أكد بعض ولاة الجمهورية، أمس الأحد، في تصريحات لوكالة الأنباء الجزائرية، أن توجه الحكومة نحو تغيير نمط تمويل البلديات لجعلها تعتمد بشكل أكبر على مواردها الخاصة، سيسمح بتحفيز الاستثمار المحلي. قال بعض ولاة الجمهورية، على هامش الورشات المنعقدة في إطار اجتماع حكومة-ولاة، المنظم تحت شعار «إنعاش اقتصادي، توازن إقليمي، عدالة اجتماعية»، إن النمط المنشود من تمويل البلديات، الذي أكد عليه الوزير الأول أيمن بن عبد الرحمان، السبت، سيلزم رؤساء المجالس المحلية بالبحث عن مشاريع جديدة وجلب مستثمرين جدد تتيح لهم نشاطاتهم توسيع الوعاء الضريبي. واعتبر والي ولاية البويرة، لكحل عياط، مراجعة كل القوانين المتعلقة بالضريبة المحلية أهم شرط لتحقيق التحول من نظام تمويل البلديات المعتمد على الخزينة العمومية، الى نظام تمويل «ذاتي»، من خلال إصلاح الجباية المحلية ضمانا لدعم موارد مستدامة، مرورا بمراسيم جديدة تدعم تطوير هذه الجباية. وأضاف بأن هذا النوع من التمويل سيلزم البلديات بالاعتماد على مجهوداتها الخاصة في جذب الاستثمارات وتهيئة الظروف المناسبة لاستقرار المستثمرين في البلدية. وتابع عياط: «لابد من مرحلة انتقالية وتفكير واسع لدى مؤسسات الدولة قصد تنويع النشاط الاقتصادي على المستوى المحلي». أما والي ولاية أولاد جلال، المستحدثة خلال 2019، السيد بوراس عزيز، فتطرق للعجز الذي تعرفه المجالس المحلية في عديد المناطق، ما يستدعي التوجه نحو تثمين وتسيير أفضل للممتلكات المحلية والإسراع في اعادة النظر في كيفيات جلب الضريبة المحلية وتوسيعها. ويتأتى هذا، بحسبه، من خلال ميكانيزمات جديدة وإعادة النظر في بعض القوانين بعد نقاشات موسعة بين الأطراف المعنية. وثمن في هذا السياق، توجيهات الوزير الاول المتعلقة بخلق وتثمين الثروات المحلية، لاسيما من خلال إعادة النظر في الميزانيات البلدية وتسييرها بأساليب جديدة تستقطب المستثمرين الذي يشكلون وعاء ضريبيا جديدا بقيمة مضافة معتبرة. من جهته، يرى والي ولاية برج باجي مختار عبد العزيز عثمان، ان البلديات ملزمة بإيجاد مصادر دخل جديدة خارج إعانات الدولة، بحيث يكون لها تفكير جاد لإعادة تقييم الممتلكات وتحفيز خلق نشاطات جديدة. وينبغي، وفقه، وضع اسس هذا النمط من خلال النقاش، لاسيما حول ما يتعلق بالمناطق الصناعية ومناطق النشاطات. أما الوالي عن المقاطعة الإدارية الدبداب، عبد الوهاب زيني، فتأسف لكون البلديات بقيت بعيدة عن مهامها الأساسية بحكم حالة التسيير الكلاسيكية ووجود جباية محلية مهملة. ولمعالجة هذا الخلل، يوصي السيد زيني، بتثمين ما هو موجود لدى البلديات من أملاك وعقارات ووسائل، مشيرا الى انه سيكون للمجالس المنتخبة بعد 27 نوفمبر المقبل «الفرصة لإعادة النظر في دور البلدية، ما يسمح لها بالتحول نحو التمويل الذاتي بعيدا عن النمط الكلاسيكي خارج مساعدات الخزينة العمومية». وأضاف، بأن هذا التحول لابد أن يقوم على التشاور بين المسؤولين المحليين والمركزيين حول عدة محاور، خاصة ما يتعلق بالنصوص القانونية وتفعيل النصوص التطبيقية ووضع حلول واقعية بعيدا عن التنظير. مقاربة متعددة الأبعاد اعتبر المشاركون في اللقاء، أن الرؤية الجديدة في مجال التنمية المحلية في الجزائر يجب أن تتجسد عبر مقاربة «متعددة الأبعاد تتسم بالانسجام والشفافية» وتأخذ بعين الاعتبار البعدين الاقتصادي والاجتماعي. لدى تدخلهم في أشغال الورشة المخصصة ل»تكييف برامج التنمية المحلية: نحو مقاربة أكثر ابتكارية وتشاركية»، دعا المشاركون الى تثمين الموارد البشرية المحلية دون نسيان الموارد الطبيعية والأملاك المحلية. وألح المشاركون على ترقية النشاطات الاقتصادية المتوافقة مع طبيعة الأقاليم، من خلال دعم المؤسسات الاقتصادية المنتجة والخلاقة للشغل والثروة. لهذا الغرض، أكد المشاركون ضرورة مرافقة الجماعات المحلية في تنفيذ أحكام القانون العضوي المتعلق بقوانين المالية التي ترسي رؤية جديدة في مجال تمويل التنمية المحلية. وأبرز المتدخلون وجوب إعداد مخططات تنمية اجتماعية واقتصادية متعددة السنوات للولاية والبلدية، مع مراعاة ضرورة تثمين الإمكانات المحلية. واقترحوا أيضا إعادة تركيز المشاريع «حول أهداف متحكم فيها وواضحة المعالم» والقيام بإصلاح إجراءات تسجيل اعتمادات البرامج وتفويض الاعتمادات المالية لوضعها تحت سلطة الوالي على شكل عقود برامج متعددة السنوات. كما تم إصدار اقتراحات بخصوص الشق الاجتماعي والتي ترمي الى تحسين فعالية البرامج والأجهزة الاجتماعية لضمان الاستقرار الاجتماعي. ويتعلق الأمر بضمان المساواة في الحصول على الخدمات الأساسية (الصرف الصحي، المياه الصالحة للشرب، الكهرباء، الغاز، الاتصالات، الصحة، التعليم، التكوين، النقل، الرياضة والأنشطة الترفيهية...إلخ).