يلجأ الكثير من الشباب البطال بعين تموشنت إلى التفكير في مصادر دخل خلال شهر رمضان، وتعد “المحشاشات” كما يطلق عليها مصدرا يعتمدون عليها للحصول على عائدات في ذلك الشهر الذي يتطلب ميزانيات كبيرة لدى جل العائلات بحيث يذهب اغلب الشباب إلى نصب الخيم وتثبيتها بقضبان حديدية وسط الأحياء، ومنهم حتى من يعتمد على الآجر والاسمنت بغرض بنائها. وهو ما شرع فيه بعض الشبان على مستوى بعض الاحياء الشعبية للبلديات بحر هذا الأسبوع، فبعد أن تخلصت تلك الأحياء من مشكل البنايات الفوضوية والهشة جاءت “المحشاشات” لتحل محلها عبر مختلف بلديات عين تموشنت لتجد هذه الأخيرة نفسها مرة أخرى في مواجهة هذه الظاهرة التي صمم الشباب على عدم التخلي عنها لأنها أضحت عادة يلتزمون بها في كل رمضان لتشكل مصدر استرزاق. لكن الأمر اختلف منذ سنوات قليلة بفضل السياسة المعتمدة من طرف رئيس الجمهورية والتي تسعى للقضاء على البيوت القصديرية واستعادة الوجه الايجابي للولاية بتخليصها من تلك الاحياء الحمراء التي قضت على النسق العمراني إلا انها عادت تدريجيا ببعض الاحياء التي شهدت عمليات ترحيل إلى غيرها من النواحي الأخرى التي استرجعت وجهها الأول بعد تطهيرها من تلك البنايات الفوضوية وتنفس سكانها الصعداء إلا انه ما فتئ أن صادفنا مشكلا آخر مع بدء العد التنازلي لشهر رمضان الكريم حيث راحت مجموعات الشباب تنصب الخيم على مستوى الأحياء وهي عادة التزم بها البطالون في رمضان من كل سنة وأصبحت تلك “المحشاشات” عرفا ملزما اقترن ظهوره برمضان من اجل الاستمتاع بالسهرات الرمضانية على مستوى الأحياء. إلا أن المشكل الواقع هو أن تشييد تلك “المحشاشات” يتناقض ولا يتوافق البتة والإجراءات المتخذة من طرف السلطات التي سعت جاهدة للقضاء على تلك الخيم والبيوت وحتى المحلات الفوضوية التي كانت تمارس فيها بعض المهن بطريقة غير شرعية لتجد بعض الاحياء نفسها مرة ثانية في مواجهة تلك “المحشاشات” التي تشبه البيوت القصديرية وتعتمد في غالب الأحيان على نفس اللوازم التي تدخل في بنائها، وأصبحت تلك العادة منتشرة بين الشباب وانتقلت العدوى فيما بينهم تدريجيا، لذلك وجب إنقاذ الوضع قبل تفشي الظاهرة في كامل البلديات من باب التقليد والبحث عن مصادر دخل من وراء هذه “المحشاشات” التي تنتشر بصفة عشوائية. بين مؤيد ومعارض.. على الرغم من أن “المحشاشات” باتت عرفا بالنسبة للبعض يقترن انتشاره في شهر رمضان المعظم حيث صارت تقليدا سنويا يجمع أبناء الحي الواحد حول صينيات الشاي وقلب اللوز وأنواع العصائر، فهناك من يرى أن عبق رمضان يستخلص من تلك “المحشاشات” الرمضانية المحضة إلا أن هناك من يرفضها رفضا قاطعا، فهي بالإضافة إلى كونها مصدر إزعاج لسكان الحي الواحد بالنظر إلى طول السهرات التي تستمر في بعض الأحيان إلى وجه الفجر تتناقض بصفة كلية في هذه الآونة بالذات والسياسة المعتمدة من طرف السلطات للقضاء على البيوت الهشة والقصديرية والتي تعد تلك “المحشاشات” جزءا منها كونها تشوه المنظر العام للحي أو المقاطعة التي تمسها تلك الظاهرة على الرغم من اعتمادها من طرف الشبان كسبيل للخروج ولو لمدة من قوقعة البطالة بعد ممارسة تلك التجارة الموسمية على مستواها كبيع الخضر في النهار ومستلزمات السهرات الرمضانية في الليل طيلة الشهر لتتحول إلى بيع “المرقاز” و”الفريت” خلال أيام العيد. وفي هذا الصدد اقتربنا من بعض المواطنين لرصد انطباعاتهم عن “المحشاشات” التي صارت عادة رمضانية محضة، فاختلفت الآراء بين مؤيد ومعارض لشيوعها وانتشارها في رمضان. قال “عمر” انه لا يجد في “المحشاشات” أي إشكال بل بالعكس اقترن تواجدها بالشهر الفضيل، فهي تضفي نكهة على أيامه وسهراته ليجتمع على مستواها أبناء الحي الواحد وحتى عابرين السبيل من اجل تذوق ما تعرضه وللاجتماع على صينيات الشاي المحضر في غالب الأحيان بطرق خاصة على الجمر مما يضفي ذوقا خاصا عليه، ومن جهة أخرى فهي تشكل مصدر دخل لبعض الشباب البطال للخروج ولو قليلا من قوقعة البطالة بامتهان تلك المهن الموسمية التي تعود عليهم ببعض المداخيل للاسترزاق منها لاسيما في ظل الميزانية التي يتطلبها الشهر الكريم والتي لا يقوى عليها حتى العاملين فما بالنا بأشخاص بدون دخل. وذهب إلى نفس الرأي “عزيز” الذي قال أن ما بوسع هؤلاء الشباب فعله في ظل البطالة الخانقة التي يعانون منها طيلة السنة بعد أن يهل هلال رمضان كشهر رحمة ينتشلهم ولو قليلا من بؤرة البطالة عن طريق نصب تلك الخيم والاسترزاق منها هم وعائلاتهم ببيع تلك المستلزمات البسيطة والخاصة برمضان، وعلى الرغم من قلة مداخيلها إلا أنها تغطي ولو جزءا من متطلباتهم اليومية والتي تكبر في شهر رمضان. التقينا بأشخاص كانت لهم آراء مخالفة لآراء من سبقوهم ورفضوا إقامة “المحشاشات” رفضا قاطعا كونها مزعجة للسكان بفعل طول السهرات المعقدة على مستواها والتي تقض مضاجع السكان إلى مطلع الفجر وأيضا تقضي على حرمة العائلات الشريفة التي يمنع عنها استعمال شرفاتها بطريقة عادية بفعل التجمعات التي تحدث أسفل بيوتها.. قالت “سميرة” القاطنة بأحد الأحياء التيموشنتية العريقة في هذا الشأن أن الشيء الذي يزعجها هو انتشار تلك “المحشاشات” في شهر رمضان في كامل الحي التي تقطن فيه بعد انتقال العدوى إلى كافة شباب الحي بفعل التقليد ومقارنة أقرانهم، مما يؤدي إلى دخول الحي بأكمله في فوضى “المحشاشات” والتي يدفع ثمنها السكان القاطنون بتلك الأحياء والذين تتغير تصرفاتهم وطبائعهم تبعا لتلك العادة المفروضة عليهم فرضا، فلا نوم مبكر ولا استقلالية في استعمال شرفات المنزل بسبب تلك التجمعات الطاغية أسفل البيوت مما يمس شرف وكرامة العائلات، وكثيرا ما أدت تلك “المحشاشات” إلى عراك ومشادات دامية ومشاحنات بسبب عدم تقبل البعض لتصرفات بعض الشبان الذين يحلو لهم السهر والسمر بتلك “المحشاشات” حيث يطلقون العنان لأحاديثهم المنطلقة بصوت مرتفع والتي تزعج اغلب السكان لاسيما القاطنين بالطوابق السفلى والذين يطالهم الإزعاج أكثر من غيرهم. ”محشاشات” تتحول إلى أوكار للرذيلة ما عرفته السنوات السابقة من ممارسات لا أخلاقية حدثت على مستوى “المحشاشات” وجعل الكل يتهرب منها ويتفاداها كون الكثير من الشباب المنحرف يفتح “المحشاشات” من اجل التخفي وراءها بغرض ممارسة الأفعال المشينة بها وكان العديد منها بمثابة نقاط حمراء بعد انتشار الرذيلة وتحولها لوكر للموبقات وتناول المخدرات وشرب الخمر في عز الشهر الفضيل، ذلك ما كشفه واقع “المحشاشات” في السنوات الماضية، حيث ضاق الجميع منها ذرعا إلى درجة تمنوا مرور أيام رمضان بسرعة البرق ومفارقة الضيف العزيز كرها لكي يتخلصوا من تلك الإزعاجات المتكررة والمشادات الناشبة على مستواها بين الفينة والأخرى، لاسيما وان مرتاديها غالبا ما يمارسون فيها أفعالا تفقدهم وعيهم، ومن ثمة يطلقون العنان لتصرفاتهم الطائشة والتي يدفع ثمنها السكان بسبب الكلام الفاحش والشجارات اللامتناهية، فالعديد من هذه “المحشاشات” ينقلب إلى أوكار لممارسة الأفعال المشبوهة، حيث أن بعضها يستقطب الفتيات ليلا، لتتحول إلى مصدر إزعاج ومرتع للممارسات المشينة، وفي هذا الصدد قال “مروان” أن العديد من تلك “المحشاشات” تفتح في بادئ الأمر باسم الاسترزاق في رمضان لكن عادة ما تتحول الغاية منها بصفة تدريجية وتصبح مآلا للمنحرفين من هواة الليل، يجعلون منها وكرا لتعاطي المخدرات وشرب الخمر، وهناك حتى من يجلبون إليها الفتيات في آخر الليل، وذلك ما يتنافى مع حرمة الشهر الفضيل، لذا وجب مواجهة ظاهرة “المحشاشات” وتشديد عيون الرقابة حولها أو إلغائها أصلا لاسيما في ظل السياسة المعتمدة في مجال القضاء على تلك الخيم والبنايات التي تشوه المنظر العام، لكن على الرغم من ذلك هناك من داس على تلك القرارات، وهو ما يؤكده الشروع في بناء وتجهيز تلك “المحشاشات” التي حلت محل البيوت والبنايات الفوضوية او بالأحرى “البرّاكات” الفوضوية. في مواجهة القانون إذا، تصطدم عين تموشنت هذه الأيام وبحلول شهر الرحمة رمضان المعظم بظاهرة “المحشاشات” التي تخرق القانون مثلها مثل البيوت القصديرية بالنظر إلى طريقة تشييدها وانتشارها عبر الأحياء إلى أن صارت عرفا لدى شبابنا الذين يلتزمون به في شهر رمضان من كل سنة بغية الاسترزاق تارة، وإضفاء نكهة على سهرات رمضان تارة أخرى، فالمحشاشات شاعت في مجتمعنا منذ أمد بعيد حيث تُخصص طاولات لبيع بعض مستلزمات رمضان في كل أمسية قبيل أذان المغرب، وهناك من يخصصها لبيع الخضر في الصباح الباكر لتنفرد بما سبق ذكره في الفترة المسائية. ذلك ما أدى إلى صعوبة الخروج عن هذا العرف رغم قرار عدم تشييد تلك البنايات العشوائية وخصوصا هذه السنة التي دخلت فيها سياسة القضاء على السكن الهش حيز التطبيق الفعلي في الميدان حيث شرع العديد من الشبان في اغلب بلديات عين تموشنت في تشييد محلات فوضوية إن صح التعبير دون حسيب أو رقيب لتواجه عين تموشنت مرة أخرى ذلك المشكل الذي يتنافى مع السياسة المطبقة في القضاء على البناء الهش وحجتهم في ذلك أنهم لا يملكون عملا وليس حراما أن يسترزقوا حلالا طيلة أيام الشهر الفضيل بانتهاج ذلك السبيل رغم مخالفته للقانون والاعتداء على الملكية العامة والشروع في البناء بدون ترخيص لاسيما وان تشييد تلك البنايات يعتمد على أشياء بدائية ولو كانت أكشاكا جميلة مثل التي نراها منتشرة عبر بعض الأحياء لهان الأمر، وإنما مظهرها الخارجي يقزز الأنفس ويؤثر سلبا على المظهر العام للأحياء وهي غالبا ما تعتمد على ألواح خشبية وستائر بلاستيكية وقضبان حديدية.. “المحشاشات” التي اقترن ظهورها بشهر رمضان المعظم تحمل العديد من السلبيات، وعلى الرغم من السياسة المطبقة للقضاء على البناء الهش إلا أن هناك من تجرأ على الشروع في تشييدها قبيل رمضان، وداسوا بذلك على الأوامر التنفيذية، والغريب في الأمر انه تم الشروع في ذلك من طرف بعض الشبان دون أدنى رقابة من السلطات المحلية على غرار البلدية أو الولاية على الرغم من تناقض تلك الأفعال مع السياسة المعتمدة في القضاء على السكنات والبنايات القصديرية المشوهة للولاية.