انتهى المخرج السينمائي محمد شويخ من تصوير فيلمه الجديد «الأندلسي» بطولة محمد بن بريكي فريال حبيب ومليكة بلباي من إنتاج مؤسسة «عاصمة فيلم» والتي تديرها زوجة المخرج المخرجة أمينة بشير شويخ. العمل السينمائي الذي استغرق إعداده 3 سنوات يضفي لمسة خاصة على التاريخ في الفردوس الأندلسي المفقود والذي شهد تجربة فريدة في التعايش بين الأديان السماوية في مناخ ساده التآخي والتسامح، وفي محاولة لإسقاط أحداث الفيلم على ما يحصل من تناقضات في العصر الحالي خاصة منها الاقتتال والتصفيات الدينية والطائفية . يعود هذا العمل الفني الضخم إلى الواجهة بالمخرج والذي غاب عن الساحة السينمائية منذ 7 سنوات من خلال محاولة استلهام التاريخ بحثا عن مفاتيح لفهم الإشكالية الراهنة من الصراعات التي يعاني منها المجتمع الجزائري وإلقاء نظرة نقدية على الأحداث الراهنة. كما اخذ المخرج شويخ طابع الرواية المغاربية في سرد تفاصيل القصة من خلال حبكة قصصية لمساءلة الزمن الراهن وهو ما كان يطبع أعماله الفنية السابقة منها خاصة فيلم «يوسف وأسطورة النائم السابع» والذي أنتجه سنة 1993 عالج من خلاله الأحداث المأساوية التي ألمت بالجزائر في العشرية السوداء متنبأ باغتيال الرئيس محمد بوضياف. كما تروي أحداث فيلم «الأندلسي» والذي جاء ناطقا باللغة العربية الفصحى وهي تجربة فريدة من نوعها في السينما الجزائرية وهي قصة عائلات غرناطية مسلمة ويهودية التي هجرت من الفردوس الأندلسي بعد سقوط المدينة ونزحت إلى الضفة الجنوبية للمتوسط واستقر البعض منهم بمدينة مستغانم «أو مسك الغنائم» كما كانت تسمى آنذاك. كما تروي القصة تغريبة سالم بن أبي حمزة (الممثل الشاب محمد بن بريكي في أول دور بطولة مطلقة)، نجل آخر قادة مملكة غرناطة الذي يرافق الملكة عائشة (النجمة بهية راشدي) وابنها الأمير أبو عبدل (طارق حاج حفيظ) في رحلة تيه طويلة بحثاً عن ملاذ آمن من بطش الصليبيين الإسبان. ويضم الموكب النازح من الفردوس الأندلسي شخصيات مسيحية كوالدة سالم بن أبي حمزة، ماريا رودرغاز (أمينة لوكيل)، وأخرى يهودية كخياط الملكة إسحاق وزوجته سارة وابنتهما ماري. في «مسك الغنائم»، يجد كل هؤلاء على اختلاف أعراقهم وديانتهم ملاذاً آمناً في ضيافة ملك المدينة عبدلي (حسان كشاش)، ما يؤسس لتجربة تعيد إحياء تقاليد التعايش التي كانت سائدة في الأندلس. وفي سياق متصل اعتبر المخرج شويخ في تصريح لوكالات الأنباء الإخبارية أن فيلمه الذي أنجزه بفضل أبحاث قام بها في التاريخ القديم أن عمله ليس مجرد عمل تاريخي يعنى بسرد الأحداث، ولكنه نشيداً في التسامح بين الأديان وعملاً إنسانياً يثمن قيم التآخي والعيش المشترك». مشاهد الفيلم التي حملت توقيع مدير التصوير الشهير علال يحياوي رفيق درب شويخ منذ فيلمه الاول «القلعة» صوِّر بعضها في قصور حي القصبة العتيق في العاصمة الجزائرية، مثل قصر محمد باشا، وقصر خداوج العمياء، والبعض الآخر في قصر مشور في مدينة تلمسان (غرب البلاد). أما المناظر الخارجية فتوزعت بين ميناء تيبازة الساحلي (75 كلم إلى الغرب من الجزائر العاصمة) ومدينة «صفاقس» التونسية. وحرص العمل على إبراز فنون الطرب الأندلسي، مستعيناً بفرقة «جوهرة» الفنية في مشهد رقصة المشعوذ الذي تقمّص دوره المسرحي العراقي فاضل عباس، وبنجمة الفن الأندلسي الجزائرية زكية قارة تركي التي قدّمت وصلات من الطرب الغرناطي. العمل الجديد للمخرج شويخ يرمز الى التاريخ القديم للجزائر والحضارات التي مرت على ترابها من خلال طبع ميزة الفرد الجزائري والذي كان يميل للتعايش والتسامح والتآخي وهي من سمات المجتمع الذي استطاع بفضل تركيبته النفسية ان يتغلب على الأزمات بالرغم من الصراعات ويثبت وجوده. هدى حوحو