الثقافة من المجالات التي تأثرت كثيرا بأزمة كورونا وفرض الحجر الصحي، إذ جرى تجميد كل الأنشطة بما فيها إلغاء مواعيد وظفت في سبيلها الكثير من المجهودات وتعطيل مؤسسات طال عدد كبير منها الإفلاس. لكن كانت هناك بالمقابل نوافذ انتعش من خلالها الفعل الثقافي افتراضيا، بينما هبّت رياح التغيير حاملة معها سلسلة قرارات كان أوّلها تغيير اسم الوزارة إلى وزارة الثقافة والفنون. كشفت سنة 2020 هشاشة أوضاع المثقف والفنان في الجزائر، في غياب قانون وهيئة نقابية قوية تدافع عنه وتحمي حقوقه وتحفظ كرامته خلال المحن، وهو الذي تضرر كثيرا خلال أزمة فيروس كورونا وإحالته على البطالة بعد إلغاء المواعيد الثقافية الرسمية وغير الرسمية. وحاولت وزارة الثقافة والفنون أن تؤازر المتضررين، بتنظيم حفلات افتراضية شارك فيها البعض من المحظوظين مع إقرار دعم وإعانات مادية توزع على الفنانين والفنانين، وكلف المجلس الوطني للأدب والفنون بإعداد مسودة المرسوم التنفيذي لقانون الفنان وتقديمه للوزارة الأولى للمصادقة عليه. وأنشأت في السياق ذاته، ورشة إصلاح سوق الفن، التي أعلنت عن منصة إلكترونية تحمل بطاقية الفنان وتفتح السبل أمام التجارة الالكترونية للفنون بكل مجالاتها. وناقشت الورشة إمكانية تعزيز الكفاءات وفتح الأبواب أمام الاستثمار في الثقافة وهو المشروع الذي تشجعه، اليوم، الحكومة الجزائرية بغية إدخال هذا المجال في دينامكية التنمية الوطنية وخلق الثروات ومناصب الشغل خارج مجال المحروقات، خاصة في مجال المسرح والمتاحف. ومن بين المجالات التي تأثرت سلبا في زمن كورونا، صناعة الكتاب، حيث قرع العديد من ملاك دور النشر والتوزيع ناقوس الخطر لما عرفته سوق الكتاب من ركود أدى إلى إفلاس عدد كبير منها وإحالة مئات العمال على البطالة، بعد غلق المكتبات وإلغاء المعارض المحلية والوطنية والمعرض الدولي للكتابة الذي كان بمثابة الضربة القاضية. وجابهت الوزارة الموقف، بفتحها لورشة إصلاح الكتاب شارك فيها ممثلون عن الناشرين أفضت بتغيرات في كل المؤسسات الخاصة بالكتاب على مستوى الوزارة والإعلان عن فرضية تنظيم معارض محلية ووطنية وأخرى افتراضية حين تنجلي الأزمة، وإطلاق منصة رقمية لسوق الكتاب، بقيت رهينة تسهيلات وقوانين تحتاجها التجارة الإلكترونية وتفتقدها المنظومة التشريعية. بعد التحسن في الأوضاع الصحية الذي عرفته البلاد مع نهاية الصيف، عادت بعض الأمور إلى مجاريها بوزارة الثقافة، ونظمت عدة نشاطات بقصر الثقافة ومفدي زكريا مع الحرص الشديد على احترام التدابير الوقائية، فكان الاحتفال بشهر التراث وتشجيع الاستثمار الثقافي. كما نظمت الوزارة الدخول الثقافي الذي اقترن بإحياء مئوية الكاتب الراحل محمد ديب، وملتقى وطني رد الاعتبار للمفكر الكبير مالك بن نبي، وكذا إحياء المولد النبوي بدلالة النورانية، حيث أعيد إلى الواجهة تقليد المنارة الذي يحتفى به في عديد المدن الجزائرية. وسجل أيضا سنة 2020 قرار الوزارة الخاص بالتدقيق في التسيير المالي والإداري للمؤسسات التابعة لها وإجراء سلسلة من التغييرات في سلك المدراء كان آخرها بالمكتبة الوطنية الحامة، إلى جانب إحياء الذكرى 28 لتصنيف القصبة تراثا للإنسانية والإعلان عن عدة تدابير للحفاظ على هذا المعلم التاريخي الكبير. من بين ما ميز القطاع هذه السنة هو الانتعاش الذي عرفه الفعل الثقافي على منصات التواصل الاجتماعي، والذي كان بمثابة نافدة وصل بين المبدعين من كل صوب والمتلقي، فكانت ملتقيات ومحاضرات على منصة زوم ومسابقات فنية وفكرية أطلقت تشجيعا للمواهب وخاصة مواهب الناشئة كما كانت فرصة للترفيه والتخفيف على المواطنين من وقع الحجر المنزلي.