لم ينتظر وليد المعلم وزير الخارجية السوري تسلم رسالة الأمين العام لجامعة الدول العربية التي تضمنت بنود مبادرتها الجديدة ليقول بأن دمشق ترفض من الآن كل الحلول العربية لإنهاء الأزمة في بلاده. وقال بلغة حادة خلال ندوة صحفية عقدها بالعاصمة السورية أمس لقد ''انتهت الحلول العربية'' وذهب إلى ابعد من ذلك عندما اتهم الدول العربية بالتآمر من اجل تدويل أزمة بلاده واتخاذها لقرارات يدركون مسبقا أنها مرفوضة جملة وتفصيلا من طرف السلطات السورية. وكان رئيس الدبلوماسية السوري يرد على نتائج الاجتماع الطارئ لوزراء الخارجية العرب الذي تبنى مبادرة جديدة تقضي برحيل الرئيس بشار الأسد وكل نظامه خلال مرحلة انتقالية تضمنها حكومة وفاق وطني تكون من أولى مهامها تنظيم انتخابات نيابية متعددة. ونفى الوزير السوري أن تكون قوات الأمن التابعة لحكومته تقتل المدنيين وإنما ''متطرفين مسلحين يريدون زرع الفوضى العارمة'' وقال إن الشعب السوري ''يؤيد الحل الأمني للقضاء عليهم'' في رفض واضح لكل الاتهامات التي طالت قوات الأمن والجيش السوريين بضرب المتظاهرين المطالبين برحيل نظام البعث الحاكم في هذا البلد. والمفارقة أن تصريحات وزير الخارجية السوري جاءت في نفس اليوم الذي بعث فيه الأمين العام لجامعة الدول العربية رسالة إلى الحكومة السورية ضمنها تفاصيل الخطة العربية وخلاصة تقرير بعثة الملاحظين العرب في سوريا والتي استغرقت قرابة شهر كامل. وقال نبيل العربي في رسالته انه يأمل في أن تتجاوب دمشق مع الدور العربي من أجل مساعدتها على التوصل إلى حل توافقي ينهي الأزمة التي تعصف بها ويعمل على تجنيبها أي تدخل أجنبي''. وتكون هذه الملاحظة الأخيرة هي التي جعلت وليد المعلم يشدد التأكيد على أن روسيا لن تقبل أبدا بأي تدخل عسكري غربي في بلاده ''بحكم العلاقات التاريخية بين دمشق وموسكو''. وجاء الموقف المتشدد الذي اتخذته السلطات السورية باتجاه جامعة الدول العربية في نفس اليوم الذي قررت فيه دول مجلس التعاون الخليجي سحب ملاحظيها المتواجدين في سوريا احتجاجا على عدم التزام الحكومة السورية بوقف العنف ضد المدنيين وضمن خطوة إضافية لممارسة مزيد من الضغوط عليها ودفعها إلى تطبيق خارطة الطريق التي حددها وزراء الخارجية العربية للنظام السوري من اجل إنهاء الأزمة بطريقة سلمية. وطالبت ست دول من الدول الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي إلى الإسراع في اتخاذ كل الإجراءات اللازمة لممارسة ضغوط اكبر على دمشق لدفعها على قبول الخطة العربية. ولكن قرار دول مجلس التعاون الخليجي بقدر ما شكلت ضغطا إضافيا على سوريا فقد أربك الجامعة العربية وهي التي كانت تعتزم إيفاد بعثة ملاحظين اكبر عددا من تلك التي أنهت مهمتها الأولى. وهو ما جعل أمانة الجامعة تدعو إلى اجتماع طارئ لممثليها الدائمين لبحث تداعيات هذا القرار.