ينتظر الفاعلون الاقتصاديون والسياسيون «بفارغ الصبر»، التغييرات المحتملة التي سيجريها الرئيس عبد المجيد تبون بعد عودته من فترة علاجه بألمانيا، إثر تعافيه من إصابته بفيروس كورونا المستجدّ. عودة فتحت «شهيّة» الجميع للمضيّ قدما نحو استكمال قطار التغييرات الذي كبحت محركاته الأزمة المزدوجة النفطية والصّحية التي ضربت العالم خلال سنة 2020، للمضي قدما نحو بناء «الجزائر الجديدة» التي وعد بها رئيس الجمهورية منذ توليه الحكم منذ أكثر من سنة خلت. سامي عقلي: «وزراء يتعمدون إقصاء المتعاملين وننتظر إصلاحات مستعجلة» أكد سامي عقلي رئيس الكنفدرالية الجزائرية لأرباب العمل المواطنين، في اتصال هاتفي مع «الشعب»، أن عودة الرئيس تبون من ألمانيا، كانت منتظرة من قبل الفاعلين الاقتصاديين، بغية استكمال مسار الإصلاحات، متوقعا أن يتخذ إجراءات استعجالية قريبا، للنهوض بهذا النموذج الاقتصادي الجديد واإنجاح خطّة الإنعاش الاقتصادي. وشدد عقلي على أن «الأزمة اليوم جد معمّقة، خاصة وأنها انعكست سلبا على المؤسسات الاقتصادية، حيث أننا في مرحلة ليس لنا القدرة على مواجهة أزمات أخرى، لذلك وجب أن نعطي الفرصة ونسخّر الإمكانات لإنجاحها، وهذا لن يكون إلا بقرارات متناسقة ومتطابقة حول حقيقة الاقتصاد الجزائري، أولها محاربة البيروقراطية، التي اعتبرها الرئيس أكبر خطر على الاقتصاد، وننتظر قرارات مناسبة لتخفيف ثقلها وأثارها على الاقتصاد، إلى جانب الإصلاح الجذري للمنظومة البنكية، حيث لا يمكن التقدم بهذه المنظومة، غير المتناسبة بالتوازي مع حقيقة الاقتصاد العالمي والجزائري». كما أكد عقلي ضرورة تحسين المنظومة القانونية ومناخ الاستثمار، خاصة وان الرئيس يعرف حقيقة الاقتصاد الوطني، قائلا: «نحن الذين التقينا به قبل مغادرته لألمانيا في اجتماع دام أكثر من 3 ساعات، لمسنا نظرة حقيقية، وتكلمنا بكل صراحة حول كل العراقيل، لذلك حان الوقت للالتفاف وراء خطة الإنعاش الاقتصادي كرجل واحد ووراء الرئيس من اجل اقتصاد منتج، غير مبني على «البازار» . وحول سؤال متعلق بأهم الخطوات التي تتوقعها الكنفدرالية الجزائرية لأرباب العمل المواطنين، الصادرة عن الرئيس «استعجاليا»، قال عقلي «لابد من إرجاع الثقة للمتعامل الاقتصادي عن طريق اتخاذ قرارات شجاعة للتغيير الجذري للمنظومة البنكية وإحداث قطيعة مع الممارسات السابقة. ومن القرارات التي لا تقبل التأخير والتأجيل في منظور عقلي إجراء تغيير تشكيلة الحكومة، حيث أن هناك وزارات تحتاج للتغيير والوقت يداهمنا وليس لدينا القدرة على الانتظار أكثر، إذ لابد من مسؤولين يستجيبون ويتشاورون مع المتعامل الاقتصادي، فكيف نتكلم عن النهوض باقتصاد جديد بإقصاء المتعاملين الاقتصاديين من طرف أولئك المسؤولين، لذلك لابد من منظومة إدارية في صالح الاقتصاد وتستجيب للمتعامل الاقتصادي الذي يبني الثروة لذلك وجب اتخاذ قرارات استعجالية للخروج من الأزمة. وفي السياق، أبرز عقلي أن «2021 يجب أن يكون عام تجسيد الإصلاحات، بإعطاء الفرصة للمتعاملين الاقتصاديين «الحقيقيين»، وتسخير الإمكانات للنهوض باقتصاد بعيد عن الريع وبقرارات شجاعة، خاصة وأننا التمسنا في آخر لقاء مع الرئيس كل النية والصدق، وهذا كله من أجل استقرار الجزائر، استقرار اقتصادي حقيقي وسيادي لبناء نسيج اقتصادي قوي خلاق للثروة مبني بمؤسسات جزائرية أولا وقبل كل شيء». رضوان بوهيدل: «الرئيس يكمل اللقاءات السياسية لإعادة بناء جسور الثقة» من جهته، يرى الأستاذ رضوان بوهيدل، بخصوص لقاء الرئيس مع تشكيلات سياسية، أنها تكملة للمشاورات التي باشرها الرئيس منذ انتخابه سنة 2019 والتي لم تتوقف، موضحا أن من استقبلهم الرئيس منافسون سابقون للرئيس في الانتخابات الرئاسية وحضروا يوم أداء اليمين الدستورية، ما يظهر خطوة أخرى لتحقيق التوافق والإجماع مع الأحزاب الأخرى، خاصة وأن الرئيس لا ينتمي إلى أي تشكيلة سياسية، لذلك لابد من بناء تحالفات سياسية، في إطار التشاور والحوار وفتح المجال أمام الأحزاب. وأوضح بوهيدل في اتصال مع «الشعب»، أن الأمور تتجه، في الأمد القريب، إلى اتخاذ قرار مستعجل يخص تشكيل حكومة جديدة مشكلة من تكنوقراطيين، خاصة وان هناك بعض الوزراء فشلوا في تسيير قطاعاتهم، ومنه فإن العودة إلى التعاون مع الأحزاب والتشاور حول مستقبل الحكومة في هذه المرحلة، يوضح أن تلك الأحزاب ستكون ضمن الحكومة، لكن ليس بالضرورة قادتها». اقتصاديا، يرى بوهيدل أن الشق الاقتصادي يحمل تراكمات وإيجاد الحلول لن يكون بين ليلة وضحاها. لكن عودة الرئيس وشفاءه سيحرك الأمور، من خلال اتخاذ العديد من القرارات والإجراءات، على معطيات جديدة بعد جائحة كورونا، ومن المنتظر أن يقيّم الرئيس القطاعات المرتبطة بالاقتصاد، من نجح ومن فشل، وهو ما أكد عليه قبل مغادرته أرض الوطن متوجها لألمانيا لإجراء علمية جراحية على قدمه إثر مضاعفات إصابته بفيروس كورونا، قائلا إن الحكومة «فيها وعليها»، وهو اعتراف من الرئيس بفشل الوزراء. وشدد بوهيدل على أنّ اتخاذ قرارات عاجلة أو مستعجلة، أضحت ضرورة لإعادة بناء جسور الثقة بين المواطن والسلطة السياسية، من خلال تقييم عمل الولاة وتصحيح الأخطاء، ووجود سوء تقدير وهفوات تحتاج للمراجعة، للمضي نحو إتمام إصلاحات الرئيس، مضيفا «في وقت ستحلّ الذكرى الثانية للحراك المبارك، إذ لابد من تحقيق مطالب المواطن، التي بدأت تتجسد بداية بإسقاط رموز النظام السابق ومحاسبة الفاسدين، فالرئيس الذي وعد بالقطيعة مع ممارسات الماضي، لابد من تجسيده على أرض الواقع ليتعاون بدوره مع السلطة تجسيدا لبناء الجزائر». أبوجرة سلطاني: «طموح تحدوه إرادة عازمة على التغيير» أكد رئيس منتدى الوسطية أبوجرة سلطاني، أن رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، عاد من مشفاه ب»برنامج عمل مكثف وطموح تحدوه إرادة سياسية عازمة على التغيير»، مشددا على أن «الرئيس عازم على استدراك ما فات من فرص بسبب وباء كورونا». في تدوينة له عبر صفحته الرسمية عبر الفايسبوك، قال أبوجرة إن «رئيس الجمهورية لم يعد من مشفاه ليستريح في بيته، بعد أن بدأه باستقبال بعض رؤساء الأحزاب، وسينهيه بإنفاذ أهم ما وعد به شعبه من رسم معالم «الجزائر الجديدة» في ضوء دستور جديد وقانون انتخابي واعد». ويعتقد سلطاني أنه قبل حلول الذكرى الثانية للحراك الوطني السلمي المبارك الذي تم ترسيمه بتاريخ 22 فبراير يوما وطنيا للأخوة والتلاحم بين الشعب وجيشه من أجل الديمقراطية، يبدو أن السيد الرئيس عازم على استدراك ما فات من فرص بسبب وباء كورونا». مضيفا «وذلك في عملية واسعة غايتها رد الاعتبار للطبقة السياسية والمجتمع المدني وتلاحم القوى الوطنية لتصحيح الاختلالات الهيكلية في كثير من القطاعات تمهيدا لبناء مؤسسات دستورية منتخبة ذات تمثيل حقيقي لإرادة الشعب وسيادته».