ترفض دائرة حمام ريغة أن يزجّ بها في دائرة النّسيان بعدما أشاد بها شاعر إلياذة الجزائر مفدي زكرياء بقوله: وحمّام ريغة بين الروابي تَرَنَّحَ طوع الهوى والتّصابي،ومنها استمدّ المجاهد عزما فراع الدُّنا بالعجيب العُجاب، فشموخها التّاريخي وعذرية تضاريسها جعلت منها فضاءً غير عادي، كسب عشّاق زائريها خلال مراحل متعاقبة من جهة، وموقعا حظي ببرامج تنموية شكّلت عودة متجدّدة ونشاطا اجتماعيا لا يزال بحاجة ماسّة إلى تفعيل قاطرة الاستثمار السياحي ضمن المنتجعات والمراكز الرياضية الكبرى بالنّظر إلى مرتفعاتها وعليل هوائها، الذي لا يزال يغازل عروسة زكار الأشم في رحلة البحث عن واقع جديدة بين الروابي. واقع تنتابه تحديات كبيرة ما فتئ سكان بلديات كل من حمام ريغة، عين البنيان، عين التركي، المنتخبون والمسؤولون المحليّون، يرفعونها لتحسين ظروف منطقة عبثت يد الإٍرهاب بها في سنوات الجمر، وإعادة الزينة لوجهها المشرق، من خلال برامج تنموية سطّرتها المصالح الولائية عبر مواقع عديدة بالمداشر عاينتها «الشعب»» أنجزت البعض منها في مناطق الظل ومشاريع جارية لإعادة الاعتبار للقطاع السياحي، الذي غاب منذ سنوات عن المشهد الاقتصادي والاجتماعي للمنطقة المعروفة بعاداتها وتقاليدها ونشاطها الحرفي خاصة بحمام ريغة. الحصن المنيع لم يتردّد أبناء دائرة حمام ريغة في التّمسّك بمناطقهم الأصلية، خاصة وأنّهم وجدوا السّند من طرف السلطات المحلية لتغيير ما يمكن تغييره وفق الأولويات المتاحة، وسبق لهم وأن ضربوا أروع الأمثلة في تحصينها والدّفاع عنها لتكون شامخة شموخ أعالي زكار بدءاً من انتفاضة ريغة 1901 بمنطقة تزي أوشير ببلدية عين التركي، التي قادها الثّائر يعقوب محمد بن عمر رفقة أبناء منطقته من عين البنيان وحمام ريغة ضد المستدمر الفرنسي، الذي هجّر السكان من أراضيهم ومساكنهم، وتركهم بدون مأوى بسبب هبتهم الثورية للدّفاع عن العرض والأرض، وكلّفهم ذلك الطّرد والنّفي إلى منطقة مرسيليا ثم مونبلييه ومنها إلى جزيرة كيان بكاليدونيا، يقول رئيس البلدية علي محمد وعضو مجلس الأمّة، أوعمر بورزق، أحد أبناء المنطقة. هذا الشّموخ صنعته منطقة حمام ريغة من بداية القرن العشرين إلى ثورتها المظفّرة، وقاده الأشاوس على قول الحاج سليمان الغول، المجاهد أسد الونشريس ورعين جبال زكار الأشم، الذي أكّد لنا أنّ المنطقة معروفة بتاريخها الثّوري، ولعلّ مكوث الأمير عبد القادر وإقامته لمصنع للأسلحة لمنارة حملها جيل الثّورة لجيل الاستقلال لتكسير شوكة الإرهاب الهمجي، الذي حاول تدمير هذه البلديات خاصة منطقة عين النسور التي خرّب فيها مستشفى لأمراض التنفس وهجّر سكان القرية، الذين استعادوا الناحية رفقة أسود الجيش الوطني الشّعبي، فتحصين المنطقة لازال قائما تحرسه عيون لا تنام، ترافقهم عمليات تنموية تحرص مصالح الدّائرة على تجسيدها عربونا لصمود السكان، ورغبتهم في تنشيط الواقع التّنموي وإعادة الرّوح لمخطّط الإنعاش المسطّر من طرف السّلطات الولائية ضمن برنامج تنمية المناطق الرّيفية. مداشر بعيدة عن التّنمية بين أشجار الزيتون التي عمّرت سنوات على امتداد استقرار السكان بين أحضانها، اختزلت متاعب هؤلاء في اجتياز هذه المسالك الوعرة التي تشقّها أودية، تقع دشرة بلونة بعين البنيان منهكة بسبب غياب التّهيئة، يقول أحد سكان المنطقة، الذي ينتظر عمليات تنموية تخرجهم من الظل إلى النور، فحاجة تدعيم الدشرة بالماء الشّروب وتوسيع شبكة الإنارة العمومية صارت ضرورة ملحّة، وهو نفس الانشغال الذي حمله سكان النخلة وواد الحمام. وفي رأي رئيس الدائرة، جمال براهمي، ورئيس المجلس البلدي، نور الدين بن تسدة، تجسيد العمليات الخاصة ببلونة، النخلة وواد الحمام سيفك العزلة عن العائلات التي ذاقت مرارة التّنقّل خاصة في فصل الشتاء، لكن مسألة توسيع الإنارة العمومية وتدعيم شبكة الماء الشروب تبقى مرهونة بتخصيص غلاف مالي، على اعتبار أنّ العمليات المبرمجة تخضع للأولوية التي يقترحها السكان، متعهّدا بتجسيدها في القريب العاجل. أمّا بخصوص مداشر قرى قربوس والمجمّع السكني عين الناموس، الفروج، المساعدية وبلول التابعة لبلدية عين التركي، فحزمة المطالب التّنموية المتعدّدة حسب الاحتياجات تباينت من منطقة إلى أخرى من شق الطرقات وتهيئتها، وإنجاز شبكة الصرف الصحي إمّا عن طريق التّوسيع أو إزالة مظاهر الحفر التقليدية وما لها من أخطار صحية مع إنجاز قاعة علاج. ويأمل شباب المنطقة في إنجاز ملعب جواري لإنقاذهم من الآفات والانحرافات الاجتماعية المتربّصة بهم من كل جانب بسبب العزلة، مثلما قال أحمد، سفيان وجمال التقيناهم في عين المكان بعدما رافقونا في متابعة هذه العمليات مع مشروع ملعب كرة القدم تمّ إنجازه بالمحاذاة مع النّصب التّذكاري لمكان انتفاضة ريغة بتزي أوشير بالبلدية، وقد خصّصت المصالح الولائية مبالغ مالية هامة، حسب ما أكّده لنا رئيس البلدية علي امحمدي، الذي طمأن السكان بتغطية كل النّقائص المتبقية، حسب ما وعد به الوالي خلال معاينته الميدانية لكن حسب الأولويات والإمكانيات المالية. وفي ذات السياق، فقد مكّنت عملية التّشخيص لمتاعب السكان بمنطقة الجبابرة حسب رئيس بلدية حمام ريغة، ميلود مقدم، من إحصاء بؤر المعاناة في عدّة ميادين، حرصت مصالح الدائرة على ضبطها، يقول سكان الجبابرة من خلال المعاينة الميدانية، لكن يبقى هاجس تعبيد الطرقات مطروحا رغم أنّ السكان تلقّوا وعودا ببرمجته ضمن مشاريع مديرية البناء والتعمير بالولاية. أما فيما يتعلق بالعمليات التي استفادت منها دشرة الجبارة ضمن مبدأ الأولويات التي حدّدها البرنامج الولائي، أوضح جمال براهمي أنّ تجديد شبكة الماء الشروب والصرف الصحي والإنارة العمومية بذات المنطقة، وكذا بحي سيدي علي مبارك مكّن السكان من التخلص من مآسي الغبن الذي طالهم منذ سنوات. المصدر: مجلة التنمية المحلية (بتصرف)