صوّت مجلس الأمن الدولي، أمس، على مشروع قرار لتجديد ولاية بعثة الأممالمتحدة المتكاملة متعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (مينوسما) لمدة عام، في ظل إخفاق فرنسا في تمرير اقتراح يرمي إلى زيادة قوام قوات هذه البعثة. شاركت فرنسا - حاملة القلم في مالي - مسودة النص الأولي مع أعضاء المجلس، عقب الإحاطة والمشاورات الفصلية للمجلس بشأن مالي التي عقدت في 14 جوان الماضي، حيث عقد اجتماع على مستوى الخبراء في نفس اليوم لقراءة مشروع القرار، أعقبته جولتان من المفاوضات، ليوضع ب«اللون الأزرق"، أمس الأول، في انتظار التصويت عليه. ويُحدّث النص ولاية "مينوسما" لتشمل دعم الانتقال السياسي لاستعادة حكومة منتخبة في أعقاب التغييرين بالقوة اللذين شهدتهما دولة مالي - في ظرف 9 أشهر - وذلك تعزيزا لدور البعثة الأممية التي تدعم أصلا عملية الانتقال، بناء على طلب من المجلس في أكتوبر 2020. ويؤكد مشروع القرار على أن الأولوية الاستراتيجية "الأساسية" لبعثة (مينوسما) هي دعم تنفيذ اتفاقية السلام والمصالحة لعام 2015 والانتقال السياسي، كما يدعو جميع أصحاب المصلحة الماليين إلى تسهيل الاستئناف والتحقيق الكامل للعملية الانتقالية وتسليم الحكم إلى السلطات المدنية المنتخبة، مع تجديد التأكيد على ضرورة احترام الفترة الانتقالية المحددة ب18 شهرا، وتاريخ 27 فيفري 2022 المحدد لإجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية. وكانت بعثة (مينوسما)، قد أنشئت بموجب قرار من مجلس الأمن في أفريل 2013، لدعم العمليات السياسية في مالي وتنفيذ عدد من المهام ذات الصلة بالأمن، وكلفت بدعم السلطات الانتقالية على العمل على استقرار البلاد، وتطبيق خارطة الطريق الانتقالية. وفي جوان 2014، كلفت البعثة من قبل مجلس الأمن، بالتركيز على ضمان الأمن والاستقرار والحماية للمواطنين، ودعم ومساندة الحوار السياسي الوطني والمصالحة والمساعدة على إعادة سلطة الدولة وإعادة بناء قطاع الأمن وتعزيز حماية حقوق الإنسان. فرنسا تخفق في رفع عدد القوات بالموازاة مع تجديد ولاية البعثة، يتضمن مشروع القرار أيضا، طلبا توجهت به فرنسا - حاملة القلم في مالي - للأمين العام للأمم المتحدة، ليقدم في موعد أقصاه 15 جويلية المقبل، اقتراحا مفصلا لزيادة محتملة في سقف قوات (مينوسما)، وذلك بعدما أخفقت في تمرير اقتراحها ذي الصلة على مستوى المجلس. فقد طالبت فرنسا في نسخة سابقة من مشروع القرار، بنشر 2069 عنصر إضافي من العسكريين وأفراد الشرطة إلى الحد الأقصى الحالي للبعثة البالغ 289 13 فرد عسكري و1920 فرد من الشرطة، لتحسين قدرتها على حماية المدنيين وتعزيز المصالحة في وسط مالي، واضطرت لسحب اقتراحها - عند وضع المشروع تحت الصمت - بعد تأكيد عدد من أعضاء مجلس الأمن على أن الأمين العام الأممي هو الشخص الوحيد المخول بتقديم اقتراح كهذا، وهو الذي لم يرد في تقريره الأخير ذي الصلة. ووفقا لمصادر مقربة من المجلس، فإن الولاياتالمتحدة قد أكدت أنها لن توافق على زيادة القوات ضمن الإطار الزمني للمفاوضات الحالية بسبب عملية الموافقة على الميزانية في الكونغرس. أعلى ميزانية يذكر، أن بعثة (مينوسما) تحصل على أعلى ميزانية من بين ميزانيات البعثات الأممية المنتشرة عبر العالم، بما قيمته 1,27 مليار دولار أمريكي، والرفع من عدد قواتها يعني بالضرورة الزيادة في حجم هذه الميزانية، وفقا للمتتبعين. وفيما يتعلق بدعم قوة مجموعة دول الساحل الخمس، الذي يشكل محل خلاف في مجلس الأمن، كونها غير تابعة للأمم المتحدة، وبخصوص الآلية الأكثر نجاعة التي يمكن اعتمادها لمساندتها في مهامها، توجه مشروع القرار أيضا بطلب إلى الأمين العام لتقديم تقريره القادم عن هذه القوة المشتركة بحلول 30 سبتمبر المقبل - بدلا من شهر نوفمبر - وتضمينه لخيارات تفصيلية وتشغيلية لحلول أكثر ملاءمة محتملة لدعمها. وتسعى فرنسا من خلال مطالبتها برفع قوام قوات حفظ السلام الدولية وتوفير المساعدة لقوة مجموعة دول الساحل الخمس، لسد الفراغ الأمني الذي سيترتب عن انسحاب قواتها المنتشرة في الساحل تحت لواء قوات "برخان"، خاصة بعد إخفاقها في حشد دعم كبير لعملية "تاكوبا" من حلفائها الأوروبيين. وكان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قد أعلن في 10 جوان الجاري، عن "تغيير عميق" في الوجود العسكري الفرنسي بمنطقة الساحل، حيث سيتم إنهاء مهام عملية "برخان" العسكرية، ليصير الوجود الفرنسي جزءا من القوة الدولية، "تاكوبا"، دون الإفصاح عن حجم القوات المقرر الإبقاء عليها في المنطقة. بحث عن مخرج وكانت باريس تدرس منذ أسابيع خفض تعداد قواتها المنتشرة في منطقة الساحل، في ظل الإخفاقات المسجلة ميدانيا وفي ظل الرفض الشعبي الواسع لتواجدها في المنطقة، حيث يتهمها السكان المحليون بزيادة الأوضاع الأمنية تأزما. وتنشر فرنسا حاليا في إطار عملية "برخان"، التي انطلقت صيف عام 2014، استكمالا لعملية "سرفال"، قرابة 5100 عسكري. وتعول كثيرا على نشر وحدات النخبة الأوروبية ضمن قوة "تاكوبا" الجديدة لتقاسم أعباء "الحرب على الإرهاب" في منطقة الساحل، التي خسرت فيها باريس، منذ بداية العملية العسكرية هناك 57 عسكريا وفقا للأرقام الرسمية.