صدرت رواية جديدة في الأدب الاجتماعي للكاتب علي فضيل العربي عن دار يوتوبيا للنشر والتوزيع، عنوانها «البحر والسراب»، ترصد أحلام وهاجس عمَّار، شاب تواق للغربة، استحوذت على عقله فكرة الهجرة وبات أسير قصصها، إلى أن فعلها ذات يوم وغامر وتكبد أثناء رحلته في قارب موت عذاب خطوة غير مدروسة، تقاسمها مع شباب آخرين تاركين قلوب أمهاتهم تحترق بلوعة الفراق واقفات على عتبة الانتظار يحلمن في كل لحظة بعودة الغائبين. جاءت رواية «البحر والسراب» موزعة عبر 169 صفحة من الحجم المتوسط عمل أدبي اجتماعي واسى به قلب أم كل شاب قرر الهجرة إلى أجل غير مسمى. وقال الروائي في نص الإهداء «إلى كل أم فقدت فلذة كبدها بين أمواج البحر الأبيض المتوسط إلى أولئك الشباب الذين أغراهم السراب، فإذا هو الردى بعينه إلى الذين استنفدوا بضائع التهريب فراحوا يهرّبون أزهار الجزائر وإفريقيا أصرخ كفى دموعا، كفى موتا، كفى خداعا». ترصد رواية البحر والسراب ظاهرة الهجرة السرية «الحرقة» وبطل الرواية هو الشاب عمار الذي يقرر الهجرة السرية هروبا من واقعه المؤلم الذي يعيشه في وطنه وأثناء الرحلة يكتشف أنّه ليس وحيدا معه مجموعة من شباب وطنه ومن نفس القارة الإفريقية لقد غامر عمار بحياته ومستقبله من أجل الوصول إلى الضفة الشمالية « أوروبا» وهي بالنسبة له ولأمثاله تمثّل الحلم المعسول والفردوس الموعود. دور المخيال وتميزه في تجاوز الراهن المؤلم بين الحاضر المرير ثم الماضي والمستقبل ومن خلال بوابة الذاكرة المليئة بأحلام الطفولة والمراهقة ويلعب عنصر المخيال دورا متميّزا، لتجاوز الراهن المؤلم إنّ عمار لم تلده أمه التي تركها وراءه تعض أناملها وتحترق احتراقا كي يكون طعاما لأسماك البحر فقد كانت أمنيتها أن يصبح إطارا منتجا لا شابا برتبة حرّاق «مهاجر سريّ» لكن واقع البطالة والجوع والحروب والنزاعات الداخلية الاستبداد وغياب الممارسات الديمقراطية الصحيحة،والمحسوبية والفقر وخيبة الأمل والطموح والإغراء كلها عوامل ساعدت بل دفعت خيرة الشباب الجزائري والعربي في شمال إفريقيا وأيضا في دول الساحل الإفريقي وقرنه وجنوبه إلى الهجرة السريّة (الحرقة) طلبا للأمن والعيش الكريم ومن أجل بناء مستقبل آمن في كنف أوروبا التي غزتهم قبل قرون، وكانت سببا مباشرا في تخلّف بلدانهم وقارتهم. الحراقة.. سلعة لدى تجار البشر ولم يكن ذلك الرجل، ربّان القارب، ومن وراءه، بارونات تهريب البشر نحو أوروبا، يهمهم من أمرهم شيئا. لأن همّهم الوحيد هو قبض المقابل من المال. فهؤلاء الشباب، هم مجرد سلعة رخيصة، قد تصل وقد لا تصل، فالأمر سيّان وأثناء رحلة الموت تلك يلتقي عمّار الجزائري، بحميدو من مالي الذي جمعته بعمّار الظروف والأحلام نفسها وآخر من بوجنبورة، برواندا، ومن الصومال، ومن الكونغو والكوت دي فوار» ساحل العاج» وكل واحد منهم يحمل همومه، ويتأبط أحلامه، كل منهم هارب من واقعه وعلى متن القارب يجري بينهم حوار، هو أبلغ من حوار الساسة، إنّه صرخات جيل أنهكته المظالم، والسياسات العرجاء. هم ضحايا، ومساكين، ولكنّهم خارجون عن القانون، أي مهاجرون سريّون « حرّاقون» كل منهم يحكي همومه وآماله» وفي الرواية، شخصيات أخرى ؛ معمر، وعباس الحوتي، وأم عمار، الخالة جازية وهي شخصيات لها همومها وآمالها، وأحزانها وتستمر رحلة القارب نحو ضفة الأحلام وبعد معاناة، وصل أولئك الشباب إلى الساحل الشمالي من البحر الأبيض المتوسط. يذكر أن علي فضيل العربي قاص وروائي جزائري عصاميّ من مواليد بلدية سيدي عكاشة بولاية الشلف، خريج المدرسة العليا للأساتذة، فرع جامعة وهران، وأستاذ في التعليم الثانوي،من بين أهم أعماله «الينابيع الزرق» المهداة إلى الفقيد بختي بن عودة و» الإبحار نحو دائرة الشمس»، «جوهرة والبيت الكبير»،ومجموعتين قصصيتين «الطريق إلى حلب» و»الفجر يولد ضاحكا».