقُ التحقيق إلى ليبيا مؤخراً. وتعاني ليبيا في السنوات الأخيرة، من جرائم إنسانية خطيرة بحق مدنيين، خاصة مع وجود قوات أجنبية تدعم كلا الطرفين. في هذا الصدد، شدد الدبلوماسي على ان تكون هذه التحقيقات بعيدة عن الإملاءات والتدخلات الخارجية وأي نوع من الوصاية، وأن يُترك لليبيين وحدهم حق تقرير مصيرِهم وأن يكون لجميع القوى الفاعلة حق التمثيل والمشاركة. الحوار لا يعني الإفلات من العقاب وحول الحوار في تونس، أكد أنه مهما كانت نتائج هذه الحوارات ومساراتها ومن يمثلها، فلن يكونَ هناك مصالحة وسلم اجتماعي حقيقي دون إرساء مبدأ المحاسبة وتحقيق العدالة الانتقالية وجبر الضرر وعدم الإفلات من العقاب لكل من تورط في قتل الليبيين واقترف جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. وتتواصل لليوم الرابع على التوالي، أعمال ملتقى الحوار السياسي الليبي الذي يعقد برعاية أممية ويسعى للخروج باتفاق يرسي أسس حل شامل للأزمة في ليبيا. وقد سجل توافق حول أطر الحكم والسلطة الجديدة التي ستنبثق عن المباحثات السياسية. وعقدت لقاءات جديدة في رابع أيام الملتقى، الذي بدأ الاثنين ويستمر 6 أيام، بحضور 75 شخصية يمثلون الطيف السياسي والاجتماعي الليبي. ويناقش المشاركون وثيقة البرنامج السياسي للمرحلة التمهيدية للحل الشامل، التي تتضمن التوافق على تشكيل مجلس رئاسي جديد وحكومة تعمل على الإعداد لانتخابات عامة تنهي المرحلة الانتقالية. في سياق الدعم الدولي، أكدت وزارة الخارجية البريطانية أن ملتقى الحوار السياسي الليبي في تونس، يعد فرصة لإحراز تقدم حقيقي للوصول لتسوية سياسية تشمل الجميع في ليبيا. وقالت وزارة الخارجية والتنمية البريطانية، «إن ملتقى الحوار السياسي الليبي فرصة لإحراز تقدم حقيقي للوصول لتسوية سياسية تشمل الجميع في ليبيا». آليات لتنفيذ وقف إطلاق النار تواصلت اجتماعات اللجنة العسكرية الليبية المشتركة (5+5) بمقرها الدائم بمدينة سرت الليبية. وقالت البعثة الأممية، «إن المشاركين سيستكملون في هذه الجولة آليات تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الدائم، إضافة إلى استكمال تشكيل اللجان الفرعية المتخصصة بهدف الإسراع في تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار الموقع بتاريخ 23 أكتوبر في جنيف واستكمالا للمباحثات التي بدأت، الأسبوع الماضي، في مدينة «غدامس». وتشارك في الاجتماع بعثة الأممالمتحدة للدعم في ليبيا. وكانت اللجنة العسكرية الليبية المشتركة، التي اجتمعت يومي 2 و3 نوفمبر الجاري، ضمن الجولة الخامسة من المباحثات في مدينة غدامس الليبية، أوصت مجلس الأمن الدولي بالخصوص، بالتعجيل في إصدار قرار ملزم لتنفيذ بنود اتفاق وقف إطلاق النار الموقع في جنيف يوم 23 أكتوبر 2020. يشار إلى أن الأممالمتحدة، أعلنت في 23 أكتوبر الماضي، عن توصل طرفي النزاع في ليبيا إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، ضمن مباحثات اللجنة العسكرية المشتركة (5+5) التي احتضنتها مدينة جنيف السويسرية.