كان الشباب الحاضر القوي في ندوة النقاش التي نشطها الأستاذ كمال بوشامة، سفير ووزير سابق، بمركز الدراسات بمقر جريدة (الشعب)، تحت عنوان: (الجزائر بعد 50 سنة .. من الشرعية الثورية إلى الشرعية الدستورية). أجاب الأستاذ بصدر رحب على الأسئلة التي تمحور اغلبها إن لم نقل كلها حول الشرعية الثورية والانتقال إلى الشرعية الدستورية، وتسلسل الأستاذ في طرحه التاريخي لأحداث تؤرخ لهذا الانتقال ولكن بالحفاظ على المبادئ التي جاء بها بيان أول نوفمبر الذي اعتبره أهم وثيقة سياسية للثورة التحريرية. البيان هيأ للجزائر دخول مرحلة جديدة انتقل فيها الجزائري من مهمة استرجاع حريته إلى مهمة بناء دولة وتأسيس قوانين تسيرها في نظام يعم جميع مؤسسات ومظاهر المجتمع المدني الذي صنع أول خطوة بالاستقلال في 5 جويلية 1965 نحو تحقيق مشروع امة، وبناء دولة تتناسب ومتطلبات العصر وتعمل لصالح شعبها. تعمق الأستاذ في المراحل التاريخية من خلال الأسئلة المطروحة في ندوة النقاش حتى يعرف الشباب ببعض المجهول من تاريخه الذي يكون هويته، حقيقة يبحث عنها الشباب عبر الكتب التي يكتب صفحاتها المؤرخون والسير الذاتية للمجاهدين الذين يشكلون احد أعمدة تاريخ الثورة. وكان الأستاذ مقنعا عندما أجاب على سؤال حول قضية، قال عنها الأستاذ أنها سوداء تثار من طرف البعض، وقال أنها ميزة الثورات في كل العالم ويعتبرها تضحيات تصنع تميُز التاريخ وصانعيه، ولان تلك الاختلافات وان كانت من كوادر عظيمة صنعت ما ننعم به اليوم من مكتسبات وهوية تتجذر في عمق تاريخ الإنسانية. وحول ما يروجه البعض حول أزمة الجزائر من انها راجعة إلى الابتعاد عن مرجعية أول نوفمبر، نفى الأستاذ بوشامة جملة وتفصيلا هذا الطرح وقال أن جميع القادة كانوا متشبعين برسالة الثورة التحريرية ومشروعها في بناء دولة ديمقراطية اجتماعية في إطار المبادئ الإسلامية. وأضاف أن التاريخ وحده يملك الحقيقة التي يعتقد من ينتقد هذا التوجه والمسار أنها مغيبة وهو كفيل بإظهارها. وذكر الأستاذ بوشامة انه كان ضمن النظام السياسي وعايش تطوراته من الداخل وقال: «كنا نسير ونحن مقتنعين بالخيار للوصول إلى الأهداف المسطرة المتمثلة في إعلاء الجزائر إلى مصاف الدول الناشئة ولم يرد في ذهن أي كان أننا أخطأنا الإقلاع مثلما ترده كتابات من هنا وهناك بغرض التشويه والتشكيك في مسيرة الجزائر البنائية والإنمائية والانجازات التي شيدتها بتحد في محيط ليس كله ايجابي».