لا يمكن فهم الاقتصاد وحركته بدون سوق للتداول المالي. ولا يمكن للشركات أن تستثمر أو تنمو من دون وجود سوق مالي متحرك يُقيِّم رأسمال الشركات ويطرح بدائل عديدة للتمويل والاستثمار لتعزيز تنافسية الاقتصاد وحركة النمو. ومن كل هذا لاتزال الجزائر من دون بورصة حقيقة في عصر الرقمنة والتداول الؤلكتروني الذي يتيح للمستثمرين أن يندمجوا ويشتروا سندات وأسهم في بورصات عالمية كبرى بكبسة زر من الجزائر. إن بورصة الجزائر لا تزال واحدة من أصغر البورصات في العالم، برأسمال قانوني صغير لا يتجاوز 250 مليون دولار. تكمن أهمية البورصة في زيادة حجم الاستثمارات وجذب رؤوس الأموال الداخلية والأجنبية في شكل مساهمات للتخفيف من عبء المديونية الخارجية، والحفاظ على المدخرات المالية، حيث من شأنها زيادة معدل نمو الاستثمار في الاقتصاد، للأفراد الذين لا يستطيعون إقامة مشاريع استثمارية أين يمكنهم شراء أسهم وأوراق مالية على قدر أموالهم، وتحويلها نحو الاستثمار لا للاستهلاك، الأمر الذي يسهم في زيادة رؤوس الأموال للشركات والمؤسسات الاستثمارية، وبالتالي زيادة معدل نمو الاستثمار وزيادة معدلات التشغيل ومنه زيادة معدل النمو الاقتصادي، عبر توفير أموال جامدة لمن يحتاجها من المستثمرين عبر بيع الأسهم، لإقامة مشاريع استثمارية وهو ما ينعكس إيجابيا على الاقتصاد. بالمقابل، فإن طرح سندات الديْن العام للبيع بأرباح، يُسهم في تمويل مشاريع البنية التحتية دون الحاجة للاقتراض، وهو ما يجعل الخزينة العمومية في أريحية، كما تستطيع الدول إنجاز مشاريع خدمات بشكل سريع وحيوي، عبر تنفيذ السياسة المالية المقررة وسد العجز وتوفير السيولة وتعزيز حركية الاقتصاد. وتُسهم البورصة في الحد من التضخم ومعرفة مؤشر الأسعار الحقيقة للسلع، واتجاهات الاستثمار والسوق، كما تعكس مستوى أداء القطاعات الاقتصادية، والأداء المالي للمؤسسات الاستثمارية. إن الاقتصاد الوطني بحاجة إلى حركية فعّالة – ليس في البورصة فقط - في الإصلاح والهيكلة، بدءا من ترقية جودة التسيير والأداء التنظيمي (اللابيروقراطي)، إلى الرقمنة عالية الجودة والفعالية، مع تفعيل التبادل والتداخل القطاعي لبنية الاقتصاد، كما يجب استنفاد الجهود للاستفادة من الخبرات الداخلية والخارجية لتعزيز نمو حجم الاستثمار، وتعزيز موقع المعرفة والتكوين في كل المجالات الإستراتيجية لتحقيق النمو.