وصفت القيادة السورية العرض الذي تقدمت به جامعة الدول العربية، الذي فحواه تنحي الرئيس بشار الأسد من الحكم مقابل خروجه وعائلته آمنا، بالتدخل في الشؤون الداخلية لدولة مستقلة ذات سيادة، وبالتالي فهي لاتنتظر أي وصاية لترتيب ببيتها أو من يحاول السطو على إرادة الشعب السوري. وكعادتها، تحفظت الجزائر على الفقرة الثالثة المتعلقة بدعوة الرئيس بشار الأسد واعتبرت ذلك قرارا سياديا يخص الشعب السوري وحده، وليس من صلاحيات مجلس الجامعة.. وقد دأبت الجزائر على إتخاذ الحياد في مثل هذه الحالات ملتزمة بمبدأ عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، وهو نفس الموقف الذي سارت عليه أثناء الأزمة الليبية، رغم الضغوطات التي تعرضت لها داخليا وخارجيا، غير أن حكمة وحنكة القيادة الجزائرية مكنتها من الخروج من الموقف الصعب الذي اتخذته، وقد تبين في الاخير أن قرارها كان صائبا. وهاهي اليوم، بعد أن عادت الحياة السياسية في الشقيقة ليبيا الى طبيعتها، تعود العلاقات بين البلدين الى سابق عهدها، بل تطورت أواصر الاخوة أكثر من ذي قبل، لان السياسة لاتبنى على العواطف أو القرارات الظرفية، بل على المصالح وبصفة الديمومة. نفس الموقف اتخذته القيادة العراقية التي رفضت السير في مسعى جامعة الدول العربية الذي يقضي بطلب تنحية الأسد، وهو موقف ينبع كذلك من التقاليد السياسية والدبوماسية لدولة العراق. نعم من حق المجلس الوزاري لجامعة الدول العربية أن يضغط على القيادة السورية لوقف أعمال العنف بمختلف أشكاله، الذي يهدد استقرار سوريا والمنطقة العربية، والعمل على تكثيف الجهود العربية لإيجاد حل سلمي للنزاع يرضي جميع الأطراف وبأقل الاضرار الممكنة..لكن ليس من مصلحة أحد الدعوة الى تدويل القضية والتدخل الأجنبي الذي لايزيد الأوضاع الا تعقيدا، ومايعيشه البلدان الشقيقان العراق وليبيا من مآسي التقتيل والتخريب والدمار اليومي، يجسد حقيقة أخطار التدخل الأجنبي، رغم انسحاب القوات الأجنبية بعد أن أدت مهمتها بإحكام وإتقان..!