تتوفر ولاية غليزان على مؤهلات وعوامل صنعت نجاجها في عدة أنشطة فلاحية، سواء النباتية أو الحيوانية، حيث خطت خطوات واسعة في تربية المواشي، التي مكنتها من احتلال مرتبة مشرفة في شعبة الحليب. وتحتل منتجات الحليب مكانة بارزة في الاقتصاد المحلي مدعمة من قبل الدولة لفائدة المربين وقد ساهمت خلال السنوات الأخيرة في تحقيق قفزة هامة في مسار تنمية هذا النشاط الفلاحي عبر ولاية غليزان. وقد نجح العديد من المربين في فك ارتباطهم بالأنماط التقليدية لتربية المواشي والتأقلم مع اقتصاد السوق واقتحام وبشكل مضطرد شعبة إنتاج الحليب الموفرة للمداخيل من خلال تطوير تجارة الحليب الطازج. وساهمت تشجيعات الدولة المربين على الاستمرار في تربية الأبقار، والعمل على توسيع مشاريعه وفق تقنيات متطورة، كان لها دور في زيادة الحليب المنتج سنويا، خاصة بمنطقة جديوية، المشهورة بتربية البقر الحلوب. وتكشف احصيائيات المصالح الفلاحية بغليزان للسداسي الأول من السنة الجارية عن إنتاج ما يزيد عن 30 مليون لتر، وهي الكمية التي نجحت في تحقيق الاكتفاء الذاتي، وأوضح مدير المصالح الفلاحية أن غليزان أضحت لم تسجل مشاكل أو نقص في هذه المادة خلال شهر رمضان. ويتوقع أهل الاختصاص بمديرية المصالح الفلاحية بولاية غليزان، أن تعرف شعبة الحليب تطورا ملحوظا في السنوات القادمة بفعل العناية التي تولى لها، وذلك تماشيا مع سياسة البلاد الرامية إلى تحقيق الاكتفاء الذاتي في مادة الحليب. وقد عرف ارتفاع إنتاج الحليب بالولاية خلال موسم 2010/2011 إلى أزيد من 65 مليون لتر، حسب مديرية المصالح الفلاحية. ويعود هذا التحسن في المردود الذي عرف زيادة ب 4 ملايين لتر بالمقارنة مع حملة 2008/2009 إلى عدة عوامل أهمها الإقبال المتزايد على تربية الأبقار الحلوب بفضل الدعم الذي تقدمه الدولة، وكذا انخراط عدد كبير من المربين في برنامج التحويل، علاوة على إنجاز وحدات لتجميع الحليب وتحويله وتوسع مساحات زراعة الكلأ وفق المصدر. ومن الأسباب الأخرى التي شجعت على تطور شعبة الحليب التركيز في السنوات الأخيرة على توسيع زراعة الأعلاف الخضراء لتوفير التغذية الحيوانية الضرورية، إذ يتم زرع سنويا حوالي 35200 هكتار تدر إنتاجا يفوق 1,2 مليون قنطار من الكلأ، لتكون بذلك ولاية غليزان من الولايات الرائدة في هذا المجال. وحسب مديرية المصالح الفلاحية، فإن عدد رؤوس الأبقار قفز خلال العشرية المنتهية من 27500 إلى 31250 رأس منها 20350 من الأبقار الحلوب التي ارتفع عددها بنسبة 124 بالمائة في نفس الفترة، حيث أبرز المصدر أن هذه الرؤوس من الأبقار يمتلكها 3800 مربي، وذلك بمعدل 6 إلى 30 بقرة للمربي الواحد، منهم حوالي 300 مربي مندمجون في برنامج تجميع الحليب ويساهمون بحوالي 13 مليون لتر من الحليب الطازج في السنة توجه لوحدات التحويل، علما أن ولاية غليزان تتوفر حاليا على وحدتين للتحويل تابعتين للخواص بكل من جديوية وسيدي سعادة، بطاقة إجمالية قدرها 105 آلاف لتر في اليوم . وإلى جانب ذلك كان للبرنامج الوطني للتنمية الفلاحية والريفية، الذي شرع في تطبيقه منذ 2000، أثرا إيجابيا على شعبة الحليب، حيث سمح بإنجاز سبعة مراكز لجمع الحليب بسعة 35500 لتر في اليوم وخمسة غرف تبريد بسعة 9 آلاف متر مكعب استنادا إلى ذات المصادر. ويرى المتتبعون للوضع الفلاحي بالولاية أن الدولة أمامها خطوات عليها القيام بها للحفاظ على هذه القدرة الانتاجية من خلال تشبيب المواشي المنتجة للحليب عبر استيراد أفضل السلالات وتحسين السلالة الوراثية للمواشي وتنويع المصادر العلفية وتدعيم منشآت الجمع وتحويل الحليب، كما ذكر ذات المسؤول. وتم اتخاذ تدابير الدعم لتحسين السلالة الوراثية بغرض تحسين فعالية الأبقار الحلوب في هذه المنطقة سيما من خلال التلقيح الاصطناعي والمتابعة الصحية للمواشي. ودعا مدير الفلاحة بغليزان الفلاحين إلى ضرورة التقرب من المديرية لإيداع ملفاتهم، للاستفادة من أنوع الدعم التي تقدمها الدولة لمربي الأبقار، لإنتاج ملبنات جديدة، خاصة وأن الولاية تبقى بحاجة إلى مثل هذه الملبنات، التي تقوم ببسترة الحليب، وتسويقه محليا، حيث لا تتوفر في هذا السياق سوى على ملبنتين واحدة بجديوية والأخرى بسيدي سعادة، هذه الأخيرة التي لا تبستر من كمية الحليب التي تجمعها يوميا سوى 10 في المائة، حيث توجه الكمية الأخرى لصناعة الياوورت والأجبان. وفي قراءة للوضع الراهن لشعبة الحليب يتضح أن تطويرها للزيادة في القدرة الإنتاجية أكثر لا يزال ممكنا، خاصة وأن أغلبية الفلاحين، الذين لم يدخلوا مرحلة تحديث تربية الأبقار، والمساهمة في رفع الإنتاج، كانت لديهم مشاكل الملكية، حيث لم يستفيدوا من دعم الدولة رغم أن تربية المواشي في حياتهم تعود إلى 50 سنة خلت، غير أن توريث الأرض وعدم الاستقلال بالملكية يمنعهم من إيداع ملفاتهم للمساهمة في تطوير شعبة الحليب بالولاية.