اختلفت مداخلات نواب المجلس الشعبي في اليوم الثاني من مناقشة مخطط عمل الحكومة، حيث ركز البعض منهم على المشاكل المحلية المنتشرة بالدوائر التي انتخبوا عنها، واستغلوا الفرصة لرفعها للوزير الأول والطاقم الحكومي المرافق له لايجاد حلول لها، ورافع البعض الآخر لعدة قضايا وانشغالات وطنية، مرتبطة بترقية الحكم الراشد، مكافحة الفساد، وتطوير الاستثمار، فيما ذهب البعض منهم إلى مطالبة الوزير الأول بتحديد الإجراءات والآليات الكفيلة بتطبيق مخطط عمل الحكومة، حتى لا تبقى مجرد وعود مكتوبة. لم ينل الوضع السياسي، حصة الأسد من النقاش، غير أن المداخلات التي صبت في هذا المجال كانت مركزة، وشددت على ضرورة ترقية الحكم الراشد، الذي يسعى إلى إرساءه رئيس الجمهورية منذ توليه سدة الحكم، وأكد النائب أحمد شريفي عن تكتل الجزائر الخضراء، في هذا السياق أن الحكم الراشد القائم على أساس المشاركة والشفافية والتداول السلمي للسلطة، قد غابت معانيه في ظل الاحتقان الشعبي، وتراجع ثقة المواطن في الإدارة بسبب انعدام الديمقراطية، مما اضعف مشاركته السياسية السلمية. وأعرب شريفي، عن أمله في أن يفتح مخطط الحكومة الأمل في الجزائر لبناء مؤسسات تعبر عن الإرادة الشعبية فعلا، داعيا من جهة أخرى إلى مراجعة قانون الجماعات المحلية، وتخفيف أشكال الرقابة التقليدية الشعبية الشاملة كما قال والتي جعلت حسبه عمال المجالس المحلية موظفين لدى المجالس المركزية، مما انعكس سلبا على ضعف المبادرة، وترتب عنه ضعف في تنفيذ المشاريع. بدورها، أكدت النائب باية جنان عن حزب جبهة القوى الاشتراكية أن تحسين الحكامة، لا يمكن أن يكتمل محتواه مادام أنه يعرض من القمة إلى القاعدة، مضيفة أن مخطط التنفيذ فقد أهميته من خلال البيروقراطية والرشوة المنتشرة في المؤسسات، مستدلة في هذا السياق بفتح بعض المناصب مقابل وجود آلاف الطلبات. وشددت جنان، على ضرروة تحسين العلاقة بيت السلطة المحلية والمواطن، بهدف تحقيق التنمية، داعية إلى فتح المجال أمام الكفاءات والإطارات التي تملك القدرة على الإبداع لتسريع وتيرة التنمية. من جهته، أكد النائب ارزقي درقيني، من نفس الحزب أنه لا تنمية دون ديمقراطية ومشاركة المجتمع المدني، معربا عن أمله في أن يمثل الشعب في المجلس المنتخبة بأحسن تمثيل وأن تعالج حاجاته بأحسن الوسائل. وعن مخطط عمل الحكومة، قال ذات المتحدث أنه «ليس المطلوب أن يكون مخطط الحكومة شاملا وكاملا لأن تلك الصفات تجعله صعب التنفيذ في بلادنا، بل يجب العمل على تحقيق التنمية التي لن تكون دون ديمقراطية». وعاد التشكيك مرة في نية الدولة في مكافحة الفساد، حينما تطرق النائب نور الدين بركاين عن جبهة القوى الاشتراكية، في مداخلته إلى أهمية الديوان الوطني لمكافحة الفساد الذي استفاد مؤخرا من مقر له بأعالي حيدرة، في وقت لم يقدم لحد الآن أي تقرير عن نشاطه، ولا أرقام عن الظاهرة التي اعترف الوزير الأول السابق باستفحالها على حد قوله، وذهب إلى أبعد من ذلك حينما قال أن محاربة الفساد دون هوادة لن يكون بمنح مقر للديوان الوطني لمحاربة الفساد، وانما بتوفر الإرادة السياسية لذلك. واقترح بركاين، في سياق متصل تفعيل مجلس المحاسبة باعتباره الهيئة العليا للرقابة، إذا كنا نبحث عن مصداقية حقيقية. من جهة أخرى، شكلت أزمة السكن للمرة الثانية، محور انشغالات العديد من النواب حيث طالب البعض منهم بإعادة بعث اللجان المحلية لتوزيع السكنات، وتقنين المساعدة العمومية على الايجار، وتشجيع السكن الريفي للسماح بعودة النازحين إلى قراهم، مثلما ذهب إليه النائب عبد الباقي طواهرية الملياني عن حزب جبهة التحرير الوطني في مداخلته، حينما دعا الحكومة إلى تقنين المساعدة العمومية على الايجار كونها اثبتت نجاعتها في العديد من الدول التي سبقتنا في هذا المجال، كما طالب بتقنين عملية التنازل عن عقود الايجار، لأن منعها أصبح ضربا من الخيال، وهي العملية التي قال أنها ستمكن الدولة من مراقبة سوق العقار، وتطهير قوائم المستفدين وتحيين بطاقية السكن. واقترح زميله محمد نوري، إعادة بعث اللجان البلدية المتكونة من ممثلي الشعب، لتوزيع السكنات، بدلا للجنة الحالية الممثلة من أعضاء أغلبهم موظفين إداريين يقطنون خارج مقر البلدية، كما طالب بإعادة النظر في شروط الحصول على السكن الاجتماعي الايجاري، برفع الدخل إلى 35 ألف دينار بدل 24 ألف دينار.